أدانت محكمة فرنسية، يوم أمس، وزير الداخلية الفرنسي الأسبق، كلود غيان، بتهمة ”التواطؤ والمحاباة” في قضية سبر آراء ونفقات العلاقات العامة الخاصة بقصر ”الإليزيه” خلال فترة ساركوزي الرئاسية (2007-2012)، وفقا لما ذكره محاميه. يُذكر أنه حُكم على مساعد ساركوزي والامين العام السابق للإليزيه، في منتصف نوفمبر الماضي، بسنتين سجن مع وقف التنفيذ، كما مُنع من مزاولة أي نشاط رسمي على خلفية علاوات تمّ دفعها نقداً لوزارة الداخلية، خلال إشرافه على ديوان ساركوزي (2002-2004)، لكنّه استأنف الحكم. كما أدين غيان بتهمة التزوير وتبييض الأموال، والتهرّب الضريبي في قضية تتعلق بتمويل مزعوم للحملة الرئاسية لانتخابات 2007 من طرف الزعيم الليبي الراحل العقيد معمّر القذافي. وطفت قضية تمويل القذافي لحملة ساركوزي الانتخابية قبيل الحرب التي شنّتها دول غربية وحلف الناتو على ليبيا للإطاحة بالقذافي.وبحسب وثيقة اطلعت عليها ”ميديا بارت”، فقد نظم تاجر الأسلحة، زياد تقي الدين، عام 2005 زيارات قام بها وزير الداخلية الفرنسي ومقربيه إلى ليبيا، وفى عام 2007 نظم تقي الدين زيارة رئيس فرنسا المنتخب إلى ليبيا، والتي وُضعت خلالها أطر ”تمويل” نظام القذافي لحملته الرئاسية، والتي نسقها بريس هورتفو، الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية آنذاك.ونشرت جريدة ”ميديابارت” نشرت عام 2011 خبرا مفاده أن كلود غيان انتقل عدة مرات إلى طرابلس - ليبيا بين 2005 و2007 للقاء كبار المسؤولين الليبيين عندما كان مدير ديوان نيكولا ساركوزي. وبدأت شبهة المساهمة الليبية في حملة ساركوزي الانتخابية تتأكّد في مارس 2011، بعد التصريحات العلنية التي أطلقها نجل القذافي سيف الإسلام خلال مقابلة مع يورونيوز، قبل يومين من التدخل العسكري الغربي في ليبيا، والتي قال فيها بصريح العبارة: ”يجب على ساركوزي إعادة الاموال التي قبلها لتمويل حملته الانتخابية إلى ليبيا، ونحن من موّل حملته الانتخابية، ولدينا الدليل على ذلك ونحن على استعداد لإثبات ذلك”.وقال زياد تقي الدين، المختص في تجارة الأسلحة بين فرنسا و باكستان، للعدالة وهو رهن الاعتقال ”كان كلود غيان يعطي الأرقام البنكية لبشير صالح” الذي كان الجسر بين ليبيا وفرنسا. لكن وزير الداخلية الأسبق نفى هذه الادعاءات معتبر إياها ”هراءات” معلنا أنه ”لم يتصل بي أي مسؤول ليبي لتحويل أموال تساهم في ثراء شخصي أو في حملة نيكولا ساركوزي عام 2007”. ودفع الإليزيه نحو 7.5 مليون يورو لقاء عمليات سبر الآراء والاستشارات خلال حكم ساركوزي (2007-2012). وبشأن ملف سبر الآراء، فقد تمت صياغة عقود منذ عام 2007 دون الإعلان عن مناقصات مع شركات مستشاري ساركوزي أو باتريك بيسون (بيبلي فاكت وبيبلي أوبينيون) وبيار جياكوميتى، اللذين أُدينا بإخفاء معلومات وبالمحسوبية. ويشار إلى توجيه اتهامات إلى المديرة السابقة لديوان الرئاسة الفرنسية ايمانوييل مينيون في نفس القضية. ومن جهته، أدان مجلس المحاسبة الفرنسي فى تقريره لعام 2009، الذى كان سيدفع جمعية أنتيكور إلى تقديم شكوى، الصيغة ”المبالغ فيها” للاتفاق، والتي لا يمكن للاليزيه بموجبها التحكم في النفقات أو مراقبتها. وعثر المحققون في نهاية المطاف على أثر 235 عملية سبر آراء تم شراؤها من طرف ديوان باتريك بويسون، وأعيد بيعها للإليزيه بين عامي 2007 و2009، بفارق نحو 1.4 مليون يورو (حوالى 2.1 مليون دولار) أي بنحو 65 بالمئة و70 بالمائة. واتهم القاضي باتريك بيسون باختلاس هذه الأموال العامة. ونشرت الصحافة لاحقا بعض استفتاءات الرأي التي أعيد بيعها. وبحسب نتائج التحقيق، فقد دفع الإليزيه ما يقرب من 7.5 مليون يورو (11.3 مليون دولار) لقاء عمليات سبر الآراء والاستشارات خلال فترة ساركوزي الرئاسية (2007-2012). يذكر أنّ مكتب الادعاء العام الفرنسي أعلن، مؤخرا، فتح تحقيق رسمي بشأن تمويل حملة انتخابية خاصة بالرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي (61 عاما). وخضع ساركوزي للاستجواب لساعات، قبل أن يتم إبلاغه أنه قيد التحقيق. ونفي ساركوزي علمه بزيادة الإنفاق عن الحد المسموح به، وقال إنه لم يكن على اطلاع بتمويل حملته الانتخابية. ويُعد فتح التحقيق تمهيد لإحالة الملف إلى القضاء. ويرى مراقبون أن التحقيق يُشكّل ضربة قاسية لمحاولة ساركوزي العودة إلى الاليزيه في عام 2017.