تنظم مؤسسة المدى للثقافة والاعلام والفنون، حفل توقيع ”كتاب الماشاء” للروائي الجزائري سمير قسيمي في القاهرة يوم الجمعة 30 سبتمبر الجاري، وسيقيم مختبر سرديات المنصورة أمسية إبداعية مع سمير قسيمي يوم الخميس 29 من نفس الشهر، في لقاء مفتوح مع أعضاء المختبر لمناقشة روايته الأخيرة وذلك بحضور نخبه من المبدعين والنقاد. وستقيم مؤسسة ”المدى” بالتعاون مع مكتبة تنمية في القاهرة حفل توقيع ”كتاب الماشاء” للروائي الجزائري سمير قسيمي في القاهرة، يوم الجمعة 30 سبتمبر في قاعة مكتبة تنمية في وسط البلد شارع هدى شعراوي. ويلجأ قسيمي في عمله الروائي الجديد إلى تقنيات سردية متعددة لإعادة كتابة بعض من التاريخ الجزائري الهامشي، مستخدما تارة شخصيات حقيقية وأخرى تبدو غير ذلك، ليزول الخط الفاصل بين الحقيقي والتخييلي، في لعبة سردية انتصرت للهامش على حساب المركز. وتبدو الرواية في 232 صفحة من القطع المتوسط، تكملة لرواية سابقة للمؤلف نفسه بعنوان ”هلابيل” التي صدرت منذ سنوات عديدة، لكن العمل الجديد يمكن أن يُقرأ مستقلا عن الأول، مثلما يمكن أن يقرأ تتمة له، إذ إن العنوان الشارح للعمل الجديد جاء في صيغة ”هلابيل” في كتاب الماشاء، يحبك قسيمي قصة بأسلوب بوليسي، سمح للمعجبين بهلابيل بفهم ما تعسر فهمه في الجزء الأولى. يرحل بنا الكاتب إلى فرنسا، أين تقرر مديرية أرشيف ما وراء البحار عام 2004 جمع ورقمة الأرشيف الفرنسي، ومنه أرشيف مستعمراتها، فيكلف موظف باسم جوليان هاد بمهمة رقمنة المجلة الإفريقية، وهي المجلة التي عنيت بنشر بحوث المستشرقين الفرنسيين وبعض الباحثين المغاربة حول ما يتعلق بمستعمراتها الفرنسية في شمال إفريقيا، لاسيما الجزائر. وهي المهمة التي نتج عنها أحد عشر مجلدا، نشر عشرة مجلدات منها، أما المجلد غير المنشور فهو مجلد فهارس، وصل بطريقة ما إلى باحثة فرنسية تدعى ميشال دوبري مهتمة بالمستشرقين الفرنسيين نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. تعثر ميشال في مجلد الفهارس على موضوع مثير للانتباه موسوم ب”الرحلة العجيبة لسيباستيان دي لاكروا، من لوروكان إلى ظلال المرابو”. هنا تبدأ القصة الفعلية، حيث تكتشف هذه الباحثة أن هذا الموضوع بالذات تم حذفه لأسباب لم تجدها منطقية من النشر. هكذا تبدأ ميشال دوبري في البحث عن هذا المستشرق المدعو ”سيباستيان” ومن خلال بحثها تتعثر بنوى شيرازي التي بحسب رواية هلابيل انتقلت للإقامة في فرنسا، وبفضل هذا الحدث الذي أحسن الكاتب تبريره، يدرج قسيمي وبطريقة ماكرة كل أحداث روايته السابقة هلابيل في عمله الجديد، رغبة في أن يستقل إصداره الجديد عن سابقه، وهي الرغبة التي يبدو أنها تحققت، لاسيما وأن قارئ العمل لا يشعر بحاجته لقراءة الجزء الأول. تدور الرواية حول قصة بحث غير منتهية عن سيباستيان دي لاكروا الذي قدر له أن يكون حافظا لقصة غير رسمية للبشرية، ليس تلك التي تتداولها الكتب المقدسة أو ما سماها أحد شخوص الرواية ”جيل مانسيرون” القصة الرسمية، بل قصة مختلفة تماما من شأنها لو ظهرت أن تعيد قراءة التاريخ بالمجمل. ومن خلال هذه القصة يعرج الكاتب على فترات متباعدة من تاريخ الجزائر، مستغلا فراغاته ليبرر روايته. تقول نوى مخاطبة ميشال دوبري ”لقد كان إيمانويل عالم لاهوت، لا لأنه صاحب موهبة بل لأن جده سيباستيان حضّره ليكون كذلك. وسأشرح لك الأمر لو شئت، ولكن قبل ذلك عليّ أن أنبهك إلى أن المسألة تتعدى مجرد قصة مألوفة لمستشرق ضاع بين طيات التاريخ كما اعتقدت، أو مقال سقط سهوا من كتاب. فقد تنتهي هذه المسألة بهلاكك أو على الأقل بدخولك دائرة من الريبة في كل أمر اعتقدته يقينا”. ص 53 تلعب رواية كتاب الماشاء على فكرة أن الحقيقة غير مطلقة وأن المسلم به مجرد وهم، كما أنها تدعو إلى عدم اعتماد اليقين في مسائل الحياة بما في ذلك الدين. إنها رواية فلسفية تلعب على حبلي التاريخ والدين، لتبرير الحديث عن الهامش الذي ومن خلال كل أعمال الروائي سمير قسيمي يعد التيمة الرئيسية فيها.