تراوحت أمس، مداخلات النواب بين مدعم لمشروع القانون الأساسي لضباط الاحتياط ومشروع القانون الأساسي للمستخدمين العسكريين، وبين من انتقد فرض واجب التحفظ مدى الحياة، معتبرين أن الأمر يتعارض مع مبدأ المساواة بين المواطنين. أكد، أمس، نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني، بهاء الدين طليبة، عن حزب جبهة التحرير الوطني، أن ”مشروعي القانونين يلزمان العسكريين المحالين على الاحتياط أن يتحفظوا عن كل فعل أو تصريح أو سلوك من شأنه الأضرار بسمعة المؤسسات والسلطات العمومية”، مشيرا إلى أنه ”يعد تكريس لبناء مؤسسات الدولة وابعاد العسكريين عن حسابات سياسية”، وانتقد المعارضة التي حسبه، تتحين الفرصة للنيل من الحكومة عبر شن حملة عبر الصالونات والتلفزيونات، لافتا إلى أنه سيكون واحدا من أهم مشاريع تمدين الدولة الجزائرية. وفي نفس السياق، قال محمد الطاهر قدور، عن التجمع الوطني الديمقراطي، إن نص المشروعين سيضبطان كل الممارسات غير القانونية للعسكريين الذين يتوجب عليهم التقيد بحفظ وكتمان السر العسكري، وكل من يتجاوزه سيتعرض للمتابعة القضائية خصوصا من بعض الأطراف التي تحاول زعزعة امن واستقرار الجزائر، من خلال الخوض في الأمور السياسية غير الشريفة باسم المؤسسة العسكرية، معتبرا أنه إجراء معنوي لا يؤثر في الحقوق الممنوحة للعسكريين في التقاعد. من جهته، أخذ النائب عن حزب العمال رشيد خان، خلال مداخلته، على هذه التعديلات التي طرأت على نص المادتين 15 مكرر و15 مكرر2، من المشروع المتضمن القانون الأساسي لضباط الإحتياط، ونص المادة 24 من مشروع القانون المتضمن القانون الأساسي العام للمستخدمين العسكريين، من باب الحرص على بقاء وحدة المؤسسة العسكرية ومستخدميها بعيد عن التجاذبات السياسية مهما كان نوعها أو طابعها، مشيرا إلى أن واجب التحفظ أثناء ممارسة المهام من حيث المبدأ غير قابل للمعارضة، إلا أنه يتم تمديده كما هو الحال في المشروع، عند إحالة مستخدمي المؤسسة العسكرية على الاحتياط، وكذا التوقف النهائي للعسكري عن الخدمة، وهو لا يستقيم وأحكام الدستور من أن المواطنين سواسية أمام القانو، مطالبا بضبطه على أن لا يكون على المطلق وفضفاضا يمتد إلى مدى الحياة. من جانبه، انتقد النائب عن تكتل الجزائر الخضراء، ناصر حمدادوش، القانون، معتبرا أن علاقة ”العسكري” بالمؤسسة العسكرية تنتهي بتقاعده، متسائلا: كيف تفرض عليهم مؤسسة لم تعد تربطهم بها أيّة صلة واجباتٍ إضافية بقوانين بعدية، فيما لا علاقة له بأسرار المؤسسة، وقد أصبح مواطنا مدنيا وليس مواطنا عسكريًّا. وأشار إلى أن الواجب الوحيد المفروض على المتقاعد العسكري هو واجب المحافظة على الأسرار التي اطلع عليها أثناء تأدية مهامه والاستعداد الدائم لحماية الجزائر ”حتى آخر قطرة” من دمه. ووصف المتحدث التعديلات المقترحة ب”المطّاطة”، حيث تتكلم عن ”المساس بشرف مؤسسات الدولة الأمر الذي قد يتعارض مع محتوى الدستور، الذي يؤكد على مساواة كل المواطنين أمام القانون، وعلى الحق في الإعلام وحرية الرأي والتعبير”، مؤكدا أن هذا التعديل سيفرض على عشرات الآلاف من المتقاعدين مخاوف مشروعة من هذه العقوبة الجماعية، وقال إنه ”ليس هذا هو جزاء الإحسان إليهم بعد كل هذا المسار والانتماء المشرف للمؤسسة العسكرية، وكأنّهم في حالة استعباد مدى الحياة”. وأكدت، أمس، وزيرة العلاقات مع البرلمان، غنية إيداليا، أن ”مشروع القانون الأساسي لضباط الاحتياط ومشروع القانون الأساسي للمستخدمين العسكريين يهدف إلى تعزيز القواعد المسيرة لواجب التحفظ بالنسبة للعسكريين والحفاظ على الصورة اللامعة للجيش الوطني الشعبي في مجتمعنا وإبقائها في خدمة الجمهورية لا غير، وجعلها فوق أي رهانات سياسية أو سياسوية”. وأوضحت الوزيرة خلال تقديمها للمشروع أن ”الأحكام الواردة في نص قانون توجب على العسكريين المحالين على الاحتياط أن يتحفظوا على كل فعل أو تصريح أو سلوك من شأنه الإضرار بسمعة المؤسسات والسلطات العمومية حيث أنه يتوجب الالتزام به طيلة مدة إنهاء خدمة الضباط العاملين المدمجين في الاحتياط مع ضمان ممارسة الحقوق والحريات التي تكفلها قوانين الجمهورية”. وأعاب نعمان لعور، النائب عن حركة مجتمع السلم، عدم تحديد الخروقات التي تؤدي إلى العقوبات المدرجة في القانونين، إلى جانب عدم تحديد المدة الزمنية التي يلتزم فيها المنتسبون إلى الجيش الوطني الشعبي من التزام التحفظ، معتبرا أن نصي القانونين فيهما جزء من سلب للحريات الفردية، لأنه فيه بعض الغموض في بعض المواد والتي هي غير مضبوطة وغير واضحة المعالم، وأوضح أنه ”كان الأجدر أن يتم تحديد الخروقات والمجالات التي يعاقب عليها العسكري المتقاعد وهذا تفاديا للتعسف”.