كشف المخرج الجزائري الكبير محمد لخضر حمينة رئيس لجنة اختيار الفيلم الجزائري المشارك في مسابقة الأوسكار لأحسن فيلم أجنبي، أن اللجنة لم تجد صعوبة في اختيار الفيلم الذي يمثل الجزائر في المسابقة لكون الخيار كان واضحا لأن فيلم ”البئر” حسب حمينة في كل المميزات التي تسمح له بتمثيل الجزائر في هذه المسابقة الكبيرة. قال حمينة، في ندوة صحفية نشطها صباح أمس بسينماتيك العاصمة، أن لجنة الاختيار لم تكن تملك العديد من الخيارات ما جعلها تختار بين فليمي ”الطريق إلى إسطنبول” للمخرج رشيد بوشارب و”البئر” للطفي بوشوشي، موضحا أن هذا الأخير يملك كل المميزات التي تجعله يمثل الجزائر في هذا المحفل السينمائي الكبير. وأضاف صاحب سعفة ”كان” أن فيلم ”البئر” فيه كل المميزات التي تجعل منه فيلما ناجحا وبإمكانه الفوز بجوائز عديدة، ولكن يجب دعمه من طرف الدولة وذلك من خلال التوزيع، مضيفا أن الجانب التجاري للفيلم مهم جدا في تحديد مسار الجوائز وعلى الدولة أن تعلب دورها كاملا في هذا الجانب، لأن الفيلم لا يمثل المخرج في هذه المسابقة بل يمثل الدولة الجزائرية. وأوضح حمينة أنه سيقوم بمراسلة أعلى المسؤولين في الدولة الجزائرية بداية من وزير الثقافة والوزير الأول وحتى رئيس الجمهورية من أجل التكفل بهذا الفيلم، كاشفا أن اللجنة التي يشرف عليها ستتحول إلى جمعية تختار الأفلام الجزائرية التي تمثل الجزائر في الأوسكار. وقال مخرج ”وقائع سنين الجمر” أن السينما الجزائرية تراجعت بعدما كانت رائدة، مضيفا أن الثقافة الجزائرية تعاني وعلى الدولة أن تأخذ هذا بعين الاعتبار. واختارت الجزائر فيلم ”البئر” ليمثلها رسميا في الدورة ال89 لمسابقة الأوسكار، يملك فيلم ”البئر” بشهادة كل من شاهده على زوايا عديدة ترشحه لدخول القائمة الصغيرة المكونة من خمسة أفلام التي تنافس على جائزة أحسن فيلم أجنبي، سواء من ناحية الإخراج، السيناريو والأداء الرائع للمثلين، ناهيك عن الجوائز العديدة التي حصدها الفيلم في مختلف المهرجانات التي شارك فيها. ويقدّم المخرج الجزائري لطفي بوشوشي، في فيلمه الروائي الطويل ”البئر”، زاوية مختلفة في تاريخ المرحلة الاستعمارية للجزائر، مركزا على الجوانب الإنسانية للمرحلة الاستعمارية متجاوزا الصورة النمطية التي كرستها السينما الثورية في أغلب الأعمال الجزائرية. ويُغَلّب بوشوشي في فيلمه الهم الإنساني العالمي على الهم الجزائري المحلي، في سياق فني مبتكر يوحّد الشعور بالانتماء إلى الصورة التي يقدّمها المخرج باحترافية عالية على كل المستويات. يروي فيلم ”البئر”، الذي تتقاسم بطولته ليلى مات سيستان، وزهير بوزرار، وأورايس عاشور، ومحمد أدار، إلى جانب مشاركة أجنبية، الممثل ”لوران مورال” في دور الضابط الفرنسي، على مدار 90 دقيقة، معاناة سكان قرية صغيرة في الحصول على الماء بعد محاصرتهم من قبل القوات الفرنسية للضغط عليهم لتسليم المجاهدين الجزائريين، لتزيد معاناة أطفال القرية ونسائها برمي جثث عدد من الجنود الفرنسيين في البئر الوحيدة الموجودة في المنطقة، وفي غياب رجال القرية واستمرار مدة الحصار تصبح الحياة مرادفا للموت على ذاك الجسر الرابط بين القرية ومنطقة الموت، التي تنتهي عندها حياة كل من تسوّل له نفسه الهروب من الحصار. وصوّر المخرج بأدق التفاصيل تلك المعاناة في أبسط مظاهر الحياة اليومية. وكان للمرأة التواجد الأكبر في كاميرا بوشوشي، التي لم تحدّد الإطار المكاني ولا الزماني للعمل الذي قدمه كاتب السيناريو ”ياسين محمد بن الحاج” بلغة عالمية عن قصة مراد بوشوشي عم المخرج (ضابط في جيش التحرير الوطني.) من جهة أخرى، يقدّم لطفي بوشوشي الآخر (الاستعمار الفرنسي)، بوجه رمادي يبتعد عن السوداوية التي قدمته بها السينما الجزائرية من قبل، دون إغراق في إدانته وتجريمه، مؤكدا على أن الآخر ليس مجرما بالمطلق ولا بريئا بالمطلق، وإنما هو إنسان يحمل من الضعف والرحمة، ما يحمله من القوة والظلم والعداء لكل من يقف أمامه.