- 8 ملايين تلميذ يكلفون الخزينة العمومية سنويا قرابة 800 مليار سنويا - ربع الجزائريين حققوا حلم التعليم ونحو 4 ملايين افتكوا الباك منذ الاستقلال إن فتح ملف قطاع التربية يقودنا دائما إلى التفكير في أبرز المشاكل التي يتخبط فيها يوميا ويتبادر إلى ذهن كل واحد منا أن هذا القطاع عقيم، مساوئه وسلبياته أكثر من إيجابياته، وطيلة الست السنوات التي أتابع فيها القطاع والتي ركزت فيها على نقل أهم الهفوات وجملة النقائص المسجلة في مختلف الولايات من عدم تكافؤ الإمكانيات وتراجع مستوى التلاميذ والتسرب المدرسي، ناهيك عن طرد سنويا ما يزيد عن 500 ألف تلميذ، ونقص الأساتذة في المناطق النائية في ظل اتساع ظاهرة التخلي عن الدراسة، خاصة من طرف الإناث، في مناطق معزولة عن العالم، ونحن في العام 2015 وبعد 53 سنة من الاستقلال.. كل هذه المشاكل وآلاف المشاكل الأخرى إما البيداغوجية أو المهنية التي تثور ضدها النقابات والتي تضع في كل مرة هذا القطاع على المحك.. لن تمنعنا من تسليط الضوء على جهود الدولة وعلى حرصها على تطوير هذا القطاع الذي خصصت له قسطا هاما من الإمكانيات والثروة الوطنية بحيث مكن ذلك أزيد من 8 ملايين تلميذ من حق التعليم التي الذي أرادته الحكومة الجزائرية أن يكون بالمجان، باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق أي تطور في أي ميدان كان، فتمكنت بذلك بتحقيق ما لم تحققه عدة دول عربية وإفريقية. أكثر من 8 ملايين تلميذ.. قرابة 700 ألف موظف.. قرابة 26 ألف مؤسسسة مؤسسة مدرسية.. ميزانية سنوية تفوق 789 مليار دينار جزائري (أكثر من 696 مليار دج للتسيير وأكثر من 93 مليار للتجهيز)، أرقام مذهلة تبين ضخامة قطاع التربية الذي يعد أحد أكبر مراكز الإنفاق في ميزانية الدولة وأكبر مستقطب للموظفين وهو يشتمل على أكبر حظيرة للمرافق والهياكل بالجزائر تجعل الجزائر نموذجا لا محالة للتنمية الاجتماعية ولم لا حتى الاقتصادية، بغض النظر عن الأزمة التي ستعكر استقرار مؤسساتها، وكل هذا بفضل تكريس ”مجانية التعليم” الذي مكن نحو 4 ملايين جزائري من تحقيق حلم البكالوريا منذ الاستقلال. نعم ”مجانية التعليم” هي حقيقة وليست زيفا، حيث سعا الغيورون على هذا البلد إلى تجسيد هذا المسعى الذي يعتبر أبرز المطالب الأساسية للثورة الجزائرية، قبل أن يتحول إلى حق شرعي لكل طفل جزائري، حق سمح بتضاعف عددهم أكثر من 12 مرة منذ الاستقلال، بعدما كان لا يتجاوز 8 آلاف، حيث تجاوز حاليا الرقم 8 ملايين، ليتمكن بذلك ربع الجزائريين من تحقيق حلم الذهاب إلى المدرسة والوصول إلى الجامعة، نموذج أرادت عدة دول عربية تحقيقه، بالنظر إلى أهمية التعليم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. إنقاد 4 ملايين تلميذ من شبح الأمية في هذا الصدد أكدت مديرة الأنشطة الثقافية والرياضية والنشاط الاجتماعي، تسعديت صايب، أن ”التعليم المجاني” يعتبر مفخرة للدولة الجزائرية، وشددت على اهتمام الجزائريين بأن يعود ذلك، معتبرة أن ما تحققه من إمكانيات لم تحققه أي دولة، حيث تضمن توفير كل الضروريات لأزيد من 52 بالمائة من التلاميذ، من منح كتب بالمجان ووجبات بالمجان وغيرها من الإمكانيات. وسلطت المتحدثة الضوء على المنح المدرسية بالقول تعطى المنحة للتلاميذ الذين يتابعون دراستهم بانتظام في مؤسسات التعليم المتوسط، والثانوي والداخليات الابتدائية الذين تتوفر فيهم شروط معينة، حيث تخصص منح الكفالة أو نصف الكفالة للتلاميذ أولاد البطالين والذين تقل أجورهم عن 20 ألف دج، ويخفض مبلغ المنحة بنسبة 50% للتلاميذ الذين يكون لأوليائهم دخل شiري صاف يتراوح مجموعه بين ضعفي الأجر الوطني الأدنى المضمون ونصف وثلاثة أضعافه، حيث ترفع iذه الحدود الدنيا ب1000 دج في السنة عن كل طفل في الكفالة ابتداء من الطفل الثاني دون أن تفوق iذه الزيادة 3000 دج. هذا وتحدثت أيضا عن المنحة المدرسية الخاصة 3.000 دج للأطفال المتمدرسين المحرومين المسجلين في المؤسسات التابعة لوزارة التربية الوطنية، وكل معوق متمدرس في المؤسسات التربوية المتخصصة. كما يستفيد من هذه المنحة كل من اليتيم ”ابن أو بنت ضحية الارiاب”، المعوق، المنحدر من عائلة محرومة، من لا يتوفر أولياؤه على أي دخل أو iم بصدد فقد حقوقiم على مستوى منظومة التأمين عن البطالة، من يقل دخل أوليائه الشiري عن ثمانية آلاف دينار، حيث يستفيد منها سنويا أكثر من 3 ملايين معوز، بقيمة مالية اجمالية وصلت إلى 9 ملاييردينار. نحو 270 مليون سنويا تعود لخزينة الدولة من أموال منحة المعوزين والأدهى من ذلك وحسب ذات المسؤولة فإن الوزارة تسجل سنويا عدم صرف سنويا كل المبالغ التي تحول للولايات، ففي كل سنة يحصى عدد كبير من أولياء التلاميذ الذين لا يأخذون منحة 3 آلاف دج، حيث في الموسم الماضي صرف منها نسبة 97.02 بالمائة، و(ولايات صرفت فقط نسبة 70 بالمائة منها، ما جعل الوزارة تقرر منح الأموال المتبقية للمناطق التي صرفت أموالها بالكامل وهي ما تزال بحاجة، مشيرة إلى أنه خلال هذه السنة ورغم إطلاق عملية إحصاء المعوزين في شهر مارس الماضي واتخاذ كل الإجراءات في جويلية من أجل توزيع هذه المنحة، إلا أن الأولياء لا يزالون لم يتجهوا من أجل الحصول عليها، ما جعل الوزارة تقرر إعطاء مهلة إلى غاية نهاية سبتمبر قبل تحويل الأموال إلى الخزينة العمومية. وفي إطار دعم التمدرس الذي تقدمه الدولة، أشارت صايب تسعديت إلى الصحة المدرسية من خلال توفير 1.322 وحدة صحية مدرسية لفائدة أكثر من 7 ملايين تلميذ، حيث تسهر طيلة الفصل الأول من كل موسم دراسي على فحص المتمدرسين لكشف كل الأمراض، قبل أن يتم الشروع في مداواة المعنيين في الفصل الثاني، ناهيك - حسبها - عن مجانية الكتاب المدرسي لفائدة 4.298.895 تلميذ مستفيد (أي 50 بالمائة من العدد الإجمالي)، أي لكل تلاميذ التحضيري والسنة الأولى، والمجان للمعوزين لذين يستفيدون أيضا من المحفظة بكل اللوازم المدرسية التي تمنح أيضا لفائدة أبناء عمال القطاع. كما تضمن الوزارة الألبسة المدرسية لأكثر من 1.3 مليون تلميذ مستفيد، والنقل المدرسي، حيث يتم الاجتهاد من أجل التكفل بجميع التلاميذ الذين يتطلبون النقل المدرسي وذلك بالاشتراك مع القطاعات الوزارية المعنية، في محاولة للحد من التسرب المدرسي رغم النقائص التي تشهد في هذا المجال بسبب البلديات المفلسة وغيرها من المشاكل. أما عن المطاعم المدرسية فهو فضاء بيداغوجي معمم لكافة التلاميذ المتمدرسين في التعليم الابتدائي، حسب المتحدثة، التي أكدت أنه من أجل تحقيق المساواة ومهما كانت الطبقية تم اتخاذ هذا القرار، في حين أن في المتوسط والثانوي فهو يرتكز على حسب دخل الأولياء، حيث يلزمون بدفع مبلغ رمزي، حتى بالنسبة للمعوزين، والذين يغطون النفقات الضرورية من خلال المنحة التي تخصص لهم. ومن خلال هذه الأرقام فإن ”مجانية التعليم” ساهمت وبشكل كبير في تراجع الأمية وأعطت دفعا قويا لعجلة التنمية الاجتماعية بعد أن حدد الدستور الجزائري المبادئ التي تحكم النظام التربوي الجزائري، من خلال التركيز على أن التعليم من صلاحيات الدولة وحدها، حيث ترصد له جزءا كبيرا من ميزانيتها على ألا تتحمل العائلات نفقات تمدرس أبنائها ما عدا ما يتعلق بالكتب المدرسية التي تباع بسعر مدعم من الدولة، الذي اعتبرته صايب تسعديت إجراء نادر في العالم بأسره، وبالتالي تضمن الدولة الحق في التعليم لكل جزائرية وجزائري دون تمييز قائم على الجنس أو الوضع الاجتماعي أو الجغرافي. قوانين صارمة لردع الأولياء الرافضين تدريس أبنائهم مع وقف التنفيذ ومن أجل التعليم الإجباري لجميع الفتيات والفتيان البالغين من العمر ست (6) سنوات إلى ست عشرة (16) سنة كاملة، وفي ظل إعطاء الدولة حرية تمديد مدة التمدرس الإلزامي بسنتين (2) للتلاميذ المعوقين، كلما كانت حالتهم تبرر ذلك، قررت الدولة فرض عقوبات على الآباء بتطبيق هذه الأحكام، حيث يتعرض الآباء أو الأولياء الشرعيون المخالفون لهذه الأحكام إلى دفع غرامة مالية تتراوح من خمسة آلاف (5.000) دج إلى خمسين ألف (50.000) دج، غير أن المؤسف أن القوانين موجودة والتطبيق غير موجود من طرف المسؤولين المحليين. ومن أجل تحقيق أفضل النتائج تم خلق التعليم والتكوين عن بعد، حيث يتولى الديوان الوطني للتعليم والتكوين عن بعد منح تعليم لفئة من الجمهور لم تتابع دراستها بشكل عادي حضوريا، لأسباب مختلفة، اعتبارا لمهامه، عرف الديوان في السنوات الأخيرة إقبالا كبيرا من المتعلمين، حيث بلغ عددهم في الطورين المتوسط والثانوي 480.000 مسجل من بينهم أكثر من 33.000 متعلما محبوسا، وهكذا فإن التزايد السريع لعدد المسجلين أدى إلى تحويل شبكة المراكز الجهوية إلى مراكز على مستوى الولايات، بفتح هذه المراكز في كل من ولايات تمنراست وباتنة والوادي وعين الدفلى وتيسمسيلت وسوق أهراس، وفي إطار الدعم البيداغوجي لتلاميذ السنة الثالثة ثانوي بولايات الجنوب الكبير (أدرار، تمنراست، تندوف، ورڤلة وإليزي) كافة الولايات، ثم بعد ذلك أتاح الديوان لهؤلاء التلاميذ الدخول مجانا في بوابته توجيهات بيداغوجية. وكشفت الوزارة عن استراتيجية لمحو الأمية المسطرة للفترة 2007-2016 بتسجيل أكثر من 3.5 ملايين دارس خلال الفترة 2007-2014 لكل المستويات، حيث تمثل الإناث 87% من المعدودات الإجمالية، بلغ عدد الدارسين الذي تخلصوا من الأمية في نهاية 2014، أكثر من 2 مليون شخص. وسمحت هذه العملية بتخفيض نسبة الأمية التي انخفضت من 22.3% سنة 2008 إلى 51.51% في نهاية 2014. وتجدر الملاحظة أن الدارسين بالمناطق الريفية أكثر إقبالا، حيث نجد سنة 2013-2014 تقريبا 50% من المسجلين، آخذين في الحسبان الكثافة السكانية، ويتكفل الديوان الوطني لمحو الأمية وتعليم الكبار أيضا بالأشخاص المحبوسين، إذ يمنح التعليم عن بعد ل8.130 دارس من بينهم 955 دارسة، مع تخصيص 25.713 مدرس من بينهم 22.363 مدرّسة. هذا ووضعت وزارة التربية تنظيمين لمعالجة صعوبات التعلم الملاحظة عند التلاميذ، ويتعلق الأمر بالمعالجة البيداغوجية وبالتعليم المكيف، للذين يعانون عجزا في الاكتساب وتبدو عليهم صعوبات تعتبر ”خفيفة” في نشاط أو أكثر للتعليمات الأساسية؛ في حين يوجه التعليم المكيف للتلاميذ الذين يعانون من تأخر دراسي عميق وإجمالي. وطبقا للمستجدات في علوم التربية وتوصيات منظمة اليونسكو، يقوم قطاع التربية الوطنية بالتعاون مع قطاع الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات وقطاع التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، كل فيما يخصه، بضمان خدمات خاصة للتلاميذ من ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة، يتعلق الأمر بالتلاميذ المتأخرين دراسيا، والتلاميذ الماكثين في المستشفيات مدة طويلة والتلاميذ ضعيفي البصر والتلاميذ ضعيفي السمع، إلخ. وفي هذا الإطار، تم تحضير ملف يتضمن استراتيجية شاملة لضمان خدمات طبية نفسية بيداغوجية لهذه الفئة من التلاميذ بالتعاون مع مختلف الشركاء. مكفوفون أو معاقون ذهنيا وحركيا كلهم في مدرسة واحدة وبأقسام خاصة فيما يخص التلاميذ المتأخرين دراسيا، تقوم الوزارة التكفل بالأطفال الماكثين في المستشفيات مدة طويلة، حيث فتحت أقسام بالمستشفيات والمراكز الاستشفائية لضمان مواصلة الدراسة للتلاميذ المرضى أثناء مقامهم بالمستشفى ومساعدتهم على إعادة الاندماج في الوسط المدرسي بعد إنهاء العلاج. في 2013-2014 فتح 36 قسما بالمستشفيات والمراكز الاستشفائية عبر 9 ولايات، وبلغ العدد الإجمالي للتلاميذ المستفيدين من هذا التنظيم 464 تلميذ من بينهم 275 تلميذ في التعليم الابتدائي و189 تلميذ في التعليم المتوسط. هذا ويتم التكفل بالتلاميذ الذين يعانون نقصا حسيا، وتم فتح أقسام مدمجة في المدارس الابتدائية والمتوسطات لاستقبال التلاميذ ضعيفي السمع (الصم البكم): هناك 413 تلميذا عبر 12 ولاية (140 في الابتدائي و173 في المتوسط)، كما تم فتح أقسام مدمجة في المدارس الابتدائية والمتوسطات لاستقبال التلاميذ ضعيفي البصر (المكفوفين): هناك 179 تلميذ عبر 7 ولايات (122 في الابتدائي و57 في المتوسط). وأكدت وزارة التربية على التكفل بالتلاميذ الذين يعانون من التريزوميا والمعوقين ذهنيا، حيث تم فتح أقسام مدمجة في المدارس الابتدائية للتلاميذ الذين يعانون من التريزوميا والمعوقين ذهنيا، بالتنسيق مع الجمعيات التي تنشط في هذا المجال في إطار التربية الجامعة، حيث تساهم المدرسة بتوفير الأثاث المدرسي وتضمن الجمعيات التأطير البيداغوجي المتخصص. وهكذا، تم فتح 63 قسما تستقبل 490 طفل يعاني من التريزوميا وإعاقة ذهنية خفيفة، بالمدارس التابعة لوزارة التربية الوطنية عبر 9 ولايات، حيث يتولى تأطير هذه الأقسام متخصصون تابعون لوزارة التضامن، بتطبيق برامج مكيفة حسب طبيعة الإعاقة، ويوجد 1.202 تلميذ يعانون تأخرا دراسيا خفيفا يتابعون تعليما متخصصا في الأقسام المكيفة عبر 16 ولاية. في بلد التعليم المجاني.. تلاميذ لا يزالون يعانون ويحلمون بالدراسة ومن بين من تسهل الدولة الدراسة لهم التلاميذ المعاقون حركيا، حيث يتم التكفل بهم بصفة شاملة في المؤسسات المدرسية عندما لا تتطلب الإعاقة مساعدة من طرف شخص آخر. وقد اتخذت إجراءات تنظيمية وبيداغوجية لتيسير الدخول إلى المدرسة والتحرك داخلها وإنجاز النشاطات البيداغوجية، ويبلغ عدد التلاميذ الذين تابعوا الدراسة في سنة 2013-2014 ما يعادل 9.364 تلميذ من بينهم 8.669 تلميذ في الابتدائي و695 في الطور المتوسط، إلا أن كل هذه الوسائل لم تصل إلى كل جهات القطر الجزائري وفق النقابات التي دعت إلى تحقيق العدالة خاصة بالنسبة للبدو الرحل. وإلى جانب الاهتمام الكبير بتحسين نوعية التعليم المقدم للأطفال في كل المستويات تعد مسألة الوصول بالمنظومة التربوية إلى مردود أفضل من أكثر انشغالات الأسرة التربوية، ذلك أنه أضحى قطاع التربية ينافس القطاعات الأخرى الحساسة فيما يتعلق بتنمية الفرد، مثل القطاع الصحي والعدالة وقطاع الاقتصاد، فكانت الامتحانات الرسمية المؤشر الوحيد أو المعيار الأوحد لتشخيص الحالة الصحية لأي نظام تربوي، وهو ما تقوم به الجزائر التي تحاول تدارك النقائص والتحول إلى التركيز على النوع على حساب الكم، عبر مواصلة تقييم الإصلاحات التي عرفتها الجزائر منذ الاستقلال من أجل الارتقاء بالبكالوريا الجزائرية التي لطالما كان حاملوها محل استقطاب من أكبر بلدان العالم، وبعد إصلاحات بن زاغو شرعت الوزارة والحكومة مؤخرا في تقييم ثالث مشروع إصلاح المنظومة التربوية تخوضه الجزائر منذ الاستقلال، علما أن القطاع عرف أكبر إصلاحات سنة 1971 مس التعليم العالي تمهيدا لصدور أمرية 1976 لضمان تمدرس إلزامي لكل الأطفال من سن 6 سنوات إلى 16 سنة، حيث في 25 جويلية 2015، أعطى الوزير الأول عبد المالك سلال إشارة الانطلاق الرسمي لفعاليات الندوة الوطنية حول ”تقييم مدى تطبيق إصلاح المدرسة وفتح المجال ل800 مشارك المجال لنقاش واسع بين الفاعلين الأكثر إشراكا في إصلاح المنظومة التربوية، إلى جملة من المحاور، في جلسات عامة وفي الورشات، مثل الطور الابتدائي: مهامه، سيره ومساره الدراسي، التربية التحضيرية: الحصيلة والآفاق، الطور الثانوي: المهام، الهيكلة وإعادة تنظيم امتحان البكالوريا، البرامج من الجيل الثاني وممارسات القسم: آليات المرافقة، التقييم البيداغوجي والامتحانات الرسمية: الأخلاقيات، التنظيم والإجراءات، التوجيه المدرسي، مكانة البعد العلمي والتكنولوجي، التربية والمواطنة ومحيط التلميذ، مكانة اللغات الأجنبية في المسار الدراسي، تقييم النظام بواسطة مؤشرات المردود… إلخ، رغم أنها تبقى ناقصة لرفع مردودية هذا القطاع الضخم الذي لا يزال يتطلب عدة إصلاحات لاسترجاع مكانة بكالوريا الجزائر ومختلف الشهادات العليا.
التعليم الخاص يفشل في منافسة التعليم المجاني وتهافت للأولياء على مدارس الشعب ”السناباب”: الجزائر الدولة الوحيدة التي تحث على التعليم المجاني إلى آخر مراحله بما فيها الجامعة أكدت في هذا الصدد، مريم معرف، رئيسة الفيدرالية الوطنية لعمال التربية بنقابة ”السناباب”، أن الجزائر ومنذ الاستقلال عملت على ضمان مجانية التعليم وللجميع دون استثناء، بنات وأولاد، واجتهدت في ذلك بضمان التمدرس ببناء المدارس في كل ربوع الوطن وحتى في المناطق النائية، ومحاربة كل الأهالي والأولياء الذين يتقاعسون في عدم تسجيل أولادهم في المدارس العمومية وسارت على هذا المنهاج، حتى في ظل العولمة وظهور الخوصصة والمدارس الخاصة، حيث رغم أنه في السنوات الماضية أصبحت المدارس الخاصة موضة عند الجزائريين، باعتبارها تقدم تعليما نوعيا للمتمدرسين، إلا أن الآلاف من هؤلاء تيقنوا أن النوعية التي تعطيها المدرسة العمومية أفضل بكثير وهو ما تكشفه أرقام البكالوريا والامتحانات الرسمية، فجعلت الأولياء يسارعون لتحويل الأطفال من الخاص للعمومي، وهذا في ظل السياسة الرشيدة التي أولتها الدولة في مجال التربية والتعليم بتوفير الوسائل سواء كانت بيداغوجية تشمل البرامج والكتب أو مادية كتوفير الأساتذة والوسائل كالمدارس والمطاعم وكل المعدات التربوية. وفي ظل التطور والانفتاح تبقى الجزائر تحافظ على مجانية التعليم وللجميع، وهو ما تعترف به منظمات عالمية، على غرار اللجنة الإقليمية للبنية الإقليمية في المنطقة العربية والتي تمكنت نقابة ”السناباست” في افتكاك منصب فيه ”العالمية للتربية”، والتي تقوم بحملة عالمية حول التعليم للجميع ونوعي، مشيرة أن المنظمة على جهود الجزائر في التعليم حيث أنها من الدول التي تشجع التعليم المجاني وللجميع الفتيات والأولاد وتدفع مبالغ كبيرة في ذلك، في ظل أن والجزائر الدولة الوحيدة التي تحث على التعليم المجاني إلى آخر مراحله أي حتى الجامعة، بالنظر إلى بعض الدول العربية التعليم في الجامعات ليس مجاني مثل الأردن ومصر. وأكدت المتحدثة أن هذا ما شجع الفلسطينيين ليلجأوا بعد الاستقلال للدراسة، خاصة في الجامعة، وتخصيص لهم أجنحة خاصة بالإقامات الجامعية لفائدتهم، مستشهدة بأحد الفلسطينيين الذي فضل البقاء بالجزائر ويدرس حاليا كأستاذ علوم قبل أن يتقاعد هذه السنة، ونقلت على لسانه أنه ”كان يريد الدراسة في الجامعة بمصر لكنها في الجامعة ليست مجانية، وهذا قبل أن ينصح من أحد أصدقائه المصريين باختيار الجزائر باعتبارها الدولة الوحيدة التعليم فيها مجاني في كل مراحله، حتى الجامعة”، وهو ما تم فعلا وتحصل حتى على منحة من قبل الحكومة الجزائرية وهو الحق الذي تضمنه لطلبتها بمن فيهم حتى الأجانب.
إطارات وكفاءات ومفكرون أخرجتهم المدرسة الجزائرية منذ 1962 ”إجبارية التعليم وإلزاميته بين الأمس واليوم والغد”
تقول الأستاذة حفصة معروف من جامعة حسيبة بن بوعلي بالشلف، إنه بالأمس كانت إجبارية التعليم ومجانيته أحد الاختيارات الاجتماعية الكبرى للدولة الجزائرية بعد الاستقلال، أقرها ميثاق طرابلس المنعقد في 27 جوان 1962م، ويتكامل هذا الاختيار مع جملة الاختيارات الأخرى خاصة ما يتعلق منها بالجانب الاجتماعي والثقافي، وتحسين المعيشة وترقية الوضع الصحي وتحرير المرأة وترقية اللغة العربية وإحياء التراث الوطني، والهدف من مجانية التعليم وإلزاميته لدون 16 سنة هو القضاء على الجهل والتخلف الذي كان متفشيا في المجتمع الجزائري نتيجة سياسة التجهيل ومحو الشخصية الوطنية التي اتبعتها فرنسا لمدة 132 سنة من الاستعمار، وحتى التعليم الذي وفرته كان يخدم السياسة الفرنسية، كما أنها كانت مقتصرة على فئة قليلة من المجتمع الجزائري. أما اليوم فقد أصبح مجانية التعليم في يومنا، حسب المتحدثة، هي ميراث السياسات والاستراتيجيات التي تبنتها الدولة الجزائرية في مختلف دساتيرها، فلم يتغير هذا البند أبدا رغم تغير الحكومات والرؤساء، وتتكفل الدولة الجزائرية بعملية تعليم الجيل بصفة مجانية، حتى الدراسات العليا (دكتوراه)، وتدعمه في هذه المراحل المتقدمة بحركة دفع إيجابية تتمثل في تشجيع البحث العلمي وتطويره من خلال التكفل المادي بتربصات الباحثين داخل وخارج الوطن، سواء التربصات قصيرة المدى أو طويلة المدى. وأشارت إلى أنه في العديد من الدول غزا القطاع الخاص المنظومة التعليمية، فأصبحت هناك مدارس خاصة يتم تسييرها وفقا لاستراتيجيات تساير التطور، حتى أن بعض الدول المتطورة فتحت لها مؤسسات تعليمية فأصبحت هناك مدارس فرنسية، وأخرى أمريكية... إلخ. والغريب في الأمر أن مجانية التعليم في تلك الدول تكاد تندثر، والمدارس العمومية المجانية لا يرتادها إلا ضعيفو المستوى، والكل يبحث عن المدارس الخاصة رغم الغلاء الذي تعرفه تلك الدول، أما في الجزائر فالتعليم عمومي مجاني بنسبة 99% وهناك بعض المدارس الخاصة التي تعد على الأصابع. أما آفاق الغد ففضلت محدثتنا طرح تساؤل حول ما مستقبل هذا الاختيار والمكسب؟ هل مستوى التعليم في نظام مجانية التعليم سيختلف عما إذا كان التعليم ينطوي تحت نظام الخوصصة؟ مؤكدة أن البعض يرى أن سبب تردي مستوانا هو أن التعليم لا يكلفنا شيئا، وبالتالي فنحن لا نحس بقيمته ولا نحافظ عليه، ولو أن التعليم في الجزائر كان مدفوعا وتابعا للقطاع الخاص لكان الحال أفضل بكثير مما هو عليه الآن. وأضافت ”نحن لا ننفي الإطارات والكفاءات التي أخرجتها المدرسة الجزائرية منذ 1962 ولحد الآن، والأمثلة كثيرة من أطباء ودكاترة وعلماء فيزياء ومفكرين... إلخ، والتأكيد على ضرورة أن يبقى التعليم مجانيا حتى نضمن حقوق الفئات الهشة وفي مزاولة حقهم الشرعي في التعليم في ظل إلزامية تطبيق إصلاحات تربوية وتعليمية فعالة على أرض الواقع، وفي مختلف أطوار العملية التعليمية تتلاءم وظروف المجتمع الجزائري وخصوصيات الدولة الجزائرية، خاصة ما يتعلق منها بتحسن مستوى اللغة العربية، والانفتاح أكثر على اللغات الأجنبية.
”الأسنتيو”: بفضل مجانية التعليم.. وجدنا المهندس والطبيب والمحامي في عائلات فقيرة”
اعتبر المكلف بالتنظيم على مستوى النقابة الوطنية لعمال التربية ”الأسنتيو”، يحياوي قودير، أن الحياة تطورت وتغيّرت خلال ثلاثة وخمسين سنة من عمر الاستقلال، إلا أن التعليم لا يزال مجانا في الجزائر في كل المراحل، لعدد تجاوز الثمانية ملايين تلميذ، بل إن سعر وجبة الطعام في الجامعات منذ 1962 إلى الآن لم يتغير، لعدد يفوق اثنين مليون طالب بالإضافة إلى المنحة والسكن الجامعي، بل إن لكل طالب جزائري الحق في إكمال دراسته العليا في الداخل والخارج لدرجتي الماجستير والدكتوراه على حساب الدولة. وقال يحياوي في تدخله في موضوعنا حول مجانية التعليم، إن الدولة الجزائرية تنفق ثلث الميزانية في مجال التعليم، لهذا ”تعتبر النقابة الوطنية لعمال التربية - الأسنتيو - أن مجانية التعليم التي نحمد الله عليها بلا شك، هي مجانية استفاد منها كل الجزائريين، غنيهم وفقيرهم، وأضحينا نجد المهندس والطبيب والمحامي والأستاذ في عائلات محدود دخلها فيما لا يحلم بهذه المهن إلا من كان ميسور الحال إن لم نقل غنياً في دول كفرنسا وأمريكا، فتكاليف الدراسات الجامعية لا تحتمل في تلك الدول”. وتؤكد النقابة الوطنية لعمال التربية وعلى لسان يحياوي قويدر، أن التعليم العمومي مجاني بنسبة 99% في الجزائر وهناك بعض المدارس الخاصة التي تعد على الأصابع ومجانية التعليم هي ميراث السياسات والاستراتيجيات التي تبنتها الدولة الجزائرية في مختلف دساتيرها فلم يتغير هذا البند أبدا رغم تغيير الحكومات والرؤساء. وأضاف أن الجهود المبذولة من طرف الدولة من ناحية التمدرس والتكفل بالتلاميذ في كل التراب الوطني يدل على أن التعليم في الجزائر حقق عدة مكتسبات منها مجانية التعليم وإجباريته إلى غاية سن 16 سنة، إلى جانب مجانية الكتب المدرسية التي يستفيد منها سنويا ملايين التلاميذ، بالإضافة إلى منح الدراسة التي يستفيد منها الآلاف من التلاميذ المعوزين سنويا، وفي الأخير نقول إن مجانية التعليم هي آخر خطوط الدفاع التي يجب ألا تسقط حتى نضمن حقوق الفئات الهشة في مزاولة حقهم الشرعي في التعليم.
في ظل غياب الأولياء عن أداء دور المراقبة بحاري: ”مدراء برواتب 18 مليون سنتيم وراء نكسة قطاع التربية” واعتبر بحاري علي، رئيس النقابة الوطنية لعمال الأسلاك المشتركة في قطاع التربية، أن جهود الدولة موجودة، غير أن الكوارث التي يعرفها قطاع التربية راجع إلى المسؤولين المحليين، على رأسهم مدراء التربية الذين لا يؤدون واجبهم، فعلاوة على تلقيهم شهريا رواتب تصل إلى غاية 18مليون سنتيم، إلا أن هناك من تسول له نفسه تبديد أموال الأطفال، وهذا في ظل غياب الرقابة، إما من طرف الدولة أو حتى من أولياء التلاميذ، هؤلاء الغائبون الذين تسببوا في تراجع مستوى التعليم بسبب اللامبالاة، وهذا في ظل كثرة الإضرابات التي تشنها النقابات.