كثيرة هي قضايا النصب والاحتيال المطروحة على العدالة، والتي تكون ضحاياها شابات تلقين وعود زواج مزيفة من طرف رجال عزاب ومتزوجين، انتهت بسلبهن أموالهن ومجوهراتهن وأحيانا أعراضهن بطرق شيطانية، بعدما وثقن في رجال أوهموهن بأنهم فرسان الأحلام، لكن تبين أنهم مجرد محتالين ونصابين اتخذوا من ”عنوسة ” الشابات وسيلة لكسب الأموال فقط. في غالب الاحيان ينتهي المطاف بالنصابين وراء القضبان، لكن الغريب في الأمر أنهم يبدون في جلسات محاكمتهم كالخرفان الوديعة بل ويتظاهرون بأنهم الضحايا بعدما سلبن منهم الشاكيات أموالهم ثم قطعن علاقتهن بهم. قصص وحكايات أتقن تمثيلها عرسان وهميون، والضحايا شابات فاتهن قطار الزواج فتمسكن بأول بريق أمل من بائعي الكلام المعسول لكنه مجرد شعاع مزيف، عبارات غزل وكلمات معسولة قد تكون بداية الطريق لصيد ثمين. والضحية هنا ليس الرجل بل الفتاة ترتبط بعلاقة حب أو صداقة مع أحد الشباب، لكن الحقيقة تخفي وراءها العديد من الأهداف غير النزيهة والبعيدة كل البعد عن شفافية المشاعر الصادقة وعظمتها، يستخدمها للحصول على المال، مستغلاً رغبتها في تكوين أسرة والهرب من فخ العنوسة، إلا أنه من الخطأ اعتبار الفتاة ضحية كاملة، لاسيما أن فتيات اليوم يتمتعن بقدر كبير من التعليم والوعي. ولنا من المحاكم الجزائرية الكثير من القصص المأساوية، ما جعل القضاة يحذرون من الظاهرة. تتعرض الكثير من الفتيات لتكون فريسة سهلة الوقوع في شباك رجل يحترف الكذب على قلوب النساء المتعطشة للحب، مقابل الحصول على أموالها دون وعي منها. لذلك تصبح هذه المرأة في الغالب سهلة الانزلاق في المشاعر الكاذبة بحكم تفكيرها العاطفي وصور رومانسية المسلسلات التلفزيونية الحالمة القابعة في عقلها الباطن، بغض النظر عن عمرها وهويتها الاجتماعية، فسلاح الرجل في هذه اللعبة كلامه، ونقطة ضعف المرأة فيها حساسيتها. شاب ينصب على نائبة مقتصد بالحميز ويسلبها 74 مليون سنتيم هي قضية عالجتها محكمة الحراش، والتي راحت ضحيتها شابة في ال 34 من العمر، تعمل كنائبة مقتصد بإكمالية ”الورود” بالحميز 3، تعرضت للنصب والاحتيال من قبل شاب يبلغ من العمر 25 سنة سلب منها مبلغ 75 مليون سنتيم بعدما تعرفت عليه بفترة قصيرة، هذا بعدما أوهمها بالزواج والبيت السعيد بالأحلام الوردية، حيث انتحل اسما غير اسمه وقدم نفسه على أساس أنه إطار محاسب وعون ضرائب بعين طاية، في حين يعمل كحارس مقاول بالسكنات الوظيفية كما كان يرتدي الزي الديني ليبين لها صدق نيته. ولسذاجة الضحية كان في كل مرة يطلب منها مبلغا ماليا بحجة الحصول على مسكن إلى أن وصل المبلغ إلى 75 مليون سنتيم، وبعدها انقطعت اتصالاته بها وأصبح لا يرد على مكالماتها. لتتفطن في الأخير أنها وقعت ضحية نصب احتيال من قبل الشاب لتتقدم بشكوى ضده أمام مصالح الأمن، وتم إلقاء القبض عليه وإيداعه رهن الحبس بأمر من وكيل الجمهورية لدى محكمة الحراش، وبمثول المتهم أمام المحكمة اعترف بالتهمة المنسوبة إليه، وصرح أنه كان في ضائقة مالية ولم يتمكن من توفير المال لإجراء عملية جراحية لنزع الزائدة الدودية في عيادة خاصة بمبلغ 20 مليون سنتيم. أوهمها بالزواج منها فاقترضت 100 مليون سنتيم لمساعدته في مشروع جاءها اتصال بالخطأ من شاب ولكنه عرف كيف يصل إلى قلبها وكان يكذب عليها، خاصة بعد أن أوهمها أنه عازب، وينوي الاقتران بها، ولكنها بعد مرور ثلاث سنوات أخبرها أنه رجل متزوج وهي مخيرة في الاستمرار معه أوقطع العلاقة. إلى ذلك تقول هذه الفتاة ”لم أستطع التراجع عنه، فحبي المجنون له دفعني لاقتراض مبلغ كبير من المال له لتكون حياتي معلقة بتسديد دين يتجاوز 100 مليون سنتيم اقترضتها من أجله، بعدما أوهمني أنني أجمل النساء وأول النساء في حياته وآخرهن، وأنه بحاجة إلى مبلغ مالي ينقصه لمشروعه التجاري”. وتتابع ”مرَّت الأيام من دون أن أطالبه برد المبالغ حتى أفقت ذات يوم على اتصال هاتفي أنهى به الحكاية بثلاث كلمات ”علينا أن ننفصل”، وعندما سألته عن المبلغ الذي اقترضته من أجله أنكر كل شيء عليه”. وحالة أخرى ليست أقل معاناة وألماً، فهذه فتاة في الأربعين من العمر فاتها قطار الزواج، ارتبطت بقصة حب مع شاب يصغرها بأكثر من عشر سنوات عاطل عن العمل لأكثر من 5 سنوات. تقول مريم ”حبي له أعماني، فقد استغلني مادياً بأكثر من نصف مليار سنتيم حيث كان يصرفها على صديقاته دون علمي”، وتتذكر اللحظات العصيبة التي مرت بها. وتضيف ”في إحدى المرات ودون علمه ضبطته متلبسا مع إحدى الفتيات”. وتتابع ”لقد ضحك عليّ واستغل عواطفي كي يلهو بعض الوقت، والثمن دفعته من عواطفي وأحلامي، التي ضرب بها عُرض الحائط لكي يسرق أموالي ويصرفها على فتياته”. اقترضت مبلغا ضخما لإكمال بناء عشنا الزوجي ثم خانني وتزوج بأخرى تقول سيدة في العقد الرابع من العمر، التي ارتبطت بعلاقة مع رجل متزوج كان يطالبها بإعطائه مبالغ طائلة، قد تصل إلى إلزامها باقتراض مبلغ ضخم له:”اقترضت له مبلغاً من المال لإنهاء بناء المنزل الأسري لزوجته الأولي التي اشترطت عليه أن توافق على زواجه الثاني حال قيامه ببناء البيت لها ولأولادها”. وتضيف ”أوهمني من بداية علاقتي به بأنه سيتزوجني إن قمت بمساعدته في بناء بيته، لاصطدم بواقع آخر أكثر عذاباً وألماً يعتصر قلبي إلى هذا اليوم بزواجه من فتاة أخرى وإسكانها في المنزل، ما سبب لي من هذا التصرف صدمة نفسية أفقدتني الثقة بنفسي حتى هذه اللحظة”. كهل يسلب موظفة بمركز بريد مبلغ 30 مليون سنتيم مقابل الزواج بها في قضية مماثلة تعرفت الضحية وهي موظفة بمركز بريد بالعاصمة، على كهل في العقد الخامس من العمر بالحافلة، ونشأت بينهما علاقة عاطفية، حيث طلبها للزواج وبعدها سلبها مبلغ 30 مليون سنتيم ثم تراجع عن عرضه، لتتهمه فيما بعد بالنصب والاحتيال وتم توقيفه من قبل عناصر الامن وخلال محاكمته بمحكمة سيدي امحمد التي ادانته بعامين حبسا نافذا، أكد أنه تعرف على الضحية بالحافلة وتطورت العلاقة بينهما إلى حد أنه طلب يدها من أخيها الذي رفض بحكم أنه متزوج. وأضاف المتهم أنه كان ينوي فعلا عقد قرانه بالضحية، غير أن تصرفاتها الطائشة مع زملائها بالعمل منعته من مواصلة وإتمام الزواج، مشيرا إلى أنه كان يقدم لها مبالغ مالية في كل مرة وأن ما تدعيه من نصب باطل. وعن الشيك الممضي على بياض الذي قدمته الضحية للمتهم أكد أنه لم يستعمله، وأن الضحية هددته عبر الهاتف بجره إلى المحاكم. أما الضحية فأكدت انها تعرفت على المتهم الذي وعدها بالزواج بشرط أن يطلق زوجته الأولى، مشيرة إلى أنه كان في كل مرة يأخذ منها أموالا التي صلت إلى أكثر من 30 مليون سنتيم. شرطي بتيبازة ينصب على العازبات بالتواطؤ مع والدته أقدم شرطي سابق ينحدر من تيبازة على تأسيس ”امبراطورية ” للنصب على الفتيات العازبات وخاصة اللواتي فاتهن قطار الزواج، بالتواطؤ مع والدته التي تقمصت الدور جيدا، وكانت تتقدم الى عائلات الضحايا لطلب يدهن للزواج، حيث كان المتهم يستأجر السيارات الفاخرة بغية تمويه الفتيات، كما كان يقوم بالدخول الى الفيلات عندما يكون برفقة شابة، حتى تطمئن له وتظن الضحية أن زوجها المستقبلي من عائلة ثرية وستؤسس معه حياة زوجية مليئة بالسعادة، وكان كل هذا أساليب احتيالية يستعملها المتهم للإيقاع بأكبر عدد ممكن من الفتيات في شباكه. ليتم توقيفه مؤخرا من طرف مصالح الأمن وتحوليه على العدالة بتهمة النصب والاحتيال. قانونيون: ”يعاقب مرتكب جريمة النصب بالسجن لمدة 5 سنوات” كشف قانونيون بخصوص القضايا التي تتمثل في النصب والاحتيال على النساء العوانس، خاصة الفتيات اللواتي تأخرن عن الزواج، منهن المنتميات لأسر ثرية أو يشغلن وظائف مرموقة فتكن من بين الفئات المستهدفات بكثرة من طرف النصابين. وتفاقمت هذه الظاهرة بشكل رهيب خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت من القضايا التي تتطرق اليها المحاكم يوميا عبر مختلف الوطن، حيث يستغل المتهمون في هذه القضايا مكانة شابات في المجتمع ورغبتهن في الارتباط وتكوين أسرة، ويقومون بالتخطيط من أجل الإيقاع بهن في شباكهن، بعد أن يتأكدوا أنهم وقعن في غرامهم، ويسلبهن أموالهن وأملاكهن. وبعد تسلم المحتالين لتلك المبالغ المالية يختفون عن الأنظار، غير أن المتهم الذي يتورط في قضايا النصب والاحتيال، قد تشدد عليه العقوبة حسبما هو منصوص عليها في المادة 372 من قانون العقوبات وحسب توفر كافة الأركان المتمثلة في استعمال الحيل كاستخدام أسماء مزيفة وصفات كاذبة، المناورات الاحتيالية، بالإضافة الى محل الاستلام هو ركن أساسي لثبوت الجنحة على الجاني، ويتمثل في أموال أو منقولات أوسندات أوتصرفات أو أوراق مالية أو وعود مخالصات من الالتزامات، إلى جانب ركن الاستلام، الضرر، والقصد الجنائي، حيث يعاقب المرتكب بالسجن في الحالة العادية أو الحالة البسيطة بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبالغرامة من 500 إلى 20.000 دج. وفي الحالة المشددة قد ترتفع عقوبة الحبس إلى 10 سنوات على الأكثر وعقوبة الغرامة قد تصل إلى 200.000 دج. وقد يضاف إليها الحرمان من الحقوق الواردة في المادة 14 والمنع من الإقامة لمدة خمس سنوات. كما أن للضحية الحق في المطالبة باسترداد المبلغ الذي سلمته للمتهم، ولو كانت العملية التي تم التسليم فيها غير مشروعة تثبت جريمة النصب بجميع الوسائل.