يعد طبق "الشخشوخة" المسيلية، التي تختلف عن نظيرتها البسكرية من حيث نوعية الرقاق والمرق، أكلة مفضلة لدى غالبية العائلات بالمسيلة احتفالا بعيد الفطر المبارك، حيث لا تخلو الولائم والدعوات الموجهة للأقارب أوغيرهم من هذا الطبق. وتهم النساء بتحضير الرقاق قبل أيام من حلول عيد الفطر المبارك وكلهن عزم على تقديم لأفراد عائلاتهن أحسن أطباق "الشخشوخة"، التي ترتكز أساسا على نوعية الرقاق الذي يختلف من منطقة لأخرى.. فشخشوخة أولاد دراج تختلف عن تلك للمسيلة وعن بوسعادة، فالأولى لا تشوى على الطاجين باستعمال الزيت، فيما تستعمل المسيليات الزيت لطهي الرقاق. بينما تعمد البوسعاديات إلى طهيه بالماء تفاديا لامتصاصه للمرق عند تقديمه للمستهلكين، يقول متخصصون في هذا الطبق التقليدي اللذيذ. ويوضح المتخصصون في هذا الطبق من أصحاب مطاعم خاصة متخصصة في الأطباق التقليدية، أن مرق "الشخشوخة" يختلف حسب الأذواق حسب استعمال إما لحم صغير الجمل، أي المخلول، أو لحم الدجاج أو لحم الضأن، بل إن الأول أكثر طلبا من الثاني فيما تجيد القليل من النسوة القاطنات بالأرياف تحضير مرق "الشخشوخة" بلحم الأرانب في منطقة بوسعادة تحديدا، حسبما ذكره ناصر وأصدقاؤه من قدماء تجار مدينة بوسعادة. ويقدم طبق "الشخشوخة" ساخنا، حيث يلجأ الى تسخينه في إناء طيني هو نفسه من يقدم فيه طبق "الشخشوخة" ساخنا بل ويصل إلى درجة الغليان، غير أن أكله ساخنا يحتاج أيضا إلى تخصص استهلاكي بامتياز. فمن يعرفون هذا الطبق كثيرا ما ينصحون من لا يعرفونه بجلب قطيعات "الشخشوخة" الساخنة إلى حافة الصحن وحصره لمدة في هذا الموقع في انتظار انخفاض درجة حرارته ليوجه إلى الفم كلقمة دون ذلك، فإن المستهلك محاط بخطر التهاب اللسان واللثة لتتحول النكهة إلى نقمة، كما يقول سكان الأرياف بالحضنة. فعلى سبيل المثال يحكى أن بمنطقة أولاد ماضي المعروفة ب"الشخشوخة" الماضوية تم تقديم هذا الطبق لأحد المغتربين الشباب من المنطقة التي لم يزرها بتاتا، وعندما رأى "الشخشوخة" مقدمة للمدعوين في إناء طيني وهي تغلي، صرخ بأعلى صوته "كيف لي أن آكل هذا البركان".. ليتم تلقينه طريقة الأكل المعتادة محليا. وكثيرا ما يكون مرق طبق "الشخشوخة" حارا لاستعمال التوابل الحارة كالفلفل الأحمر المفروم، ولم يتوقف الحد غلى هنا بل ويتم تزيينه بفتات الفلفل الأخضر الحار، ويقدم بدرجة حرارة مرتفعة لإثارة شهية المستهلكين الذين صاموا عن مثل هذه الاطباق لمدة شهر كامل . ولتفادي آثار الفلفل الحار على المستهلك، فإن نساء الحضنة توارثن طريقة من عن أسلافهن تتمثل في تقديم كمية من الزبدة الطبيعية التي تسمى ب"الدهان"، فهي إما طازجة وتعمل الزبدة على إزالة آثار الفلفل التي لا تظهر للتو بل تؤجل إلى موعد لاحق. وينصح أثناء تناول طبق "الشخشوخة" المسيلية الابتعاد عن شرب الماء لأنه يزيد من آثار الفلفل، في حين يلجأ في الوقت الحاضر إلى شرب العصائر والمشروبات الغازية التي تعد أقل تأثيرا على المعدة مقارنة بالماء. كما أن تحضير طبق "الشخشوخة" يتم أولا بتحضير الرقاق الذي يحبذ أن يكون طازجا باعتبار أن بعض النساء يحضرنه قبل موعد عيد الفطر بعدة أسابيع، غير أن الغالب تحضيره قبل يومين من العيد ليحافظ على نكهته. والرقاق حسب العارفات ب"الشخشوخة"، يحضر من عجين السميد ومن الشعير.. غير أن هذا الأخير لم يعد يحضر في أيامنا هذه نظرا لنقض الاستهلاك وغياب المختصات فيه، لكل حسب ذوقه. وإذا كانت "الشخشوخة" الطبق المفضل في أيام عيد الفطر فإن خضر مكوناته كثيرا ما ترتفع أسعارها في السوق نظرا لارتفاع الطلب عليها، وهي الطماطم الطازجة والبصل والفلفل الحار، وهي الخضروات التي تشترى قبل العيد بعدة أيام، مع العلم أن بعض النسوة يحبذن تحضير "الشخشوخة" باستعمال البصل الأخضر غير المتوفر حاليا في السوق.