شكك اقتصاديون في فعالية العودة إلى إعادة التمويل البنكي، معتبرين أن المشكل المطروح ليس نقص السيولة وإنما نقص الجرأة لدى البنوك في منح القروض ذات المخاطرة المعقولة. حيث أجمع خبراء وبنكيون، أمس الأول، في تصريحات لوكالة الأنباء الجزائرية، أن العودة لإعادة تمويل البنوك التجارية من طرف بنك الجزائر ما هو إلا ”عودة الأمور لمجراها الطبيعي” بعد سنوات من فائض السيولة، كما شددوا على أن نجاعة هذه الخطوة تبقى مرهونة بالمزيد من المرونة في تقديم القروض البنكية. حسب شروحات قدمتها مصادر بنكية لوكالة الأنباء الجزائرية، فهذه العملية لا تحمل أي طابع خاص، مشيرين إلى أن إعادة تمويل البنوك هي المهمة الأساسية لأي بنك مركزي. فقد كان للبنوك الجزائرية موارد مالية كبيرة خلال الخمس عشرة سنة الماضية، وبالتالي لم تكن بحاجة للاقتراض من البنك المركزي. لكن وفي ظل انخفاض موارد العملة الأجنبية فإنه صار بإمكانها طلب الأموال”، وفق المصدر ذاته. وانخفضت السيولة البنكية إلى 1.828 مليار دج بنهاية سبتمبر 2015 (حوالي 17مليار دولار) مقابل 2730.88 مليار دج عند اواخر ديسمبر 2014 بسبب تراجع الصادرات الجزائرية من المحروقات نظرا لانخفاض أسعار البترول. وحسب توضيحات نفس المصدر ”فإنه يتم توطين العملة الأجنبية في البنوك خلال كل عملية تصدير من قبل المتعاملين الاقتصاديين. وفي المقابل تسبب كل عملية استيراد في انخفاض أرصدة البنوك من العملة الصعبة. هذه الوضعية تدفع البنوك للاقتراض عندما تكون مداخيل البنوك من العملة الصعبة أقل من مدفوعاتها”. للإشارة، فقد سجل الميزان التجاري الجزائري عجزا ب13.7 مليار دولار في 2015 مقابل فائض ب4.31 مليار دولار في 2014. وبلغ هذا العجز في يناير وفبراير 2016 ما قيمته 3.26 مليار دولار مقابل عجز ب1.27 مليار دولار في نفس الفترة من 2015. وأكد محافظ البنك، محمد لكصاسي، يوم الأربعاء الماضي، أن بنك الجزائر الشروع ابتداء من شهر أبريل المقبل في عملية إعادة تمويل البنوك، من خلال ضخ السيولة اللازمة لتمويل الاستثمار والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر. وسيتم ذلك عن طريق إعادة الخصم أي من خلال قروض يمنحها البنك المركزي إلى البنوك التجارية مقابل نسبة إعادة الخصم. وتحدد نسبة إعادة الخصم ب 4٪ منذ 2001 غير انه لم يتم تطبيقها. ويمكن لبنك الجزائر أن يراجع هذه النسبة وفقا لسياسة القروض المتبعة. وبالتالي تلجأ البنوك التجارية للبنك المركزي من أجل تمويل المشاريع الاستثمارية، وبعد تقديمها للمشروع الواجب أن يكون آمنا من حيث النجاعة، يتحصل البنك على قرض طويل المدى من طرف البنك المركزي مقابل نسبة فائدة معينة. غير أنه لا ينبغي لعملية ضخ السيولة أن تنعكس سلبا على احتياطيات الصرف، يحذر محافظ بنك الجزائر، في إشارة إلى تمويل البنوك لعمليات الاستيراد على حساب الاستثمار. وبالرغم من تراجع الموارد، فقد ارتفعت القروض الموجهة للاستثمار ب 13.35 بالمائة خلال الأشهر التسعة الأولى لسنة 2015 لتصل إلى 7.400 مليار دج. ويتم توجيه ثلاثة أرباع القروض إلى الاستثمار. وفي هذا الصدد قال الخبير المالي فرحات آيت علي في هذا الصدد ”إن البنوك لا سيما العمومية كانت لها سيولة زائدة لسنوات طويلة بسبب القواعد الاحترازية الثقيلة جدا، بالنظر إلى تجريم فعل التسيير بشكل جعلها لا تستطيع تمويل الاستثمار كما يجب”. ويؤكد أن البنوك الجزائرية تشترط ”الكثير من الضمانات المادية لمنح القروض الاستثمارية، في وقت هناك العديد من المشاريع المربحة، إلا أن أصحاب هذه المشاريع لا يملكون الضمانات الرهنية المطلوبة”. ومن جهته، أيد الخبير الاقتصادي كمال رزيق هذا الطرح قائلا أن ”المشكل ليس ذا طابع مالي”، حيث أن المستثمرين ”يعانون من أجل الحصول على القروض. فطرق عمل بنوكنا بالية حيث انها تشترط ضمانات حقيقية حتى لتمويل مشاريع هامة ولا تخاطر”. ويؤكد ذات الخبير على ضرورة أن تتحلى البنوك بالجرأة على المخاطرة.