* سمير لقصوري: ”إخضاع الأغذية المستوردة لاختبارات مخبرية ضروري وحتمي” مشاكل صحية معقدة، أورام سرطانية خطيرة، وموت حتمي.. هي النتائج المنطقية للاستهلاك المتكرر للمواد الغذائية التي تحتوي على سموم فطرية، والتي باتت تغزو أسواقنا ورفوف ثلاجاتنا ومطابخنا، نتيجة تهاون السلطات المختصة في مراقبة السلع المستوردة في الموانئ من جهة، وكذا عدم احترام شروط النقل والتخزين بالنسبة للمواد المنتجة محليا من جهة ثانية. هو القاتل الصامت الذي يودي بحياة آلاف الجزائريين سنويا، والمتمثل في سموم فطرية تحملها مختلف المواد الغذائية المستوردة، كما بإمكان الحبوب ومختلف الأعلاف الحيوانية التي لا تحترم الشروط السليمة للنقل والتخزين أن تحملها. وقد أثبتت الدراسات أن استهلاك كميات ضئيلة من هذه الملوثات الكيميائية لمدة زمنية معتبرة بإمكانه التسبب في الكثير من المضاعفات الصحية التي تنتهي أغلبها بالأورام السرطانية والموت الحتمي. ولما كانت المعدة بيت الداء، تشير الأبحاث الأخيرة إلى وجود ارتباط كبير بين الفطريات التي تحتويها مختلف أنواع المواد الغذائية التي نتناولها، أو أي خلل في شروط الحفظ والتخزين مع إمكانية الإصابة بمختلف أنواع السرطانات. كما أكدت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان عن وجود سما فطريا في المواد الغذائية التي لا يحترم مسوقوها شروط الحفظ والنقل، والمتمثل في مادة ”الأفلاتوكسين” التي تحتوي عليها 25 بالمائة من المنتجات الغذائية حول العالم حسب منظمة ”فاو”، تسبب في الإصابة بأنواع كثيرة من السرطان. الجزائر تتهاون في مراقبة المواد المستوردة أكد سمير لقصوري على غياب قانون وطني يجبر المستوردين على معاينة المواد الأولية ونسبة الملوثات التي تحتويها، حيث تكتفي السياسة المنتهجة وطنيا بالبطاقة التقنية للمنتج والتي تحتوي على المعلومات الضرورية عنه، والتي تقوم البلدان المصدرة بتحريرها دون أن تتأكد الجهات المختصة في الموانئ الجزائرية بالتأكد من هذه المحتويات، ما يدفع للشك حول احتواء المواد المستوردة على نسب مهمة من هذه الفطريات السامة التي تحتوي عليها الكثير من المواد المصدرة، خاصة من الدول الغربية، مشيرا إلى أن إخضاع كل المواد الغذائية المستوردة لاختبارات مخبرية لغرض التأكد من ”مطابقتها للمعايير المكروبيولوجية والكميائية ومستويات التلوث خصوصًا التوكسينات والافلاتوكسينات أمرا ضروريا وحتميا، بدلا من السياسة التي تنتهجها الجهات المعنية في الجزائر التي لا تتجاوز كونها مجرد إجراء إداري دون التدقيق فيها، إذ لا تحمل هذه الوثائق أي قيمة علمية. ومن جهتها أكدت الدكتورة ليلى مسكين، أن السموم الفطرية التي هي عبارة عن فطريات تنتج من المواد الغذائية والأعلاف المركبة تسبب في السرطان البطيء والتدريجي، ومن ثم الموت الحتمي لأغلب الأشخاص الذين يتناولون هذه المواد، حيث تعتبر ظروف نقل وشروط تخزين بعض المواد من أهم أسباب ظهور هذه السموم، خاصة في ما يتعلق بطريقة نقل الحبوب، إضافة إلى مستوى الرطوبة في الحقول الناتج عن تساقط الأمطار خلال فترات ارتفاع درجة الحرارة، منوهة أن استهلاك هذه المواد الملوثة تتسبب في إصابة الشخص بسرطان الكبد، المعدة، وأمراض الجهاز الهضمي والتناسلي. مخابر أوروبية تحذر من خطورة الوضع كشفت دراسة قامت بها مخابر أوروبية مختصة في علم الملوثات والسموم الفطرية، أن مادة ”الأفلاتوكسين” هي أخطر أنواع هذه السموم، حيث يوجد في أزيد من 80 بالمائة من الحليب المبستر الذي يسوق، والذي ينتقل للحيوان عبر الأعلاف المركبة التي يتم استيرادها عادة دون إعادة معاينة المكونات الأساسية من قبل البلد المستقبل، كما بيّنت كيف أن الخبز الذي يباع بالكثير من المخابز يحتوي على نسبة كبيرة من ”الأكراتوكسين”، وهو نوع آخر خطير من السموم الفطرية بسبب عدم قدرة نيران الفرن على إزالته، وهناك دراسة أخرى أكدت كيف أن الكسكسي والعجائن التي تباع بشكل منتشر في الجزائر تحتوي على نسب خطيرة من هذه السموم، بل يصل الخطر إلى بعض المنتجات الغذائية الخاصة بالأطفال الرضع، فضلا عن دراسة أخرى أشارت إلى 30 بالمائة من لحوم الدواجن تحتوي بدورها على هذه السموم نتيجة الأعلاف الحيوانية كذلك. وفي السياق ذاته، تطالب منظمات وهيئات صحية عالمية كثيرة من جميع الدول تحديد نسب الملوثات الكيماوية التي لا يجب تجاوزها، بما أنها تمثل خطرا على صحة الإنسان، مشددة على إيجاد قانون وطني لا يسمح باستيراد مواد غذائية تتضمن مستويات معينة من الملوثات والتي تتواجد بشكل كبير في منتجات شائعة، على غرار القمح، والذرة، والفواكه الجافة، والزيتون.