تساءلت مجلة ”فورين بوليسي” الأمريكية، في مقال أوردته على موقعها الإلكتروني، يوم أمس: هل سيمتثل الجيش الأمريكي لأوامر المرشح عن الحزب الجمهوري للانتخابات الأمريكية، الميلياردير دونالد ترامب، إذا انتخب رئيسا للولايات المتحدة؟ واستهل البروفيسو في العلوم السياسية والعلاقات العامة بيتر فيفر، تقريره بالقول، إن ظهور الجنرال المتقاعد ”مايكل هايدن”، المدير السابق لوكالة الأمن الأمريكي، مؤخرا، في حلقة من برنامج ”ريل تايم” مع بيل ماهر على شبكة ”آتش بي أو” قد أحدث ضجة كبيرة. قال هايدن لماهر خلال المقابلة، إن حدث وفاز المرشح دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، وحاول الوفاء بوعوده الغريبة التي قطعها خلال حملته الانتخابية، من المؤكد أن القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية سيمنع الرئيس الجمهوري الجديد من تنفيذ استراتيجيته. ورد هايدن قائلا: ”ستعصي القوات المسلحة الامريكية الأوامر” وأن قائد الجيش سيكون محقا في ذلك لأنه على حد قوله ”القادة العسكريون ليسوا مطالبين بالامتثال لأمر غير مشروع”. وعلق ماهر ساخرا على تصريحات المدير السابق لوكالة الأمن الأمريكي: لقد قدم لنا هايدن ”سببا مقنعا لعدم دعمه المرشح ترامب” وأنه ستُعطى تعليمات للجيش بالعصيان وأضاف قائلا” سيكون هنالك انقلاب في هذا البلد!”. وبعيدا عن مجال الفكاهة والتنكيت، يرى كاتب المقال أنّ مقابلة ماهر مع هايدن قد أثارت بعض المسائل بالغة الأهمية فيما يخص العلاقات المدنية - العسكرية في الولاياتالمتحدة. وبالنظر إلى كون ترامب، مرشح الجمهوريين، فهذا يعني أنّ القضية ليست مجرد ممارسة مهام أكاديمية، لأنّ الجنرال هايدن كان يتحدث عن وعود ”خاصة جدا” قطعها المرشح ترمب تحديدا، وقال أنه سينفذها حال انتخب رئيسا، ومنها استهداف أسر الإرهابيين واعتماد التعذيب في المؤسسة الأمنية الأمريكية. فبعد سبع سنوات من تخلي الولاياتالمتحدة عن استخدام أسلوب بالإيهام بالغرق كطريقة للتحقيق مع المعتقلين، قال دونالد ترامب، الساعي للترشح عن الحزب الجمهوري، إنه ”مستعد لاعتماد ما هو أسوأ بكثير”، مع العلم أن كل هذه الوعود المقترحة تشكل خرقاً صارخاً للقانون. ومن الممكن أن تتعقد الأمور ونصبح أمام معركة قانونية كبيرة داخل الإدارة الأمريكية. وقال فيفر أنّ كل خبير قانوني تحدثت إليه أتى بنفس الاستنتاج: ”ترمب ومحاموه سيخسرون القضية وسيرى العسكريون الأمر غير مشروع”. يذكر أن أسلوب الإيهام بالغرق، ما زال موضوعا مثيرا للجدل في الولاياتالمتحدة حتى بعد أن حظر استخدامه الرئيس باراك أوباما بعد أيام من تسلمه مهام الرئاسة في عام 2009. وكانت لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ قد نشرت في عام 2014 تقريرا مفصلا - رغم معارضة من أعضائه الجمهوريين - شرح بالتفصيل ما وصفه بأساليب التعذيب التي تستخدمها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بما فيها الإيهام بالغرق. وبناء على ما سبق ذكره، يقول فيفر إن الجنرال هايدن محق تماما في تصريحاته، لأنّ الأمر لن يقتصر على عصيان أوامر غير مشروعة، ما دامت نظرية العلاقات الديمقراطية المدنية - العسكرية تقتضي بدورها أن يعصوا هذه الأوامر، ورفض الامتثال لهذه الأوامر لن يكون انقلابا، وإنما تعزيز لسيادة القانون وتصويب للعلاقات المدنية - العسكرية. وهناك احتمال آخر سماه الكاتب ”سيناريو وردي”، وهو ربما يكون ترمب مجرد مخادع. وربما لا يعني أي شيء مما يقوله في حملته الانتخابية، وربما أيضا هو مجرد شخصية على الشاشة، أو مجرد خطة أُريد بها استرضاء الناخبين الغاضبين. فقد سمع فيفر أناسا يعرفون ترمب أفضل منه يصرون على أن ما نشاهده هو الرجل الحقيقي، وبالتالي فإن ترامب الحالي أنسب صورة للرجل الذي ربما قد يحكم الولاياتالمتحدة مستقبلا.