* هذه هي القطاعات المعنية بنظام التسديد الآلي * عائدات بالملايير.. مناصب شغل بالملايين.. وانتعاش غير مسبوق للتجارة الإلكترونية يقتصر استخدام الجزائريين للبطاقة الإلكترونية على عملية سحب الأموال من شبابيك البريد والبنوك فحسب، بيد أن استعمالها يمكن أن يتعدى ذلك بكثير كاقتناء المشتريات لدى البقالة، دفع فاتورة الماء أو الغاز، تسديد تكلفة العشاء في مطعم أو حتى شراء قميص على الأنترنت.. خدمة الدفع الإلكتروني.. هو ما تحضر الحكومة لإطلاقه وتعميمه في الجزائر نهاية سنة 2016 في إطار الإصلاح المالي الشامل ورقمنة الاقتصاد، من خلال تحديث وعصرنة وسائل الدفع في بلادنا لمواكبة التطور التكنولوجي الحاصل، فيصبح لكل جزائري بطاقة دفع إلكترونية خاصة به. بعد فرض التعامل بالصكوك البنكية على كل المعاملات المالية التي تفوق قيمتها 100 مليون سنتيم مؤخرا، يحوز ملف تحديث وسائل الدفع في الجزائر وتعميم خدمة الدفع الإلكتروني على حصة الأسد من الاهتمام على مستوى وزارة المالية، كونه يأتي للحد من مستوى تداول النقود خارج النظام المصرفي، فالبطاقات الإلكترونية لا تستخدم لحد الآن إلا لسحب النقود من الموزعات البنكية والبريدية في بلادنا، ما يجعلها غير فعّالة بالشكل الكافي. وحسب مصدر حسن الاطلاع من الوزارة، فقد تمت برمجة جملة من الاجتماعات واللقاءات مع مختلف البنوك والهيئات المصرفية لمناقشة ملف توسيع عملية الدفع بالبطاقة المغناطيسية في الجزائر، التي ستدخل حيز التنفيذ منتصف 2016، وحسب أرقام الوزارة فسيصل عدد بطاقات الدفع الإلكتروني التي يرتقب توزيعها في المرحلة الأولى حوالي 15 مليون بطاقة. الدفع والسحب الإلكتروني.. خارج حسابات الجزائريين لعقود يبدو أن البطاقة الإلكترونية ستواجه ندا قويا لطالما لازم جيوب الجزائريين وسيصعب عليها إزاحته من معاملاتهم التجارية اليومية بسهولة، ألا وهي النقود، فحسب آخر أرقام وزارة المالية تمثل المعاملات التجارية الإلكترونية 1 بالمائة فحسب من التعاملات التجارية للجزائريين، والتي تنحصر في سحب النقود من الموزعات الأوتوماتيكية، ما يستدعي التفكير جديا في الموضوع، فالجزائريون عازفون تماما عن استغلال بطاقات الدفع المغناطيسية كونهم تعودوا على التعاملات النقدية، ما يعيق تغيير الذهنيات، فضلا عن عدم ثقة المواطنين في هذا النوع من التعامل الآلي، كونه جديدا وحديث النشأة في بلادنا، بالإضافة إلى غياب الاتصال والتحسيس والتوعية بأهمية استغلال الدفع والسحب الآلي. وهنا يكمن تحدي الهيئات المالية والمصرفية لتغيير سلوك الجزائريين ومصالحتهم مع آليات الدفع والسحب الإلكتروني. لا تمييز بين القطاعات لتعميم الدفع الإلكتروني.. وبطاقة واحدة لكل المعاملات رئيس الجمعية المهنية للبنوك، بوعلام جبار، كشف لنا عن تفاصيل برنامج توسيع الدفع الإلكتروني في الجزائر، الذي قال أنه يستهدف أكبر عدد من القطاعات الخدماتية والتجارية، فلن تنقضي سنة 2016 حتى يكون في جعبة كل مواطن جزائري بطاقته الإلكترونية الخاصة، مضيفا أن البرنامج في مضمونه يتضمن شقين رئيسيين، الأول يتعلق بإطلاق نظام الدفع الآلي عن طريق البطاقة الإلكترونية أو كما تسمى ببطاقة الائتمان، والتي تخص المعاملات اليومية المباشرة تجارية كانت أو خدماتية، والتي يجري مناقشتها في الوقت الراهن على مستوى البنوك لضبط آليات إطلاقها بالتشاور مع التجار وموفري الخدمات في الجزائر، أما الشق الثاني فيتعلق بخدمة الدفع عن طريق الأنترنت والتي بلغت تحضيرات إطلاقها مراحلها الأخيرة، فقد ضبطت كل البنوك الناشطة في الجزائر جميع الجوانب القانونية والتقنية لإطلاق ذلك، ولا تنتظر سوى موافقة بنك الجزائر لإطلاقها رسميا قبل نهاية السداسي الأول من السنة الجارية. وستشمل العملية في مرحلتها الأولى، يضيف جبار، القطاعات الخدماتية، على غرار تعميم عملية الدفع عن طريق الأنترنت لكبريات الشركات الوطنية لتسديد فواتير الغاز والماء والكهرباء والأنترنت، كالمؤسسة الوطنية لتوزيع المياه ”سيال”، وكذا شركة توزيع الكهرباء والغاز ”سونلغاز”، إضافة إلى مؤسسات النقل المختلفة، في مقدمتها شركات الطيران لاقتناء تذاكر السفر وإجراء الحجوزات، شركات الاتصالات وغيرها، إذ من المزمع الانتهاء من هذه المرحلة قبل نهاية السداسي الجاري للمرور إلى المرحلة الثانية التي ستشمل تعميم الدفع الإلكتروني على باقي القطاعات. وعن القطاعات التي ستمسها هذه الخدمة، أكد جبار أن كل القطاعات معنية بخدمة الدفع الإلكتروني، إذ لا يوجد تمييز بينها، كما أن لكل مواطن الحق في الحصول على بطاقته الخاصة، مع الطموح إلى توحيد عملية الدفع الإلكتروني في بطاقة واحدة تستعمل سواء للسحب أو التسديد. كل الآليات جاهزة لاعتماد نظام الدفع الآلي بشكل رسمي في الجزائر وأوضح جبار أن الآليات جاهزة وتم إعدادها بطريقة تسمح بالشروع في اعتماد هذه الخدمة بشكل رسمي ودون مواجهة أية مشاكل، موضحا أن التنسيق يتم مع شركة ”ساتيم” للنقد الآلي والعلاقات التلقائية مع البنوك، وأن العملية ستكون بطريقة تلقائية لامتصاص السيولة المالية خارج البنوك ولن تشهد أية مغامرة مالية أو مخاطرة، خاصة أن الحكومة أعدت الملف بطريقة تسهل على الزبون استيعابه وتجعله بعيدا عن الاختلاس والسرقة. مشددا على أنه تم اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة وتوفير معايير الأمن والسلامة لمنع أية تجاوزات أو اختراق للعملية. لا تجارة إلكترونية دون دفع إلكتروني إعلان وزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، هدى إيمان فرعون، منذ أسابيع قليلة عن وضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون متعلق بالتجارة الإلكترونية، سيسمح لا محالة بانتعاش هذه التجارة في بلادنا وتقنينها وسيسمح بإجراء هذا النوع من المبادلات التجارية مباشرة ودون صعوبة عن طريق الدفع الإلكتروني، فور الحصول على موافقة بنك الجزائر بعد مصادقة البرلمان بغرفتيه على هذا النص. من جهته، يرى عبد العزيز آيت عبد الرحمان، مدير ضبط النشاطات وتنظيمها على مستوى وزارة التجارة، أن المبدأ الأساسي للمعاملات التجارية الإلكترونية هو الدفع الإلكتروني، والعملية لا تزال غائبة في الجزائر، فلا وجود لتجارة إلكترونية رسمية في بلادنا، كما يجري التحضير لتقنينها فور إطلاق نظام الدفع الإلكتروني ووضع حد لفوضى البيع والشراء على الأنترنت من خلال تنظيمها، والتي تندرج في إطار برنامج وزارة التجارة للقضاء على النشاط الموازي والأسواق الفوضوية والمعاملات التجارية غير القانونية. من جهته، أفصح لنا الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال، يونس قرار، أن إطلاق الدفع الإلكتروني أساس التجارة الإلكترونية، ويستحيل تقنينها والتحكم فيها في ظل غيابه، إذ تندرج في إطار النشاط التجاري الموازي، فلا وجود لتجارة إلكترونية حقيقية دون دفع إلكتروني. الدفع الإلكتروني يضخّ الملايير في الخزينة العمومية وقدّر الخبير أن التجارة الإلكترونية يمكنها امتصاص 10 بالمائة من الأموال المتداولة في السوق الموازية عند إطلاقها رسميا في الجزائر، إذ سينعكس الدفع الآلي بالإيجاب على الاقتصاد الوطني فور إطلاقه في ظل تهاوي أسعار البترول، فسينعش التجارة الإلكترونية، ما يتيح للمؤسسات الرفع من حجم مبيعاتها أضعافا مضاعفة، كونها ستروّج منتوجاتها وخدماتها على النت، فتصبح عملية البيع والشراء متاحة بنقرة واحدة أو كبسة زر، ما سيطوّر شبكة التوزيع عبر مختلف ولايات الوطن، فتتضاعف كمية المنتجات والخدمات المسوقة، وكلها مداخيل وعائدات مالية تقدّر بالملايير، خاصة أن الدول المجاورة تحصد من التعامل بالتجارة الالكترونية ما بين مليار و3 ملايير تساهم في إنعاش اقتصادها. دون إغفال، يضيف قرار، الكم الهائل من مناصب الشغل والوظائف المباشرة وغير المباشرة التي ستخلقها عملية الدفع الإلكتروني بانتعاش التجارة الإلكترونية، والتي تعد بعشرات الآلاف، وحتى الملايين، فكلما زاد الطلب على المنتجات زادت الحاجة لتوظيف المزيد من اليد العاملة والموارد البشرية في مختلف المجالات، على غرار النقل، والتوزيع، الصيانة، فضلا عن حاجة المؤسسات والشركات التي تقدم الخدمات والمنتجات لمواقع تسويق إلكترونية، ما يرفع الحاجة إلى مصممي المواقع، مهندسين، مبرمجين وتقنيي الإعلام الآلي، فالأكيد أن إطلاق الدفع الإلكتروني سيسهم في ضخ الملايير في الخزينة العمومية. الثقة.. أساس تبني المواطن الجزائري للدفع الإلكتروني والتوعية سبيل تحقيق ذلك وغير بعيد عن ذلك، شدّد مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية المستهلك وإرشاده ”أبوس”، على ضرورة التوعية والتحسيس ليتقبّل الجزائري هذه التقنية الجديدة للدفع، مشيرا أن إطلاق الخدمة يجب أن يتم بشكل ”تدريجي” وعلى مراحل، ليستوعب المواطن الخدمة من خلال تبني التبسيط في شرحها ليثق هذا الأخير فيها ويتبناها كآلية جديدة للتسديد. وعن مزايا الخدمة، أكد محدثنا أن الوقت الراهن يستدعي إدخال مثل هذه التقنيات الحديثة والتي تعود بالفائدة على المواطنين، سواء من حيث اختصار الوقت والجهد، وتسهّل حياتهم والقيام بمعاملاتهم التجارية، كما تجنبهم التنقل بأكوام النقود المكدسة في جيوبهم وتحميهم من السرقة، قائلا: ”مستعدون كجمعية حماية المستهلك للمشاركة في عملية تحسيس وتوعية المستهلكين شريطة تبني المصداقية عند إطلاق هذه الخدمة، فالجزائري أضحى لا يثق في كل ما هو إلكتروني وآلي، نتيجة تجاربه السابقة مع البطاقات البريدية، فكم من المرات يشتكي المواطنون من تعطل البطاقة أو الجهاز، غياب الشبكة، عدم توفر السيولة وغيرها من الأعطاب التي تهز ثقة المواطن في مثل هذه الآليات الأوتوماتيكية”. ويتوجب أن تكون حماية الخصوصية في قلب هذا التنظيم على اعتبار أن أنظمة الدفع الإلكتروني عبر الأنترنت تتطلب تبادل المعلومات الشخصية الضرورية لإجراء عملية شراء السلع والخدمات. مؤكدا في ذات الصدد على ضرورة تلقين ما يسمى بالتربية الأمنية لمستخدمي الخدمة وحاملي بطاقات الدفع الإلكتروني، من خلال توعيتهم بأن لا يستخدموا بطاقاتهم في أي مكان، مع ضرورة الحفاظ على كلمة السر الخاصة بهم، والامتناع عن القيام بأية عملية تجارية في موقع غير معروف ومؤمن على النت، مع الاحتراز والحذر من كل البرامج والرسائل مجهولة الهوية التي تصلهم عبر أجهزتهم المربوطة بشبكة الأنترنت والتي تتم بواسطتها عملية اقتناء المنتجات والخدمات. كما اعتبر زبدي أن الجزائر جد متخلفة في هذا القطاع، ولابد من تحرير الدفع الإلكتروني في أقرب الآجال، للدفع بعجلة التنمية والاقتصاد. تأمين العملية والرادع القانوني.. سبل نجاح نظام الدفع الإلكتروني في الجزائر من جهة أخرى، أكد خبير الاتصالات، يونس قرار، على ضمان السرية وأمن وسلامة الطرفين في التعاملات عن طريق بطاقة الدفع الإلكتروني، مؤكدا أنه بعد مرحلة التثقيف والتحسيس تأتي مرحلة الربط بالشبكة العنكبوتية والتي تعرف تطورا ملحوظا في الجزائر، فحسب آخر الأرقام، أزيد من 10 مليون جزائري مربوطون بالأنترنت، كما أن الهواتف الذكية ستسهل الاستفادة من هذا النوع من الخدمات، لتأتي المرحلة الأهم وهي التأمين من خلال ضمان الربط بشبكة الأنترنت لتفادي الانقطاعات التي من شأنها أن تهز ثقة المستهلكين، فضلا عن اتخاذ كافة التدابير لتكون العملية في منأى عن الهجمات الإلكترونية وعمليات القرصنة والسرقة والاختلاس. وأشار يونس قرار إلى ضرورة تفعيل ما يسمى بالأمن المعلوماتي عند إجراء الدفع الإلكتروني، والذي يتم على 3 مستويات، أولا التأكد من تأمين الجهاز من التجسس الذي تتم من خلاله عملية الشراء أو الدفع الإلكتروني، ثانيا لابد من تأمين مواقع الأنترنت التي يتم من خلالها تسويق المنتجات والخدمات مع تجنب القيام بمعاملات الشراء عبر المواقع غير المعروفة والمشبوهة، ثالثا الاستعانة بالبرمجيات وأجهزة تأمين الشبكات التي رغم عدم ضمانها بنسبة 100 بالمائة إلا أنها تقلل حدة عمليات القرصنة والتجسس. كما شدد الخبير على الرادع القانوني والصرامة في تطبيقه للحيلولة دون المساس بأمن العملية من خلال فرض عقوبات صارمة في حق كل من يمس بأمن وسلامة هذه الخدمة سواء كانت احتيالا، سرقة أو قرصنة. الأكيد أن تعميم نظام الدفع الإلكتروني في الجزائر مطلوب ولن يتحقق إلا بتحالف وطني وتضافر جهود كل من التجار والمصرفيين والمستهلكين، السلطات العمومية والجمعيات الناشطة.