”نواجه مستقبلا كونيا غير مأمون ويجب أن نتحصن بقيم ديننا” دعا رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، كل الجزائريين إلى ”تفويت الفرصة على كل المتربصين باستقرار البلاد والدفع بها نحو المجهول”، وحيّا أفراد الجيش الوطني الشعبي على الجهود الجبارة من أجل حماية حدود الوطن ومحاربة فلول الإرهاب واجتثاث جذوره، وضمان شروط بسط السكينة واستتباب الأمن والطمأنينة في سائر ربوع الوطن.
قال الرئيس بوتفليقة، في رسالة بمناسبة إحياء اليوم الوطني للمجاهد، قرأها نيابة عنه بقسنطينة، وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، إنه في مثل هذا اليوم من كل عام يحيي الشعب الجزائري اليوم الوطني للمجاهد، الذي يقترن بتخليد ذكرى كل من هجومات يوم 20 أوت 1955، بالشمال القسنطيني، التي قادها الشهيد زيغود يوسف، ونجاح قيادة الثورة في عقد مؤتمرها بوادي الصومام، بإيفري أوزلاڤن، في 20 أوت 1956، مضيفا أن ”كلا هذين الحدثين حجة موثوقة عن تنامي الوعي واستكمال النسق ضمن تلك الحيوية التي كانت تعمل من خلالها الطلائع المقاتلة على الجبهتين الداخلية والخارجية في اتساق مع حركة التاريخ لفرض توازن جديد في العلاقات بين الدول والشعوب”. وجدد الرئيس بوتفليقة ”تمسك الجزائر بمشروع بناء صرح المغرب العربي في كنف الوفاء لتلك القيم السامية التي جمعتنا إبان مكافحتنا للاستعمار، قيم الحق والحرية والوحدة والتقدم المشترك”، وقال إن تاريخ 20 أوت يرمز لتضامن الشعب الجزائري الأبي مع أشقائه في المملكة المغربية، وتابع ”أغتنم هذه الفرصة لأؤكد باسم الشعب الجزائري تمسك الجزائر بمشروع بناء صرح المغرب العربي في كنف الوفاء لتلك القيم السامية التي جمعتنا إبان مكافحتنا للاستعمار، قيم الحق والحرية والوحدة والتقدم المشترك”، مؤكدا أنه في مثل هذا اليوم، ومنذ 1953، و”الشعب الجزائري يقاسم شقيقه الشعب المغربي في التنديد بالاعتداء الذي استهدفه من طرف قوات الحماية والاحتلال في حق ملكه الهمام المجاهد الرمز محمد بن يوسف، الملك محمد الخامس، الذي نفي من وطنه هو وأسرته، بما فيها ولي عهده آنذاك الحسن الثاني، طيب الله ثراهما وأسكنهما فسيح جنانه مع الصالحين، وجاء ذلك في زمن كان فيه رواد الثورة الجزائرية يحضّرون لهبّة للشعوب المغاربية كلها من أجل استئصال الاستعمار من جذوره”. وواصل الرئيس بأن ”من محن إلى بطولات أدت إلى رجوع الملك محمد الخامس إلى وطنه مجسدا انتصار ثورة الملك والشعب، وعاد الزعيم بورقيبة إلى وطنه مكللا بالنصر المبين، وتزامنت هذه الوقائع مع الشعور المشترك لشعوب المغرب العربي بأن مسارها كمصيرها واحد في السراء والضراء، وكانت كلها منسجمة مع رجوع كل منهما إلى بلده، ومن ثم بدأت تجتمع شروط ثورة مغاربية جماعية تكتب صفحة أخرى مباركة في تاريخ القارة الإفريقية والوطن العربي”. وفي سياق آخر، دعا رئيس الجمهورية كل الجزائريين إلى تفويت الفرصة على كل المتربصين باستقرار البلاد والدفع بها نحو المجهول، وقال ”أهيب بكل بنات وأبناء وطننا أن يقفوا صفا واحدا لتفويت الفرصة على المتربصين باستقرار بلادنا والدفع بها نحو المجهول”، مضيفا أنه ”لا مندوحة لنا ونحن نواجه مستقبلا كونيا غير مأمون، من أن نتحصن بقيم ديننا السمح ونستلهم من فضائل ثورتنا المباركة وتضحيات شهدائنا الأمجاد، العبر والمعاني الخالدة، ذلك أنها الفضائل التي ناصرت الحق على ضعفه فأزهق الباطل على جبروته”. ودعا رئيس الجمهورية الشعب إلى رصّ الصف الوطني لمواجهة مخاطر الإرهاب ”المدمر والهمجي”، وقال إنه ”دفاعا عن وطننا وحريتنا، يتعين علينا جميعا أن نرصّ أيضا صفنا الوطني في وجه مخاطر الإرهاب المدمر والهمجي الذي لا يعرف لا الحدود ولا الأوطان”، وإن ”مثال المجاهد الذي نحيي يومه الوطني يستوقفنا جميعا، نحن وكافة المواطنين والمواطنات، مهما كانت مشاربهم ومناهلهم السياسية، لنقف في صف واحد منيع، ورباط وثيق، في وجه التخلف بكل أنواعه، وفي مواجهة الإحباط والتشكيك واليأس، بالأمل والثقة في النفس، والتحدي الإيجابي لكل الصعاب الاقتصادية التي تجتاح المعمورة اليوم”. ولم يفوّت بوتفليقة الفرصة للحديث عن الدخول الاجتماعي والجامعي والمدرسي، وأبرز أنه ”لا يفوتني ونحن على أبواب دخول مدرسي وجامعي لعام مبارك جديد، وعودة بناتنا وأبنائنا ومؤطريهم وأساتذتهم إلى معاقل العلم والمعرفة والتكوين المهني، وكذلك بالنسبة للدخول الاجتماعي لعاملاتنا وعمالنا الكادحين في سبيل رقي وطنهم وسؤدده، أن أعرب لهم جميعا عن تقديري لجهودهم المباركة وأحثهم على تزكية عملهم بمزيد من الجهد والكد والتحصيل وحماية مكاسب الأمة المعنوية والمادية بما يحقق للجزائر العزيزة القوة والمناعة والتقدم والرفاه”، مؤكدا أن ”الجزائر أمانة ووديعة ومسؤولية الجميع، يؤجر من خدمها في الدنيا والآخرة بأحسن ما وعد الله به العاملين والشهداء”. وخلص رئيس الجمهورية إلى القول ”ونحن إذ نخلد هذه الذكرى التي يعتز بها الشعب الجزائري ونحتفي بأبطالها الذين استرخصوا أرواحهم في سبيل انتزاع الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية، فإننا نتوخى إبراز ما تزخر به هذه المناسبات التاريخية من قيم ومعان تنير أذهان الأجيال الصاعدة بما تطفح به من دلالات عميقة وأبعاد سامية لإذكاء مشاعر الاعتزاز بأمجادنا”، موجها تحية ”التقدير والتبجيل” إلى ”رفقاء درب الكفاح الوطني”، وكذا تحية ”إكبار وإجلال” لأفراد الجيش الوطني الشعبي وإلى أفراد مختلف الأسلاك الأمنية على ما يبذلونه من جهود جبارة في سبيل الوطن، من حماية حدود الوطن ومحاربة فلول الإرهاب واجتثاث جذوره، إلى ضمان شروط بسط السكينة واستتباب الأمن والطمأنينة في سائر ربوع الوطن”.