يشتهر المطبخ المغاربي منذ قديم الزمان باستعمال البهارات والنباتات الغذائية المتنوعة، وهي سر المذاق المميز الذي جعل مطبخه سفير الأكل الصحي، ليتزايد الإقبال على محلات بيع البقوليات والتوابل في المناسبات الدينية التي تبقى الأكلات التقليدية ميزتها بعد العبادات. تخصص ربات البيوت رفّا أواثنين في مطبخها للتوابل، باعتبارها كثيرة الاستعمال في الأكلات الشعبية، حيث لكل طبق توابله الخاصة، كما أن اختلاف المذاق فيها راجع لنوعية التوابل المستعملة ونسبتها. وعلماء التغذية يشجعون على استخدام البهارات لكن بطريقة مقننة، خاصة البهارات الحارة، لما فيها من فوائد متعددة لجسم الإنسان، كونها تزيد من تفعيل أنزيمات الجسم وتخلو من السعرات الحرارية العالية. جاء في موسوعة البهارات والتوابل للمطبخ، أن البهارات فضلا عن كونها تضفي نكهات طيبة على الطعام، فإنها تساعد على حماية الإنسان من الأمراض، والدليل على ذلك أن محلات بيع الأعشاب الطبية تعرض التوابل والبهارات كنوع من مواد التطبيب، بعد أن أثبتت الأبحاث أن بها مكونات طبيعية تدمر الميكروبات والفطريات، وتقاوم التسمم الغذائي. عرف المطبخ الجزائري مؤخرا أنواعا جديدة وعديدة من البهارات والتوابل، خاصة ما تعلق بالبهارات الهندية التي تتميز بمذاقها الحار. لتعرف الأكلات الشعبية كذلك تنوعا في المذاق خلافا لما عرف من قبل، لكن تحذر كل طاهية في البيت على استعمال الوصفة المتوارثة في الوجبات المحضرة في المناسبات الدينية، باعتبار أن العاصميين لا يفضلون النكهة الحارة في أكلهم، في حين أن ذات النكهة مألوفة لدى مناطق أخرى من الوطن، بل تعتبر سمة فيها، كمنقطة الأوراس. من أشهر التوابل التي تستعملها العاصميات ”القرفة”، وهي من عائلة ”السينامومن”، وتستعمل القرفة في شكل عود أو مطحونة، وفي المذاقين المملح والحلو.. ومن فوائدها الجمة طرد الغازات من المعدة والأمعاء، وتساعد على الهضم، حيث تعمل على إفراز العصارات الهاضمة، وتعتبر مفيدة جدا لإزالة التخمة والشعور بالامتلاء والغثيان حين يخلط مسحوقها مع الزنجبيل، وغيرها من الفوائد التي جعلت القرفة تقتحم كل بيت. ليكون ”رأس الحانوت” كذلك حاضرا عند تحضير كل طبق تقريبا، لأنه مزيج بين أنواع عديدة من التوابل ويغني عن استعمال غيره. أما ”الفلفل الأسود” فيستعمل بنسبة قليلة مقارنة بغيره من التوابل، نظرا لمذاقه القوي الذي قد لا يتحمله البعض. لكن الفلفل الأحمر أو ”العكري” فاستعماله كثير، لأنه ضروري في المرق الأحمر الذي يصاحب أشهر الأطباق التقليدية في المناسبات المختلفة، ناهيك عن ”السكنجبير” و”جوزة الطيب”. لكن عرف الإقبال منذ زمن غير بعيد على التوابل والبهارات المغربية والهندية، وكلاهما كثير الاستعمال من قبل أهلهما، حيث أن استعمال التوابل من قبل المغربيات يكون بالملعقة كبيرة الحجم عكس الجزائريات اللواتي يستعملن نسبة ملعقة صغيرة الحجم في أغلب الأحيان. ومن أشهر ما يلقى إقبالا هي ”ورقة موسى”، ”الزعفران المغربي” و”عود مريم”، التي يكثر استهلاكها في المغرب. أما المطبخ الهندي فأصبحت المطاعم التقليدية الهندية سفيرته بأشهر الأحياء بالعاصمة، مثل بن عكنون وحيدرة. ليتطور الوضع إلى عرض كتب طبخ حول الطبخ الهندي، والذي يختلف في مكوناته وطريقة تحضيره عن المطبخ الجزائري بشكل ملحوظ، لتكون الخطوة الموالية الطلب الذي يلقاه الباعة من قبل المستهلكين على توابل الهند. لن تبرح توابل مطبخنا المحلي مكانها في طبق ”الكسكسي”، ”الرشتة”، ”الدوارة”، ”البوزلوف”، التي تبقى وحدها سر النكهة والمذاق السحري في مائدة الجزائرية.