اعتبرت السيدة سمية صالحي، رئيسة اللجنة الوطنية للنساء العاملات، أن قانون تجريم التحرش الجنسي بالمرأة العاملة بمثابة “المكسب الحقيقي لنضال المرأة الجزائرية، غير ان هذا المكسب لا بد له وان يدعم أكثر، خاصة المادة 341 مكرر التي تجرم فعل التحرش الجنسي ضد المرأة في أماكن العمل، والذي أقره وزير العدل حافظ الأختام في 2004، والعمل متواصل من اجل تحسيس أوسع وأوفى، بهدف تعديل نفس المادة وإثرائها من أجل توفير حماية أكبر للضحية والشاهد على السواء”. وتكشف النقابية سمية صالحي في حديث لها مع “المساء”، ان التحرش الجنسي بالمرأة العاملة يمثل “أهم المشاكل التي تعاني منها المرأة في مجتمعنا عموما، خاصة وان قضايا التحرش الجنسي طرحت بشكل متكرر وبشدة في كل الملتقيات واللقاءات التي أشرفت عليها اللجنة الوطنية للنساء العاملات التي نلت شرف رئاستها، والتي قامت بعدة حملات وطنية ضد ظاهرة التحرش وإثرها راسلت لجنة المرأة، السيد وزير العدل حافظ الأختام، لتجريم التحرش الجنسي ومعاقبة المتحرش”، وقد كان الرد ايجابيا “فتم في العاشر نوفمبر 2004 صدور في الجريدة الرسمية رقم 71 المادة 341 مكرر التي تجرم التحرش وتعاقب المتحرش، وكانت هذه المادة سلاحا ثمينا بيد الضحايا من النساء، وبالرغم من كونها مكسبا نضاليا ثمينا إلا أنها تبقى غير كافية كونها لا تعطي الحماية القانونية للشاهد ولا تعوض الضحايا عن الأضرار التي لحقت بهن”. ومن جملة المقترحات التي تسوقها النقابية، إدراج المادة المذكورة في الفصل المتعلق بحقوق الإنسان وليس في قانون العقوبات، أي مكانها الطبيعي في الفصل الأول وليس الثاني، لأن تعريف التحرش الجنسي يتم عادة إدراجه ضمن الجرائم التي تعد “إخلالا بشرف الأسرة والآداب العامة”، بمعنى انه يضر ويسيء بشرف الأسرة والمجتمع، “وهذا نعتبره نحن غير دقيق لأن جريمة التحرش تمس أولا وقبل كل شيء كرامة المرأة وكيانها وشرفها ووجودها كإنسان وكمواطن، كما أنها هي الضحية وليس الأسرة ولا المجتمع”، ويفهم من هذا انه ما زال ينظر إلى الظاهرة ك”طابو” تتحول المرأة بموجبه من ضحية إلى مجرمة تحمّلها بعض الأطراف مسؤولية شيء لا ذنب لها فيه “هناك رأي يسود لدى الكثيرين في مجتمعنا، مفاده أن المرأة كأنثى ان هي خرجت من المنزل فهي مباحة وهذه نظرة دنيئة وقاصرة بالرغم من كل التحولات الإيجابية التي سجلها مجتمعنا”، تقول المتحدثة، التي تؤكد ان خلية الإصغاء تكفلت بمتابعة ومعالجة أكثر من 1000 حالة عنف ضد المرأة في مجتمعنا، “ونؤكد من جهتنا أن ظاهرة التحرش الجنسي، استنادا إلى تجربة الخلية، تمس مختلف الأصناف والطبقات من النساء وعلى اختلاف مستوياتهن ودرجاتهن الاجتماعية والاقتصادية واتجاهاتهن الفكرية”، من جهة أخرى، تشير السيدة صالحي، إلى أن مسألة التحرش الجنسي لا تزال “حساسة جدا”، وهو ما يفسر قلة عدد القضايا في هذا الشق، تقول : “الأمر هنا نسبي ويختلف حسب اختلاف شخصية المرأة وقوتها وقدرتها على التحمل، ونحن نعلم أن أصحاب السلطة المسؤولين الرجال يختارون ضحاياهم بذكاء لمعرفتهم المسبقة بأن المرأة العاملة لديهم تكون متزوجة وتخشى الفضيحة وانهيار عائلتها ان هي فضحت تحرشاتهم بها، وحتى العاملة غير المتزوجة من جهتها تخاف من الفضيحة ونظرة المجتمع إليها، والنتيجة إما الصمت والخضوع أو اللجوء إلى النقابات العمالية أو مفتشية العمل التي تبقى الحليف الأساسي لنا، لأنها عادة تتعاون معنا بإعطاء كافة التفاصيل التي تجعل المرأة محيطة بحقوقها القانونية كعاملة وبالتالي تسهيل مهمة المتابعة القضائية ضد المتحرشين بها”. جدير بالإشارة، أن النقابية سمية صالحي تعد أحد الأسماء الفاعلة في إنشاء خلية الإصغاء عام 2003، والتي لعبت دورا كبيرا في إقرار المادة القانونية التي تدين وتجرم التحرش الجنسي، وهي اليوم ضمن فريق العمل الذي يرافع من اجل اثراء ذات المادة لضمان حماية أوسع للمرأة العاملة والمرأة الجزائرية عموما. كما ان خلية الإصغاء التي بادرت بتأسيسها منتصف العشرية المنصرمة، تضم مناضلات ونفسانيات وقانونيات، يتكفلن بحالات الانهيار والاكتئاب ومختلف الأمراض والأعراض العصبية الناتجة عن الضغوطات الناجمة عن ظاهرة التحرش، والتي قد تصل إلى حد الانتحار والإصابة بالأمراض الخطيرة مثل السرطان وتساقط الشعر والطفح الجلدي، وغيرها من الأمراض الناتجة عن الضغط.