امتزجت الطبوع الغنائية في ثاني سهرة من المهرجان الثقافي الدولي الصيف الموسيقي بالجزائر، حيث استمتع جمهور قاعة ابن زيدون بروائع الأغنية العاصمية الخفيفة والتي ادجاها مجموعة من الفنانين في مقدمتهم الفنانة الكبيرة نعيمة الدزيرية التي اثبتت علو كعبها وشعبيتها الكبيرة عند الجمهور. قام كريم بوغازي من تلمسان في الطابع التلمساني الخفيف من إعادة بعض الأغاني القديمة بأسلوب جديد تمكن خلاله من استمالة الجمهور الذي ردد معه الكثير من الأغاني وجال الفنان القادم من عاصمة الزيانيين، عبر أغاني متنوعة من شتى الطبوع الجزائرية كالشعبي، العاصمي وكذلك التراث، فلم تخلو من الأصالة رغم خفتها، زادها تمكنا موهبة الفنان التلمساني التي صقلت في مختلف جمعيات ومدارس الحوزي والأندلسي بتلك المنطقة المعروفة بأصواتها الراقية. بوغازي المنحدر من عائلة فنية خالصة، أمتع جمهوره ب ”ما جيتينيش وعلاش”، و”ألجي ألجي” أي (الجزائر، الجزائر) للمغني ليلي عباسي و”لالة يا لالة” لحسين لصنامي. من جهتها أطربت المطربة القبائلية نادية بارود الحاضرين، بعدد من الأغاني التي وشحت رصيدها الفني، إلى جانب تقديم أغنيتين كرمت فيها أيقونتي الأغنية الأمازيغية الراحلتين شريفة وحنيفة، وذلك ضمن اليوم الثاني من المهرجان الخامس الدولي ل”صيف الموسيقي بالجزائر”. واستهلت نادية بارود وصلتها الموسيقية بأغنيتها العاطفية الهادئة عنوانها ”ألمنام” بمعنى ”أيها الحلم”، وفيها مناجاة للحبيب وبوح لألم الفراق وحلم للقاء قريب، ثم تبعتها بأغنية للراحلة شريفة عنوانها ”ثخذعضيي أزين ألقاق” بمعنى ”خدعتني أيها الجميل”. ثم عادت نادية بارود لتؤدي واحدة من أنجح أغانيها عنوانها ”يلا ربي ربي” بمعنى ”الله موجود” وهي أغنية تدعو إلى ترك الأمور بيد الله وترجيح العقل وانه من يفعل الخير يجده ومن يفعل الشر يجده كذلك، ثم تمر لتغني طأنروح أنروح” بمعنى ”نذهب”. وختمت الفنانة برنامجها بتكريم للراحلة حنيفة بأغنيتها الشهيرة ”ذ راييو” بمعنى ”إنه إختياري” وهي قصة الفنانة حنيفة الحزينة، حيث تأسف لمصيرها التعيس، وهي أغنية تحبها الكثير من النسوة. ووفقت المطربة في اختياراتها الموسيقية التي خلقت أجواء راقصة وممتعة، استمتع بها الجمهور الذي توافد بقوة بقاعة ابن زيدون بديوان رياض الفتح بالجزائر العاصمة. وسافر الفنان إلياس قسنطيني بجمهور قاعة ابن زيدون بمختلف الطبوع الموسيقية الجزائرية، حيث اختار مجموعة من الأغاني الجزائرية التراثية التي صنعت الحدث ولا تزال ليومنا هذا مطلوبة بكثرة عند الجمهور. واختار الفنان استخبار ”أصل المحبة الوداد وكل شيء مقدر لوكان روحي بيديك نفديك ماشي خسارة يا صارة” ليخلق مع الجمهور بأغنية ”صارة” التي تغنى بجمالها وأخلاقها، جوا مميزا وردد معه كلمات الأغنية التي استحسنها وتفاعل معها بقوة، ليصدح بصوته عبر أغنية ”يا عشاق الزين” من التراث الموسيقي الأندلسي وأطرب الحاضرين ب ”يا عشاق الزين ساعفوا ياك القلب، دمعة الخدين في مدامع ديما سيالة” وعلى وقع التصفيق وزغاريد النساء، ليتبعها بباقة من الأغاني القديمة التي أعادها بأسلوبه الخاص وإعطائها لمسة عصرية وريتما موسيقيا جديدا، ومن بينها أغنية ” في همومك ذي العشية”، والتي تندرج ضمن الطابع القسينطيني. ومن القسنطيني انتقل إلياس إلى طبوع أخرى من بينها العاصمي، حيث قدم ”يا الله نعولو يا سيدي يا الله نعولو” والتي ألهبت القاعة وتراقص الجمهور على وقع أنغامها وريتمها الخفيف الذي تحبذه العائلات العاصمية التي كانت متواجدة بكثرة داخل القاعة، ليصنع بعدها جوا مغايرا تماما باستخبار ” تغربت وسكنت الجبال وقعدت وحدي براسي” والتي اختارها تمهيدا لأداء الأغنية المعروفة ”لاموني اللي غارو مني” بأسلوب متميز ومزج خاص بموسيقى الجاز، ليبلغ الحفل ذروته مع أغنية ”عشقت امرأة أندلسية” ومرافقة الجوق الموسيقي بطابع الفلامينكو، ليكون مسك الختام مميزا، حيث اختار أغنية من نوع المالوف بعنوان ”عرضوني زوج صبايا” استحسنها الجمهور كثيرا. وانتظر الجمهور اعتلاء نعيمة الدزيرية للخشبة لتنطلق الزغاريد والتصفيقات والرقصات في جو يثبت مكانة نعيمة عند الجمهور العاصمي، حيث أثبتت المطربة أن سجل أغانيها مهما مر عليه الزمن، سيبقى محفوظا في ذاكرة الجمهور. وبعد استخبار ”يعجبني في النوار السنبل والنسرين”، تسارع الريتم تدريجيا مع ”لله وين شفتو حبيبي” لكاتبه العميد الراحل محبوب باتي، لتعرج على ”المقنين الزين” للفنان الراحل محمد الباجي. وانتقلت بعدها نعيمة إلى العاصمي، حيث شذت بحنجرتها القوية ”سال تراش قلبي يعطيك خباروا” لمحبوب باتي، ووفقت نعيمة في منحها نفسا جديدا، والتي جعلت الجمهور ينتفض ويرقص على انغامها والزغاريد تتعالى في أرجاء القاعة.