”الطريق” هو الفيلم الطويل الأول لسالم، عرض أمس الأول في إطار المسابقة الرسمية لمهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، بالمسرح الجهوي ”عز الدين مجوبي”، يمكن تصنيفه ضمن موجة السينما الجديدة التي يتبناها عدد من المخرجين الشباب في لبنان، فهو عبارة عن علاقة بالذاكرة، انشطرت في العمل بين عدد من اللوحات المبعثرة، ترسم لحظات من حياة الزوجين ”غي” و”رنا”، وبرتابة معتمدة وهدوء طاغ، تتتابع محطات من الذكريات، تتأرجح بين صخب بيروت وبيت الثنائي على حواشي العاصمة، اختارا الهدوء لغة لحبهما، يقرران في فترة ما الرحيل إلى قرية جبلية معزولة بحثا عن السكينة في بيت متداعي عتيق. المشاهد يجد نفسه أمام تساؤلات عميقة تتجلى في مشاهد أغلبها طويلة من يوميات الزوجان، بريتم ثقيل ورتيب معتمد. المخرجة جازفت باختيارها القالب الصامت في عموم الفيلم بتلك الطريقة، خصوصا أنه فيلمها الطويل الأول، وهذا لإيصال مواقف إنسانية ووجدانية تتراوح بين معاني الانتماء، الأرض، والصداقة... أرسلها العمل بطريقة ذكية غير مبتذلة وبعيدة عن الأسلوب المباشر، تحيل الفرد إلى الوقوف مع الذات والتساؤل عن جدوى حياة المدينة، وجشع الإنسان الذي فقد إنسانيته، وانغمس بين أعمدة المدينة. هذا الاختيار الذي يمكن القول أنه موجه لجمهور محدد له من العمق في المشاهدة لفهم مثل هذا الإنتاج وما يكفي من الميول لهذا السرد المعقد، ما يفقد ”الطريق” وما شابهه من أعمال، شريحة مهمة من الجمهور الذي غالبا ما يحتاج إلى البساطة في الطرح، وإدماج تقنيات ولحظات تشده للفيلم وتحصر تركيزه على الحبكة، الأمر الذي ابتعدت عنه المخرجة عمدا، وارتكازها على البساطة والتشتيت في ذات الأوان، والرتابة التي كانت في لحظات كثيرة مستفزة للمتبع خصوصا مع طيلة المشاهد، كما أن صاحبة الفيلم أعطت التفاصيل أهمية بالغة ما يجعل المتلقي يتساءل أحيانا عن جدواها في الحبكة، حين تمر بنا مشاهد طويلة كغصن شجرة مثلا، كنيسة، تلفزة، أو كوخ، وصورة جامعة لمدينة بيروت... يذكر أن المخرجة اللبنانية رنا سالم أدت دور البطلة ”رنا” رفقة زوجها الحقيقي الذي جسد دور ”غي”، العمل نال جائزة ”فيبريسكي” التي يمنحها ”الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين.