قضى الجزائريون شهر رمضان المبارك في جو من الطمأنينة والاستقرار والأمن والتضامن والتكافل الاجتماعي مع العديد من الفئات الاجتماعية المحرومة، حيث تنوعت يومياتهم بين العبادة والترفيه من خلال جملة النشاطات المسطّرة ضمن البرنامج الرمضاني لهذه السنة، فبفضل الأمن الذي تنعم به الجزائر، قضت معظم العائلات سهراتها الرمضانية بعادات وتقاليد مميزة تخللتها خرجات الى العديد من المناطق الترفيهية التي سخرت بفضل الجهود التي بذلتها المصالح المعنية، على غرار شاطئ الصابلات الذي احتضن المئات من العائلات القادمة من مختلف بلديات العاصمة وكذا الولايات والعديد من الشواطئ الأخرى كعين البنيان و كيتاني ، ناهيك عن المراكز التجارية الكبرى التي باتت قبلة المواطنين للترفيه والتسوق ليلا، بالإضافة الى الأجواء الإيمانية التي تميزت بها المساجد من خلال صلاة التراويح وصلاة التهجد في العشر الأواخر من رمضان تيمنا بالنبي، صلى الله عليه وسلم، والصحابة الكرام، بالإضافة الى تنظيم مسابقات وطنية ودولية لحفظ وترتيل القرآن الكريم. حركة ونشاط دؤوب في السهرات الرمضانية شهر اختلفت ملامح ساعاته وأيامه عن باقي أيام السنة، حيث بدت شوارع وأحياء العاصمة في الصبيحة خاوية على عروشها، وسادتها حالة من الهدوء والصمت جراء خلوها من المارة والسيارات، إلى غاية فترة ما بعد الظهيرة، لتدب الحركية شيئا فشيئا، لتصل إلى ذروتها بعد العصر، حيث تشهد مختلف الأسواق والشوارع توافدا معتبرا للمواطنين لاقتناء مختلف السلع المعروضة في أجواء مميزة تعكس نكهة شهر رمضان المعظم، رغم الحرارة الشديدة التي ميزت دخول شهر رمضان، وقد عرفت الأيام الأولى والأخيرة من الشهر الفضيل بحركيتها غير العادية خاصة في الليل، حيث اختلطت بين السعي الى مضاعفة الأجر بأداء صلاة التراويح والترفيه عن النفس. المراكز التجارية وحدائق التسلية.. مقصد العائلات وعلى غرار هذا، فقد شهدت العديد من المراكز التجارية طيلة الشهر الفضيل توافدا كبيرا من قبل المواطنين خاصة في ظل الأمن والاستقرار الذي تنعم به الجزائر في الآونة الأخيرة، وهو ما أشاد به العديد من المواطنين ممن التقينا بهم بأحد المراكز التجارية بالعاصمة والذي استقطب آلاف من الزوار طيلة هذا الشهر وهو ما أعرب عنه أحد التجار بالمركز التجاري قائلا لقد شهد المركز طيلة هذا الشهر إقبالا كبيرا من طرف العائلات خلال السهرات الرمضانية، خاصة في ظل غياب المتنزهات والمساحات المخصصة للترفيه في العديد من البلديات، ما جعل المراكز قبلة للمواطنين الراغبين في تغيير الجو خاصة منها تلك المتمركزة على شواطئ البحر هروبا من لفحات الحر وضجيج المدن كمركز التسوق التجاري آرديس وغيره من المراكز الأخرى التي تؤدي ازدواجية الدور، التسوق والترويح عن النفس مع أمواج البحر العليلة ، في حين فضّلت العديد من العائلات الجزائرية قضاء سهراتها الرمضانية بالتوجه إلى حدائق التسلية نظرا لما توفره من خدمات متميزة خصوصا من ناحية توفير الأمن والتنظيم الجيّد وهو ما لقي استحسان العائلات التي باتت تقصد هذه الحدائق خصوصا في الأيام الأخيرة، وهو ما أعربت عنه راضية قائلة لقد كانت سهراتنا الرمضانية جد متنوعة، فقد تمكّنا، من خلال سهر السلطات وحرصها الشديد، من التنزه وقضاء أيامنا الرمضانية بشكل مريح وهو ما مكننا من قضائها رفقة أطفالنا في حدائق التسلية للترويح عن أنفسنا . وقد استقطبت العديد من الواجهات البحرية خلال السهرات عددا كبيرا من المواطنين وهو ما أعربت عنه العديد من العائلات ممن التقت بهم السياسي ، ومازاد من توافد العائلات، هو توفر العديد من المرافق الضرورية، على غرار الألعاب الترفيهية للأطفال. ..وزخم كبير على مقاهي الأنترنت ومن جانبهم، فإن أغلبية الشباب يفضّلون التوجه الى بيوت الله بعد الإفطار وعند الإنتهاء من صلاة التراويح تختلف وجهاتهم بين المقاهي والأنترنت، حيث يعمد كل من يتقن أبجديات الأنترنت إلى الاستئناس بهذا الفضاء الذي يجمع بين الملايين من الأشخاص في ساعات من الجنون والدردشات اللامتناهية مصحوبة بالتعليقات الساخرة، التي تترجم واقع الصائم في الجزائر، إلى جانب إقحام رياضة كرة القدم والمنتخب الوطني في التعليقات وكذا التغني بطاولة الجزائريين التي تحوي كل أنواع المأكولات. الصابلات مقصد المئات من العائلات وقد كان جديد العاصميين في رمضان لهذه السنة شواطئ الصابلات التي كانت الوجهة الجديدة للباحثين عن الراحة والإستجمام، هذا المتنزه الجديد الذي فتح أبوابه للعائلات والذي كان بمثابة المتنفس للكثيرين الذين توافدوا عليه بكثرة، ما نتج عنه ازدحام كبير بداخله وحتى خارجه عبر الطريق المؤدي إليه خاصة بعد العشاء، حيث وبمجرد الإنتهاء من الإفطار، حتى تسارع العائلات للذهاب إليه للحصول على مكان بحظيرة السيارات التي أصبحت لا تتسع للكم الهائل من الزوار، فيما فضّلت بعض العائلات الإفطار على شواطئ الصابلات في أجواء رائعة ومميزة. سهرات فنية.. ثقافية وترفيهية بنكهة كروية شهدت أولى سهرات رمضان، وعلى غير العادة، إقامة المونديال الكروي في البرازيل، والذي ميزته مشاركه النخبة الوطنية فيه والتي تمكّنت من التأهل إلى الدور الثاني لأول مرة في تاريخها، وهو الأمر الذي أضفى نكهة خاصة على السهرات التي أضحى فيها المواطن يتلذذ بمشاهدة مباريات كرة القدم. وعلى غرار هذا، فقد استمتعت العديد من العائلات الجزائرية طيلة أيام الشهر الفضيل ببرنامج ثقافي متنوع وثري خاص بهذه المناسبة، سطّر من طرف العديد من المديريات والهيئات وبمشاركة الجمعيات الناشطة في الساحة الثقافية خاصة وأن هذه الأخيرة كانت مخصصة للكبار والصغار وهو ما مكّنها من قضاء ساعات من الفرح والبهجة. وقد تضمن البرنامج الرمضاني لهذه السنة مجموعة من العروض المسرحية التي قدّمتها مجموعة من الجمعيات تناسبت مواضيعها مع الحياة اليومية للمواطن في قالب من الفكاهة والكوميديا والدراما وقد لقيت هذه المبادرة استحسانا كبيرا من طرف الأطفال وعائلاتهم، وهو ما أعرب عنه العديد من المواطنين ممن التقت بهم السياسي في جولتها الاستطلاعية، لتقول في هذا الصدد، مريم التي التقينا بها رفقة أبنائها لقد استمتعنا طيلة هذا الشهر بمختلف البرامج الترفيهية والتثقيفية المسطّرة وما زادنا أكثر استمتاعا هو تخصيص البعض من هذه البرامج لأطفالنا . رمضان شهر التضامن والتآزر عرف النشاط الخيري للجمعيات وكذا المجموعات المتطوعة من الشباب انتشارا وانتعاشا كبيرا خلال الشهر الفضيل، والذي تميز بعدد من الأنشطة الاجتماعية التضامنية، لتجسد بذلك قيم التآزر والتضامن التي يتميز بها الجزائريون، وتعمل مجموعة من الجمعيات في هذا الشهر المبارك، على إقامة موائد يومية للإفطار، وتقوم أخرى بتوزيع قفة رمضان على اليتامى والأرامل والمحتاجين، وقد خصصت العديد من الجمعيات والمجموعات التطوعية مراكز إطعام خاصة في بعض الولايات للنازحين السوريين والأفارقة، وعلى غرار هذا، فقد عملت الكثير منها ومع بداية العد التنازلي لعيد الفطر بالتضامن مع العائلات المعوزة قدر المستطاع لمساعدة أكبر عدد ممكن من المحتاجين. إقبال متزايد على صلاة التراويح في كل المساجد تميز شهر رمضان، وككل سنة، بالإقبال اللافت على المساجد، حيث تعرف ارتفاعا واضحا في أعداد المصلين في كل الصلوات الخمس. وما يزيد من هذا التميز الرمضاني، إقبال من مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين خلال صلاة التراويح لتوفرها على قراء يمتازون بأصوات شجية يؤدون قراءات قرآنية عذبة تنساب انسياب الماء الزلال، حيث تتنوع المظاهر التي تميز هذا الشهر العظيم، لكن يبقى المظهر الملفت هو ذلك الإقبال الكبير على المساجد وحرص المواطنين على أداء الصلوات داخل رحابها وهو ما أجمع عليه العديد من المواطنين خاصة بعض النسوة اللواتي فضّلن أداء صلواتهن طيلة الشهر الفضيل بالمساجد، لتقول في هذا الصدد، جميلة لقد تمكّنت، بفضل الأمن الذي تشهده الجزائر، من الخروج ليلا وقضاء صلاة العشاء والتراويح بالمسجد . ومن جهة أخرى، يقول كريم، 54 سنة إن ما يميز شهر رمضان هو صلاة التراويح التي تشهد إقبالا كبيرا من طرف المواطنين ومن كلا الجنسين خاصة في الأيام الأخيرة من الشهر الفضيل، حيث تشهد معظم المساجد اكتظاظا رهيبا، لتفضيل أغلب المواطنين قضاء العشر الأواخر في العبادة . الزيارات العائلية بعد التراويح.. مكسب لم تغيره السنون وتعتبر الزيارات في السهرات الرمضانية، بعد أداء صلاة التراويح والاجتماع على المأكولات التقليدية، من زلابية و مقروط من أبجديات وأولويات العائلات الجزائرية حيث ظل راسخاً ولم تنل منه تغييرات العصرنة، مع الأجواء الروحانية التي تميز بيوت الله خلال شهر رمضان الكريم، والتي لاتزال تعج بالمصلين الذين يؤدون صلاة التراويح. ..ومسابقات لحفظ وترتيل القرآن الكريم تلقى اهتمامها ومن بين الأجواء التي ميزت هذا الشهر ايضا هو حث وتشجيع الأولياء أطفالهم على الذهاب الى أقسام تعليم القرآن الكريم، معتبرين أنه ينبغي استغلال هذه الفترة لتقوية إيمان الأطفال وتشبعهم بالقيم الإسلامية عن طريق تعلم القرآن الكريم. ويرى العديد من أرباب العائلات أن أقسام تعليم القرآن تمكّن أبناءهم من قضاء أوقات مفيدة تجمع بين الإيمان والعلم من جهة وتقيهم آفات الشارع من جهة ثانية، وهو ما أعرب عنه طارق قائلا دائما أشجع أطفالي على حفظ القرآن خاصة في هذا الشهر وقد لقي هذا الأمر استحسانا كبيرا لدى أبنائي الصغار، خاصة عندما يرون بيدي كتاب الله وأرتل القرآن، وهو الأمر الذي حفزهم على تعلم القرآن وقد سمح هذا الأمر بمشاركة ابني الاصغر في إحدى المسابقات القرآنية التي نظّمها أحد المساجد بحينا، حيث فاز طفلي بالجائزة الثانية ، فقد تمكّن العديد من الشباب والشابات خلال الشهر الفضيل بالفوز بعدة جوائز من خلال مشاركتهم في البرنامج الذي سطّرته مديرية الشؤون الدينية والأوقاف بمختلف الولايات طيلة شهر رمضان المعظم والذي شمل عدة محاور ترتكز معظمها على توجيه الطلبة الحافظين للقرآن الكريم للقيام بصلاة التراويح عبر المساجد، بعد سلسلة المسابقات التي تم تنظيمها لاختيار أحسن حفظة لكتاب الله، تعالى. حفلات ختان.. وتصويم للأطفال في ليلة القدر وباعتبار ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان من بين إحدى الليالي المباركة في الشهر الفضيل باعتبارها الليلة التي أنزل فيها القرآن الكريم، لذلك تجد لها قدسية كبيرة لدى الجزائريين ما يجعل الكثير منهم يفضّل ختان وتصويم أطفاله في مثل هذا اليوم، وهو ما أعرب عنه العديد من المواطنين ممن التقت بهم السياسي في جولتها، ليقول في هذا الصدد، ياسين، 34 سنة نحن نود من خلال جملة العادات والتقاليد التي نمارسها خلال الشهر الفضيل، المحافظة على عادات أجدادنا، فأنا أتذكر ان والدي كان يحرص خلال شهر رمضان على تختين أخواي خاصة في ليلة 27 من ذات الشهر . ومن جهة أخرى، تحرص العديد من العائلات على تلقين أطفالها الصوم والصبر هذا قالته صفية أقوم في شهر رمضان، سواء في الأيام الأولى او الأخيرة، بتعويد ابني على الصيام مثل ما كانت تفعله والدتي معي . ..واعتكاف بالمساجد في العشر الأواخر رمضان خير شهور السنة وأفضلها أجرا وأكثرها مغفرة وأعمّها فضلا من سائر الشهور، فيه أنزل القرآن وفيه تصفّد الشياطين، ليتفرّغ المسلمون فيه للعبادات والطاعات التي قد تكون غفرانا لكلّ الذنوب التي ارتكبها العباد في سائر أيّام السنة، قيم وتعاليم يعرفها ويتناقلها الجزائريون من الأئمة في المساجد، فترى بعضهم يهبّ لتجديد النّفوس ومحاولة العودة إلى اللّه مع حلول شهر الرّحمة والمغفرة، ما جعل المساجد خلال الشهر الفضيل تكتظ عن آخرها، خاصة في الأيام الأولى والعشر الأواخر، التي اغتنمها الكثيرون للصلاة والدعاء تيمنا بالنبي، صلى الله عليه وسلم، والصحابة الكرام. وقد شمل هذا الإقبال مختلف الفئات العمرية. ومن جهة أخرى، فضّل بعض المواطنين الذهاب إلى مساجد بعينها نظرا لوجود مقرئ يستطيع أن يوفر لهم أجواء إيمانية خاصة، وهو ما أعرب عنه ياسين قائلا لا يمكنني إنكار هذا الأمر، فأنا أفضّل ان أصلي الصلاة في أحد المساجد، نظرا لصوت المقرئ الذي يزيدني خشوعا ، وعن صلاة التهجد، يضيف المتحدث إنها فرصتي الأولى لتقوية إيماني، وطلب ربي أن يعتقني من النار ، وأضاف الحمد لله الذي وفر لي هذه الرفقة الصالحة ، وزاد قائلا وقد علت وجه زملائه ابتسامة صادقة رمضان شهر عظيم، لقد شعرت أن كل العبادات والطاعات ميسرة لي، بعدما كنت في السابق أجد صعوبة في المداومة على الصلاة .