تلعب ندرة مرافق التسلية والترفيه في العاصمة دورا كبيرا في إقبال عائلات وشبان على المراكز التجارية لقضاء فترات الراحة والترفية، حتى باتت هذه الفضاءات تؤدي دورا غير ذلك الذي يرتبط بالجانب التجاري فقط، حيث أصبحت متنفسا ترفيهيا وثقافيا في ظل غياب البدائل. تتهافت عائلات وشبان على المراكز التجارية التي باتت منتشرة بشكل كبير، خاصة في العاصمة، أين أصبحت ملاذ الباحثين عن تغيير الجو أو الخروج في نزهة عائلية، لاسيما مع انعدام مرافق التسلية، الأمر الذي يقلق الآباء والأمهات الباحثين عن متنفس لأطفالهم أيام العطل والراحة الأسبوعية، ما يجعلهم يتوجهون إلى أقرب مركز تجاري لضرب عصفورين بحجر، في ظل غياب مرافق التسلية، إضافة إلى أن لخدمة ”الويفي” التي تعرضها أغلب هذه المساحات التجارية دور في زيادة عدد المقبلين عليها، لاسيما من الشبان الذين يقضون أوقات فراغهم في طاولات متناثرة على مساحة المركز التجاري، مستفيدين من تعزز هذه الأماكن بشبكة الانترنت. كما يتيح لهم ذلك قضاء ساعات الانتظار بينما تقوم النسوة عادة بالتسوق في المساحات التجارية، إضافة إلى أن لمجانية هذه الأماكن التي تتيح في الغالب الفرجة والتجمع دون تكلفة دور في إقبال العائلات عليها، حتى باتت الطرقات والممرات المؤدية إليها تشهد اكتظاظا في حركة المرور وازدحاما دائمين. المناسبات الخاصة والتظاهرات تعزز توافدهم باتت المساحات التجارية الكبرى مقصد العائلات العاصمية لقضاء السهرات والأمسيات، حيث تقوم هذه المراكز عادة بإحياء حفلات فنية وثقافية، وأخرى خاصة بالأطفال في مناسبات معينة، على غرار سهرات رمضان، الأعياد والمناسبات المختلفة، لاستقطاب الزبائن في سياسة تسويق اعتبرها أغلب المعنيين بتسيير هذه الفضاءات جد ناجحة. كما تقوم بعضها باستقبال مهرجانات وبعض التظاهرات الثقافية والفنية، على غرار السيرك والجمعيات ذات الطابع الاجتماعي التي تحرص على الاحتفال بأعياد مختلفة، على غرار عيد المرأة، عيد الطفولة وغيرها من المناسبات التي تشهد إقبالا مميزا. كما تستقبل هذه الفضاءات التي باتت تحتوي أماكن مخصصة للعب الأطفال والتي تعرض عليهم خدمة مثيلة لتلك التي توفرها الروضة، فئة كبيرة من الأولياء رفقة أطفالهم. ”التجمع في المراكز التجارية بات ضرورة اجتماعية” لم تعد المراكز التجارية مجرد مساحات تعطي المواطن فرصة للتسوق وإشباع حاجات استهلاكية، بقدر ما باتت مكان تجمع تلجأ إليه العائلات حول العالم وليس فقط في الجزائر، لأجل التسلية والترفيه، حسبما تؤكد الأستاذة رشيدة بشيش، أستاذة علم الاجتماع بجامعة الجزائر. وتضيف محدثتنا أن السوق بمفهومها الشعبي بدأت تتلاشى من ذهنيات المجتمع الجزائري، الذي بات يحبذ الاستقلالية في التبضع، وذلك ما توفره الأروقة الشاسعة بالمنتجات المتنوعة والمتاحة للجميع. كما أن للفرجة التي توفرها هذه المساحات دور في جذب العائلات التي لا تجد هذا العنصر بالذات في الأسواق الشعبية. وتضيف الأستاذة بشيش أن نقص مرافق التسلية في الجزائر يدفع بعض المواطنين للبحث عن البدائل مهما كان نوعها، لذا اختار كثيرون هذه الوجهة التي يستطيعون من خلالها ضرب عصفورين بحجر واحد..