دقت جمعيات حماية البيئة بعنابة، ناقوس الخطر بخصوص مستوى التلوث الذي ألمّ بمساحات شاسعة من الوديان التي تقطع تراب بلديات الولاية. في هذا السياق شددت هذه الجمعيات من خلال مراسلات للسلطات الولائية، على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع حد للظاهرة الناجمة عن تجاوزات فادحة للمصانع التي تعتبر السبب المباشر في هذه الكارثة الإيكولوجية. بمقدار أكثر من 10 ملايين متر مكعب من الزيوت الصناعية بمختلف أنواعها السامة، خاصة ”الاسكرال”، والمستخدمة في المحولات الكهربائية وفي تركيب مواد الطلاء والمواد اللاصقة، تؤثر بشكل مباشر وخطير على الجلد وكبد الإنسان. وفي هذا السياق أكدت مصادر عليمة ل”الفجر” أن مياه هذه الوديان المشبعة بهذه المواد السامة يستخدمها بعض الفلاحين في سقي منتجاتهم الفلاحية، التي حسب خبراء زراعيين تعتبر مواد سامة تعرض صحة الإنسان للخطر، ونتيجة لارتفاع المكونات الكيماوية الخطيرة بها يمكن أن تكون سببا للإصابة بمختلف الأمراض السرطانية. وفي هذا السياق شددت الجمعيات المهتمة بواقع المحيط والبيئة على ضرورة اتخاذ إجراءات ردعية في حق مختلف المصانع، المتسبب الأول في تحويل مختلف الوديان إلى مجرد مفرغات عمومية لمواد سامة خطيرة تتطلب إمكانيات مادية ومالية هائلة للتخلص منها. كما شكلت المياه القذرة هي الأخرى، عنصرا هاما من المكونات التي تدخل في تلويث مياه الوديان بعنابة، حيث أن ملايين الأمتار المكعبة من المياه القذرة والمياه المستعملة كانت سببا في نفوق أطنان من الأسماك التي تواجدت عبر أحياء جوانو، سيدي سالم والواد الكبير الذي يصب في بحيرة فتزارة، وغيرها من المناطق، ما يفسر بوضوح مستوى الخطر الكبير الذي يمس المسطحات المائية بشكل عام . وتجدر الإشارة أن بحيرة فتزارة كانت مرتعا للنفايات الصبة والسائلة على السواء، حيث سبق أن أفادت مصادر عليمة ل”الفجر” أن أعوان خلية حماية البيئة التابعة لمصالح الدرك الوطني بعنابة كانوا قد أرسلوا عينة من مياه واد الكبير الذي يصب في بحيرة فتزارة، للمعاينة من قبل مخابر المعهد الوطني للإجرام الكائن مقره بمنطقة بوشاوي في العاصمة، وجاءت هذه الإجراءات على خلفية نفوق كميات هائلة من مختلف أنواع الأسماك، التي تواجدت طافية على سطح مياه واد الكبير، الذي يصب في بحيرة قتزارة ببلدية الشرفة دائرة عين الباردة. ومباشرة عقب إبلاغ المواطنين بالواقعة، تنقلت العناصر الأمنية مرفوقة بأعداد من المختصين في علم البيولوجيا لمعاينة الحادثة وأخذ عينات من مياه واد الكبير ومياه بحيرة فتزارة وتوجيهها لمخابر التحليل بجامعة سيد عمار، فيما تمت عملية إرسال عينات أخرى لمخابر العاصمة من أجل رفع ملابسات هذه الحادثة التي تعتبر مؤشرا خطيرا على تردي الوضع البيئي ببحيرة فتزارة على الخصوص، حيث سبق أن سجلت تجاوزات خطيرة من قبل المواطنين في حق الغطاء النباتي المحاذي للبحيرة، والذي انجر عنه توقيف 7 أشخاص بعضهم أحيل على الحبس المؤقت في انتظار مثوله أمام العدالة للمحاكمة. وتبقى بعض التجاوزات الأخرى مجهولة الفاعل على غرار تلويث المساحات المائية بشكل عام عبر ولاية عنابة بمخلفات سامة، مثل الزيوت الصناعية والمواد الكيماوية الأخرى، والتي تستخدمها المجمعات الصناعية التي تعتبر الرقم واحد في تلويث البيئة عبر كامل بلديات الولاية ال12. أمام تردي هذا الوضع البيئي الذي ينعكس بشكل مباشر وأولي على صحة المواطن في ولاية عنابة، تبقى محاولات تنبيه وإنذار المسؤولين عن القطاع الوسيلة الوحيدة التي تطالب بها الجمعيات المهتمة بشأن المحيط والطبيعة، في الوقت الذي تخسر ولاية عنابة يوميا المساحات الزراعية نتيجة اتساع المساحات الإسمنتية، ويتم إتلاف الغطاء النباتي للمناطق الرطبة ويتم كذلك تلويث المسطحات المائية بأطنان من النفايات الصلبة والسائلة دون أي تدخل فعلي ناجع ينقذ ما يمكن إنقاذه من الثروة الطبيعية، التي تحتضر عبر كامل الشرق الجزائري بشكل عام بسبب ارتباط الولايات بهذه الوديان وولاية عنابة بشكل خاص.