أكدت اللجنة الوطنية الاستشارية للترقية والدفاع عن حقوق الإنسان، بالتعاون مع الهيئة الوطنية لترقية وتطوير الصحة ”فورام”، في دراسة لها، أن نصف العاملات في القطاع العام، تعرضن للتحرش الجنسي. وتنديدا بهذه الظاهرة قررت رابطة حقوق الإنسان الدخول في وقفة احتجاجية سلمية نهاية جويلية الجاري في خنشلة. وأكدت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، في بيان لها أمس، على لسان الأمين الوطني المكلف بالملفات المتخصصة، هواري قدور، أن التحرش الجنسي ضد المرأة العاملة إرهاب من نوع آخر، يرفض المجتمع رفع الستار عنه، حيث صار كابوسا يقف في وجه طموح الكثيرات ويعرقل مسيرتهن المهنية، بل ويهدد حياتهن الخاصة والاجتماعية، وأوضحت أنه ظاهرة جديدة طرأت على المجتمع الجزائري في السنوات الأخيرة لم تكن موجودة من قبل، أو على وجه التحديد لم تكن شائعة أو تصل إلى حد الظاهرة التي تنذر بالخطر. وأشار المصدر إلى أنه بالرغم من أن القانون جرم الظاهرة إلا أن المادة القانونية التي لا تحمي الشاهد أمام المحكمة، لم تتمكن من توفير الحماية للجزائريات في أماكن العمل ولم تردع الممارسين لها، خاصة أن فعل التحرش لا يمكن أن يكون ظاهرا للعيان وعادة لا يكون شاهدا على الفعل إلا المجرم والضحية، ومن ثم يصعب كثيرا إثبات فعل التحرش الجنسي بالأدلة والوقائع، لهذا تفضل أغلب النساء الصمت عوض مواجهة هذا المشكل خوفا من الفضيحة وتبعاتها التي عادة ما تجرم المرأة وتحملها المسؤولية. ويرى المكتب أن اعتراف امرأة في مجتمع، كالمجتمع الجزائري أنها ضحية هذا النوع من التحرش يعني أنها ”سوف تعرّض نفسها للشبهة”، ليس لأنها تقول الحقيقة التي كتمتها في صدرها، بل لأنها قالت تلك الحقيقة في مجتمع منغلق، مستعد لإدانتها أولا وأخيرا. وأعلنت الرابطة عن تلقي مكتبها الولائي لولاية خنشلة شكوى من طرف عاملة في إطار الإدماج المهني ببلدية قايس بولاية خنشلة، حيث صرحت في الشكوى بأن الأمين العام لبلدية قايس تحرش بها، وأنها بعد تحرش الأمين العام بها اشتكت لرئيس المجلس الشعبي البلدي، إلا أنه لم يأخذ شكواها بعين الاعتبار، وهو ما زاد من مضايقات الأمين العام للبلدية لها، حيث إن الأمين العام للبلدية يأتي إلى مكتب عملها ويحدثها في أشياء غير أخلاقية ويضايقها أثناء دخولها وخروجها من مقر البلدية، وبعد فشله بكل السبل، لجأ إلى التهديد بتحويلها وفصلها، وقام بفصلها بتاريخ 08 جوان 2015 بمراسلة لا تحمل مرجعا أو رقم إرسال ممضاة من طرف رئيس البلدية، حسب المصدر. وأضاف البيان أنه بعد ذلك قام بتحويلها بتاريخ 21 جوان 2015 بمراسلة كذلك لا تحمل مرجعا أو رقم إرسال ممضاة من طرف رئيس البلدية. وكشفت الرابطة عن تنظيم المجتمع المدني وبتنسيق مع المكتب الولائي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان لولاية خنشلة مسيرة سلمية في يوم 28 جويلية 2015 للاحتجاج على هذه الواقعة ومحاربتها من جذورها. وأشادت بنضج المجتمع المدني لبلدية قايس للتعبئة ولإدانة العنف الممارس ضد النساء وعدم التساهل والتسامح مستقبلا مع مثل هذه السلوكيات. ونددت الرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بهذه الأفعال التي وصفتها ب”الدنيئة”، واعتبرت أن نهوض الجزائر وتحررها مرهون بتحرير المرأة ودعمها. وطالبت وزارة الداخلية والجماعات المحلية بإيفاد لجنة تحقيق على مستوى بلدية قايس للوقوف على الجرم. وأكدت أن فعل التحرش عادة ما يأتي من طرف المسؤول الأول في العمل، وهو ذو نفوذ على الضحية، وقد يزوّر الشهادات ويمارس ضغطا وتهديدا على الضحية التي تتحول إلى مذنبة مدانة من طرف المحيط والمجتمع إذا قررت أن تدافع عن نفسها.