أكد الباحث التونسي سامي الجلولي، أمس، أن الإرهابيين الذين نفذوا عملية بن قردان عند الحدود مع ليبيا، استغلوا اطمئنان تونس على تأمين الجيش الجزائري لحدودها الغربية، محذرا من مساعي الجماعات الإرهابية لجر الجيش التونسي إلى داخل ليبيا. وقال مدير مركز جنيف للسياسة العربية، في تصريح خاص ل”الفجر”، إن عملية بن قردان أظهرت أن الإرهابيين اختاروا الجنوب التونسي ربما لاعتقادهم بهشاشة الوضع الاجتماعي، السياسي والعسكري، لكن النتائج الحاصلة على الميدان أثبتت خطأ تصوراتهم، فتونس قامت بوضع جزء هام من قواتها على الحدود الجنوبية مع ليبيا لاطمئنانها نسبيا على حدودها الغربية مع الجزائر التي أثبتت أنها دولة قوية، متماسكة، ذات خبرة في التعامل مع الإرهاب، حيث تمكنت من شله عبر معالجات استخباراتية وعسكرية كالاختراق والإجهاز وفق تعبيره. وأضاف الجلولي أن الجزائر مثلت وتمثل سندا عسكريا واستعلاماتيا ساهم في حماية ظهر تونس من طعنات خلفية، وما اختيار الجماعات الإرهابية الحدود الجنوبية مع ليبيا إلا نتيجة فشل الجماعات الأخرى المرابطة في جبال الشعانبي وغيرها من الجبال المتاخمة في إحراز تقدم، نتيجة التنسيق العسكري بين البلدين والمتمثل في توزيع للأدوار والمهمات في مكافحة الإرهاب، وما الاستنفار الأمني المتواصل للجيش الجزائري على الحدود الغربية لتونس إلا دليل على عمق هذا التنسيق. وحول أبعاد عملية بن قردان بعد مهاجمة إرهابيين ثكنة عسكرية ومركزي أمن، أضاف الباحث التونسي الجلولي أنها مثلت تحولا هاما في استراتيجيات الجماعات الإرهابية، فهي لم تعد تكتفي بالعمليات المعزولة في الجبال أو الخاطفة في بعض القرى النائية للقيام بعمليات سريعة أو للاحتطاب، بل تأسيسا لتحول جديد نحو حرب المدن، وبالتالي الانتقال من احتلال الجبل إلى احتلال المدينة، مضيفا أن هذه السياسات طبقتها الجماعات الإرهابية في الفلوجة والرمادي وفي أماكن عدة في سوريا، فكلما تعطلت أو طالت مدة التحرير، كلما أصيبت القوات العسكرية والأمنية بالفشل واليأس والتسليم بالأمر الواقع إلى حين تمكن الجماعات الإرهابية من المدينة وبسط السيطرة عليها وإعلانها إمارة. وشدد الجلولي أن أحداث بن قردان لم تكن مفاجئة، بل منتظرة، فالعديد من العوامل تجعل من بن قردان المدينة الأولى في الاستهداف، من ذلك قربها للحدود مع ليبيا، ورمزية المدينة بحكم أنها شريان تجاري وممر حيوي واستراتيجي نحو منفذ راس اجدير، بالاضافة إلى تواجد حشد هام من القوات العسكرية والأمنية، كما عرفت بهجرة الكثير من أبناءها نحو القتال في أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا. وأوضح المتحدث أن الجماعات الإرهابية ستسعى إلى جر الجيش التونسي إلى داخل ليبيا حتى تستطيع خلق جيوب خلفية، وقد ”نبهت من خطر جر المؤسسة الأمنية والعسكرية إلى هذه الكماشة”، وتابع أن الجيش التونسي مكانه داخل الحدود لا خارجها، فهو ليس مطالب بتتبع الإرهاب خارج حدوده، وأي مغامرة خارجية ستكون ضربة قاسمة للمؤسسة العسكرية، للسلم والأمن العام، وهناك اتجاه نحو قرب انتهاء دورة الجماعات الإرهابية التي انطلق جزء هام منها من تونس نحو سوريا وليبيا واليوم تعود إلى نقطة انطلاقها، حيث ستنتهي.