ها هم يصطفون على أبواب تل أبيب، معزين، وفود عربية جاءت تبكي من سمته رجل سلام، بيريز. فإذا كان أحد مؤسسي دولة إسرائيل رجل سلام، فمن هو رجل الحرب؟ هل هو محمود عباس، أم تراه ياسر عرفات، الذي سمته إسرائيل والإعلام الغربي إرهابيا لعقود، قبل أن تعطيه ”سجنا” في رام الله، سمته سلطة فلسطينية وتقتله بدم بارد؟ أليس هذا أحد أسباب مأساة أطفال فلسطين؟ الاعتراف بإسرائيل التي هي واقع على الأرض وممثلة في الأممالمتحدة، ومدعمة من كل القوى الكبرى التي أسستها، ليس معناه لعق الدم من سكاكين القتلة، ليس معناه طي صفحة الجرائم التي اقترفت في حق الشعب الفلسطيني، من دير ياسين إلى غزة، ليس معناه أن ننسى البيوت التي هدمت على رؤوس سكانها، ونسيان أشجار الزيتون التي اقتلعت من أرضها، ليس معناه إسقاط حق عودة اللاجئين المهجرين قسرا من أرضهم، وليس خطاب سلام تائه في الصحراء! شيمون بيريز ليس رجل سلام أبدا، فهو ليس مثلكم، بعتُم قضيتكم وتركتم كل الأنظمة العربية تساوم بها، فهو لم يحد أبدا عن الهدف الذي رسمه شعبه، ولم يغب أبدا عن ناظره، بناء دولة إسرائيل والمشروع الصهيوني الذي يستهدف تدمير فلسطين. هل نسيتم علاقته بإسحاق شامير الإرهابي، سنوات الثمانينات، وموقفه المدعم لاريال شارون، سفاح صبرا وشاتيلا، ومجازر سنة 2000 التي خلفت مئات القتلى، مجازر كانت كلها تحمل توقيعا إلى جانب سفاحها المعلن، توقيع ”شمعون بيريز”! وماذا عن دماء أطفال قانا؟ صحيح أن الرجل لا يتمتع بشعبية داخل إسرائيل، لكنه أبدا لم يكن حمامة سلام، وقد أثبت ذلك في عديد المرات وكلما سنحت له الفرصة ليثبت لنفسه وللآخرين أنه قادر على العنف. هل صدقتم نوبل الذي وشحه بميدالية السلام؟ حتى أوباما هو الآخر حاز على نوبل للسلام، وها هو سيرحل بعد أسابيع ويترك العالم أكثر فوضى من سابقه، رغم ”السلام عليكم” التي خدع بها المصريين والعرب في أول زيارة له إلى مصر بعد توليه الحكم، فجاء السلام العربي، مثلما نعيشه اليوم في ليبيا وسوريا والعراق واليمن؟! فهل الذي أنشأ مركز ”ديمونا” لصنع القنبلة النووية رجل سلام؟ مع أن أمريكا احتلت العراق وأعدمت صدام بسبب أكذوبة حيازته على السلاح النووي؟ لن تقوم لفلسطين قائمة، ولن تسمح لهم إسرائيل بشبر من أرضهم لبناء دولتهم، ما دام زعماؤهم بهذا العماء، وبهذه الخيانة التي أظهروها في وداع هذا السفاح؟ أنتم من رهن مصير شعب مظلوم، وقضية عادلة، ودستم على دماء أطفال فلسطين كل فلسطين، وليس فقط أطفال غزة. بيزير عدو للقضية الفلسطينية وسيبقى رغم نفاقكم؟