ميزت السهرة الأولى من المهرجان الثقافي الدولي صيف الموسيقى بالجزائر في طبعته الخامسة، التقاء المدارس الثلاثة في الموسيقى الأندلسية، حيث استمتع جمهور قاعة ابن زيدون بروائع الصنعة ممثلة في مريم بلدي من الجزائر العاصمة وطابع الغرناطي الذي أداه ابراهيم حاج قاسم من تلمسان، في حين كان حمدي بناني في طابع المالوف مسك ختام السهرة. ملكت مريم بلدي جمهور قاعة ابن زيدون الذي جاء من كل أنحاء العاصمة والولايات المجاورة للاستمتاع بروائع الأغنية الأندلسية، حيث قدمت الفنانة المغتربة وصلات من الأغنية الجزائرية الكلاسيكية في طابع الصنعة، وهو الطابع الذي يمثل مدرسة الجزائر العاصمة ومنطقة الوسط. بعد التوشية التي قدمها الجوق الموسيقي النموذجي، استهلت خريجة المدرسة الموصلية مريم بلدي برنامجها الفني بأغنية ”يا قلبي خلي الحال” في لون الحوزي، ثم ألحقته بحوزي أخر ”قدك يسبي الروح والعقل”، ثم وصلته بأغنية في لون لعروبي عنوانها ”يا عشاق الزين” فختمته بخلاص ”وا عشية كأنها عقيان”. ثم قامت المطربة بأداء استخبار، تلته بأغنية ”يا اللايم علاش تلومني” وأردفت وصلتها ”أهل الأندلس تفهم بالإشارة”، وفي أخر أغنية أدتها وشح العازفون عرضها بعزف منفرد على عدد من الآلات، على غرار القانون والعود والموندول والكمان، ضمن غنائها شكل مزيجا بديعا لقي استحسان الجمهور الذي توافد سهرة الخميس بقاعة ابن زيدون بديوان رياض الفتح. وقبل أن تقدم أغنية في طابع لعروبي ”ثلاثة زهوة ومراحة”، قرأت مطلعا من قصيدة، ثم ختمت وصلتها بخلاص ”سلي همومك في ذي لعشية” وخلاص ثاني ”وجه الحبيب”. وقالت مريم بلدي بعد نهاية الحفل أنها تملك في رصيدها أربعة ألبومات، واحد منها لم يسوق ويضم طبوعا مختلفة من حوازة، والعاصمي ولعروبي والمالوف القسنطيني، كما أنها تؤدي أغنية الشعبي، وسبق لها الاشتغال مع الفنان نور الدين سعودي، في لشبونة البرتغالية. وأضافت مريم بلدي أنها بدأت مسيرتها الفنية في سن صغيرة لتتوقف بعدها لمدة 9 سنوات، ثم عادت بألبوم ثالث، وصدر لها ألبوم آخر نوبة زيدان الذي تم تسويقه في الجزائر وبفرنسا، وهذا الحفل الذي أحيته، سهرة أول أمس، هو الثالث بالنسبة لها في الجزائر. وكشفت مريم بلدي أنها أحيت حفلات كثيرة بفرنسا وتملك جمهورا من الجالية وكذا الأجانب الذين يحبون هذا الطابع، ولكنها تتمنى العمل أكثر في بلدها، وقد سبق لها ذلك من خلال إحيائها حفلتين في قاعة الموقار، وكانت لها مشاركة في المهرجان المغاربي بالقليعة مؤخرا، وصيف الموسيقى بالجزائر هو المهرجان الثاني الذي تشارك فيه هذه السنة بالجزائر. وأطرب فنان الحوزي ”إبراهيم حاج قاسم” في فقرته الجمهور بباقة من الأنغام الأندلسية، رحلت بعشاق هذا اللون عبر شتى ألوان هذا النوع من الموسيقى الجزائرية، وارتأى الفنان ”إبراهيم حاج قاسم” أن يجول خلال فقرته الموسيقية التي قدمها في افتتاح سهرات مهرجان ”الصيف الموسيقى بالجزائر 2015”، بين شتى الطبوع الأندلسية، ولم يبخل على الجمهور الحاضر حين عرج على المدائح الدينية المعروفة. واستهل الفنان سهرته بقصيدة من ديوان محمد ندرومي عرف بها كذلك ”الحاج محمد الغفور ” الموسومة ب ”يا لايمني في ليعتي”، وجال ”حاج قاسم” بمسامع من حضر في أرجاء المغرب العربي، عبر أداء قصيدة ”يا ظريف الليل أجيني”، ”يا شمس العشية”، و”سلبت ليلى””. وفي ختام فقرته قدم ”إبراهيم حاج قاسم” باقة من المديح الديني على غرار قصيدة من ديوان الشيخ العلوي ”أهل الله”، و”اللهم صلي وسلم على حبيبنا محمد”. وكان ختام السهرة مسكا مع صاحب الكمنجة البيضاء الفنان حمدي بناني الذي استهل سهرته باستخبار ”متى يا كرام الحي عيني تراكم، وأسمع من تلك الديار نداكم، أعبر على الأبواب من غير حاجة لعلي أراكم وأرى من يراكم، سقاني الهوى من الحب صافيا فيا ليته لما سقاني سقاكم”، بهذا الاستخبار رحب حمدي بناني بجمهور قاعة ابن زيدون، حيث استمتع الجمهور العاصمي بمجموعة من الروائع التي شذا بها حمدي بناني حيث قدم أغاني في طابع المالوف منها ”باهي الجمال”، ”بالله يا حمامي نرسل معاك كتاب، لمن يهوى غرامي، ورد منهم جواب”، فتغنى بالحب والشوق والفراق، بكلمات تفاعل معها الجمهور بقوة، خصوصا وأن حمدي بناني بملك طريقته الخاصة في إثارة الجمهور. وكان صاحب الكمنجة البيضاء مسك ختام السهرة الأولى من المهرجان، واستطاع إضفاء لمسته الخاصة مثلما هو معروف عنه، حيث أعطى لمسة حديثة ومزج الأغاني القديمة بالموسيقى العصرية، وأداها بناني بأسلوبه الخاص الذي أعجب الجمهور العاصمي خصوصا العائلات التي كانت جالسة في الصفوف الأمامية، حيث تعالت الزغاريد بقاعة ابن زيدون، خاصة مع اعتلاء مريم بلدي وإبراهيم حاج ناصر، الخشبة برفقة بناني في الشق الأخير من السهرة، حيث أدوا أغنية ”وحد الغزيل” و”قم ترى” والتي تعبر من روائع الموسيقى الأندلسية الجزائرية.