من أجمل ما وهب الخالق عز وجل للجزائر طبيعتها الساحرة التي تسر الناظرين ولأن بلادنا معروفة بروعة مناظرها وقساوة وسحر صحرائها وغاباتها الكثيفة التي تبعث الإرتياح في النفوس ،ناهيك عن بحارها التي تزيدها بهاء ورونقا.ومن بين أجمل ما تزخر به عاصمة البلاد بحيرة الرغاية ،والأكيد أن الكثيرين منا لا يعرفونها ،لهذا إرتأينا أن ننزل وننقل لقرائنا الكرام واقع هذا كنز من كنوزنا . روبرتاج :مريم عويشات تبعد المنطقة الرطبة لبحيرة الرغاية عن وسط العاصمة ب 30 كيلومترا، وعن ولاية بومرداس ب 14 كيلومترا وهي تتربع على مساحة تفوق 1500 هكتار وتضم في محيطها الطبيعي مركزا للصيد، ولأنها تتوفر على معايير اتفاقية رامسار حول المناطق الرطبة ذات الأهمية العالمية تحولت إلى محمية طبيعية ذات بعد عالمي، وتعد أحد المؤشرات التي تحدد مدى تدهور الوضعية البيئية في المعمورة، وتساهم حسب المختصين في هذا المجال في التوازن البيئي لشمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط. تتوزع المنطقة الرطبة لبحيرة الرغاية على إقليمي هراوة ورغاية وتعد آخر ما تبقى من المتيجة القديمة بعد جفاف بحيراتها ومستنقعاتها خلال الاحتلال الفرنسي نتيجة تقسيم الأراضي الذي طال المنطقة آنذاك. وتفوق مساحتها الإجمالية 1500 هكتار، منها 900 هكتار بحرية و600 هكتار برية، وتضم المنطقة البرية في حيزها الجغرافي بحيرة تفوق مساحتها 75 هكتارا، وهي مقصد للطيور المهاجرة القادمة من أوروبا هروبا من البرد الشديد وبحثا عن الشروط الملائمة للاستقرار المؤقت وفق الظروف الطبيعية والمناخية وماتمليه حركة هجرتها، أما المنطقة البحرية فتضم جزيرة بونطاح التي هي موطن صنفين من الطيور وتتوفر على 12 صنفا من الأسماك ذات الأهمية الإيكولوجية، وهو ما جعل منها مؤشرا طبيعيا يكشف ويحدد مدى تدهور الوسط البيئي في المنطقة المتوسطية وباقي مناطق العالم، خاصة تلك المرتبطة بحركة هجرة الطيور القادمة من أماكن بعيدة من العالم يصل بعدها إلى 800 كيلومتر . وحسب مدير مركز الصيد بالرغاية عبد الرحمان طالب فإن المعطيات الطبيعية التي تتوفر عليها هذه المنطقة جعلتها تستجيب للمعايير الدولية الخاصة بالمناطق الرطبة ذات الأهمية العالمية وتم على أساس ذلك تصنيفها في جوان 2003 محمية طبيعية في إطار اتفاقية رامسار حول المناطق الرطبة، وهي مكسب طبيعي عالمي يجمع أصنافا حيوانية ونباتية هامة لضمان التنوع البيولوجي، كما أنها مكملة للسلسلة الغذائية واستمرار التوازن الإيكولوجي. وحسب محدثنا فإن المنطقة موطن لتكاثر الطيور وتأوي منها ما مجموعه 203 صنف منها 82 مائيا و4 أصناف من الطيور النادرة المحمية من طرف القانون الدولي و 55 نوعا محميا من طرف القانون الجزائري، وتتوفر على ثروة نباتية معتبرة تقدر ب 233 صنف نباتي تمثل نسبة 13 بالمائة من نباتات شمال الجزائر. فريق عمل جزائري فرنسي لتحضير مخطط تسيير المحمية.. يؤكد السيد طالب عبد الرحمان أن تصنيف المنطقة يستدعي تطبيق السياسة الدولية الخاصة بالحفاظ على المناطق الرطبة، وتتلخص في عدم المساس بالمساحات المحمية والاهتمام بتوسيعها والحفاظ عليها كمخزون غذائي وخزان هام للمياه، بالإضافة إلى الاستعمال العقلاني لمكونات المنطقة منها النبات والمياه والحيوان والتسيير الدائم لهذه الموارد الطبيعية. من جانب آخر أقرت الدول المنخرطة - حسب محدثنا - بضرورة الاهتمام بجانب توعية النشىء الصاعد لتكريس ثقافة حماية الطبيعة وطلب من الدول المعنية أراضيها بالمناطق الرطبة المحمية منها الجزائر فتح مراكز تعليمية وتحسيسية للصغار والكبار تضم قاعات بحث ومخبر ومكتب وقاعة عرض، وانطلق العمل في الجزائر بالتعاون مع مديرية التربية الوطنية للولايات المجاورة لتقديم دروس متخصصة يوميا ماعدا يومي الخميس والجمعة إذ تم تخصيصهما للعائلات. من جانب آخر وفي إطار التوجه الرامي إلى وضع الأسس والآليات التطبيقية لحماية المحمية انطلق أواخر سنة 2006، فريق عمل متخصص يضم خبراء جزائريين وفرنسيين لإنجاز مخطط تسيير المحمية لمدة خمس سنوات وقد خلصت الدراسة إلى تحديد هذا المخطط الذي انطلق في التجسيد خلال هذه السنة ويشمل متابعة كل المكونات الطبيعية للمحمية في مجال الري وحركة الطيور والنبات والنشاط الفلاحي للمنطقة، بالإضافة إلى النمو الاقتصادي والاجتماعي المرتبط بها، بما فيها الجوانب الخاصة بالشغل والكثافة السكانية على أن يتم إنجاز دراسة أخرى للسنوات الخمس التي تليها . ولتطبيق المخطط المذكور حسب السيد طالب لجأ المركز إلى إبرام اتفاقية مع مختلف الجامعات الجزائرية منها جامعة بومرداس وتيزي وزو لإدراج مختلف الجوانب المعنية بالحفاظ على المحمية في رسائل البحث الخاصة بنيل شهادتي الماجستير والدكتوراه، وتم الاتفاق على أن تحتفظ الجامعات المعنية بحقوق النشر وأن تستغل المحمية النتائج المتحصل عليها في الميدان وستكون في الأصل لصالح القطاعات المعنية. النفايات الصناعية والحضرية والفلاحية تهدد سلامة البحيرة تستقبل بحيرة الرغاية يوميا حوالي 80 ألف متر مكعب من المياه الملوثة الناتجة عن النفايات الصناعية والحضرية والفلاحية، وحسب مصالح المديرية العامة للغابات فإن هذه الكمية من النفايات المتدفقة تتعدى المقاييس الدولية المسموح بها، وهو ما أدى على مر السنين إلى اختفاء النباتات البحرية وأسماك المياه العذبة اعتبارا من سنة 1989 . وحسب السيد طالب بادرت السلطات المحلية سنة 1997 إلى تجهيز الموقع بمحطة للتصفية مجهزة لتصفية المواد الصلبة دون الكيميائية وتم في أواخر سنة 2006 الانطلاق في تجهيز المنطقة بمحطة تصفية جديدة هي الآن في انتظار التدشين. من جانب آخر وحسب مصدر متخصص في تصريح "للمواطن" فإن الجزائر انطلقت مطلع سنة 2000 من خلال المديرية العامة للغابات في تصنيف المناطق الرطبة المتوزعة عبر التراب الوطني والملف الخاص بمحمية الرغاية مطروح الآن على مستوى وزارة البيئة للبت فيه. مركز الصيد بالرغاية ... موقع للنزهة يعد مركز الصيد بالرغاية أحد المراكز الأربعة التي تم إنشاؤها سنة 1983 لتربية المصيدات وحماية الحيوانات المهددة بالانقراض على المستوى الوطني وهو متخصص في تربية البط والإوز وتكثيف طيور الصيد في المناطق الرطبة. والمركز هو في الأصل جزء طبيعي من المساحة الإجمالية للمحمية، لا تتجاوز مساحته 27 هكتارا، تحول بفعل الموقع الذي يتميز به طبيعيا إلى مقصد سياحي، وحسب مدير المركز السيد طالب عبد الرحمان فإن التقديرات الأخيرة الخاصة بحركة تدفق الزوار من العائلات وتلاميذ المدارس على المركز خلال السداسي الأول من هذه السنة تشير إلى تسجيل توافد أكثر من 3565 تلميذ وطالب وأكثر من 96 ألف شخص في إطار الزيارات الترفيهية لصالح العائلات، وحسبه فإن العدد مرشح للارتفاع . بحيرة الرغاية مهددة بخطر التلوث تعرف بحيرة "الرغاية" تدهورا كبير بفعل الإنتشار المهول للنفايات حولها من بقايا الردوم ومخلفات البناء، وانتشار كبير للبنايات الفوضوية على الرغم من التحذيرات التي أوصت بها مصالح البيئة والبلدية، نظرا للثروة الحيوانية والنباتية التي تزخر بها وتعتبر البحيرة منطقة نموذجية لتسيير وتطوير المناطق الرطبة تبعد ب30 كلم شرق العاصمة وهي آخر ما تبقى من مستنقعات المتيجة، ومصنفة كأكبر بحيرة في العاصمة ومن بين 42 بحيرة في الجزائر، حيث يتواجد بها 143 نوع نباتي وهي تمتد على مساحة 1100 هكتار وتتمتع بتسلسل الأنظمة البيئية، حيث نجد في الجهة الجنوبية النظام البيئي للمستنقعات تنتشر فيها الأدوية وهي تمتد على بعد 150 إلى 75 هكتار تنتشر من حولها النباتات التيفية كالقصب أما المنطقة الشمالية فتتوزع بها كثبان رملية، كما تم إحصاء 203 نوع من الطيور من بينها 55 نوعا محميا من طرف القانون الجزائري ولأجل هذا تم إنشاء مركز لتربية المصيدات بالرغاية سنة 1983 بهدف تفريخ الطيور والاعتناء بتحسين سلالتها. كما استغلت المياه في سقي الأراضي قبل تلوثها مع بداية التسعينيات لقربها من المناطق الصناعية ولهذا تم إنشاء محطة لتصفية المياه تقدر ب 80 ألف متر يوميا. وعلى الرغم من الأهمية الكبرى التي تحظى بها البحيرة إلا أن التوسع القصديري من حولها أصبح يهددها مع انتشار كبير للنفايات، وفي ظل هذا التدهور الذي أصبح يهدد البحيرة يطالب جل السكان بالرغاية بوضع حلول سريع للتكفل بالبحيرة على أكمل وجه. و....روائح كريهة في بحيرة الرغاية ..... تنبعث روائح كريهة جدا من بحيرة الرغاية، التي يقصدها بعض المواطنين، نهاية كل أسبوع من أجل الاسترخاء في أحضان الطبيعة، وهو ما سبب انزعاجا للزائرين خاصة هذه الأيام التي تميزت بارتفاع درجات الحرارة. البحيرة التي تعتبر متنفسا طبيعيا على مشارف العاصمة، وتعد من بين الحظائر الطبيعية المصنفة عالميا، يبدو أنها لا تلقى الرعاية اللازمة، مما جعلها مصدرا للروائح الكريهة، كما شهدت تغيرا في لون مائها الذي أصبح أسود، لاختلاطه بوادي الرغاية. بعض العائلات التي قصدت المكان، تأسفت لهذا الوضع خاصة وأنه لا توجد أماكن طبيعية كثيرة للاسترخاء في العاصمة. بحيرة رغاية تنتظر تصنيفها كمحمية طبيعية وطنية ينتظر مركز تربية المصيدات ببحيرة رغاية صدور قرار رسمي يقضي بتصنيف المنطقة الرطبة لبحيرة رغاية "كمحمية طبيعية وطنية" ووضع نظام خاص لتسيير المركز، كما أكد المدير السيد عبد الرحمن طالب• وفي هذا الشأن أوضح السيد طالب انه تم تقديم ملف شامل للمديرية العامة للغابات لاستفادة هيئته من إعادة تصنيف، مضيفا أن "مديرية الغابات بدورها أودعت الملف بوزارة البيئة وتهيئة الإقليم والسياحة منذ سنة 2005 إلا انه منذ ذلك لم يتم تصنيفه بعد رغم انه صنف كمنطقة ذات طابع دولي"• وأبرز السيد طالب أهمية هذا الإجراء الذي "سيضمن وضع آليات لتسيير أحسن للمنطقة من خلال تسطير مخطط لاستغلال المركز ووضع سياسة خاصة به من اجل حماية بحيرة الرغاية من التجاوزات والانتهاكات التي تعيشها" خصوصا - كما أشار - "جراء الانتشار العشوائي للبيوت القصديرية التي أضحت تشوه المكان وتشكل خطرا عليه"• ويعتبر المتحدث أن "المنطقة يمكنها أن تكون بالإضافة إلى موروثها التاريخي وطابعها الترفيهي عاملا في تنمية الموروث المصيدي اذ يسعى المركز في هذا المجال إلى تطوير مفهوم التربية البيئية في أوساط التلاميذ والأساتذة وكذا الباحثين وبعض الجمعيات المهتمة بالبيئة من اجل الاهتمام أكثر بمجال الطيور والعمل على حمايتها"• ويستقبل المركز خلال العطل العائلات التي تتوافد عليه من كل حدب وصوب لتجد ضالتها في هذه المنطقة التي توفر لهم الهدوء والجمال، إذ ابرز مدير المركز في هذا الشأن أنهم "يستقبلون خلال العطل ما يربو عن ألف زائر"• وفي هذا الصدد، يرى السيد طالب أن التوافد المتزايد للعائلات على البحيرة سبب تعقيدات للمركز الذي "يجد نفسه عاجزا على تسيير كل هذا الكم من الزيارات بالنظر إلى صغر المساحة المخصصة للزوار والتي لا تتعدى خمسة هكتارات"• ومن جهة أخرى تحدث ذات المسؤول عن "تسجيل نقص في مجال حراسة وحماية الموقع نظرا لقلة أعوان الأمن الذين بالإضافة إلى مهامهم اليومية يضطرون إلى العمل على ضمان أمن المواطنين"• وأكد السيد طالب من جهة أخرى انه يمكن أن تصبح البحيرة " لؤلؤة سياحية" للجهة الشرقية للعاصمة إذا ما تم الاهتمام بها أكثر.