سببت الانتهاكات الإيكولوجية للمحيط البيئي في عنابة، تنديدا واسعا للجمعيات البيئية التي طالبت مسؤولي الولاية بضرورة التدخل الجدي لوقف هذه التجاوزات الخطيرة، مؤكدة اللجوء للعدالة لمقاضاة الأطراف المتورطة في هذه الظاهرة التي باتت خطرا كبيرا على صحة مواطني الولاية. من واد سيبوس إلى بحيرة فتزارة، تنتقل بين هذا وتلك أيادي خفية، تارة تلقي بأطنان من سموم مخلفات ومكونات أزوريه سامة تسببت في نفوق كميات هامة من الأسماك، وتارة أخرى تتسبب في إضرام النيران التي أتت أول أمس على مساحات شاسعة من الغطاء النباتي عبر محمية فتزارة، الأمر الذي رفع وتيرة التنديد من قبل الجمعية الوطنية لحماية البيئة ومكافحة التلوث، التي كانت قد أودعت شكوى لدى العدالة ضد مؤسسة ”فرتيال” في ما يخص مخلفات كيماوية تسببت في نفوق أطنان من الأسماك بواد سيبوس الشهر الفارط، وتطالب حاليا ذات الجمعية بمعاقبة المسؤولين عن إضرام النيران في محمية فتزارة، والتي أتلفت مساحات واسعة من الغطاء النباتي وبعض الطيور التي تعودت على الهجرة في هذا الموسم إلى عين المكان. وفي ذات السياق باشرت مصالح الدرك الوطني تحقيقاتها، على اعتبار الدخول إلى هذه المحمية ممنوعا، عدا السكان القاطنين على مقربة منها. وفي هذا الإطار مازالت التحقيقات متواصلة من أجل التوصل لرفع ملابسات الوقائع التي حدثت أول أمس عندما بلغ علو النيران قرابة المتر، ما لم يمكن عناصر الحماية المدنية من إخمادها نتيجة التوسع الهائل والكبير لرقعتها، حيث تم الاكتفاء بفرض حصار على هذه النيران كي لا تمتد لمساحات أكبر وتتسبب في حرق منازل السكان الذين أصيب غالبيتهم بالاختناق نتيجة الدخان الكثيف الذي عم كامل المنطقة. تدهور الواقع البيئي ضرب بقوة التوازن البيولوجي في محمية ”فتزارة” وعبر المسطحات المائية، حيث اختفت عديد أنواع الطيور والأسماك نهائيا، كما تأثرت مواسم هجرة الطيور بشكل واسع عبر المساحات الرطبة المصنفة عالميا، ناهيك عن الأضرار الصحية التي تتسبب بين الفينة والأخرى في هلاك رؤوس الماشية وانتشار مختلف الأمراض التنفسية والجلدية للمواطنين، خصوصا المقيمين بالقرب من هذه المناطق التي تتعرض بشكل يومي للانتهاك، الأمر الذي يدعو بشكل عاجل لتدخل السلطات الوصية من أجل فرض عقوبات صارمة على المتسببين في الكارثة الإيكولوجية التي ألمت بولاية عنابة، حسب رئيس الجمعية الوطنية للحفاظ على البيئة، علما أن التحقيقات حول السموم الكيماوية التي تم العثور عليها بواد سيبوس لم تنته بعد لتحديد اليد الخفية التي تقف وراء الظاهرة التي ارتفعت حدتها السنتين الأخيرتين.