يعتزم مبعوث الأمين العام للجامعة العربية إلى ليبيا صلاح الدين الجمالي القيام بجولة إلى الجزائر باعتبارها تقود جهود وساطة للتقريب بين الأطراف الليبية قبل أيام من وصول اتفاق الصخيرات إلى باب مسدود. وستشمل جولة الجمالي كلا من مصر والجزائر والمغرب فضلا عن مشاورات المسؤولين في بلاده تونس من أجل إيجاد حل يعيد الاستقرار وتوحيد الجهود المشتركة في ليبيا في ظل ما تتعرض له من صعوبات. وتولى مندوب تونس الأسبق في الجامعة العربية منصبه كمبعوث للأمين العام أمس الخميس بعد التوافق على اسمه في الاجتماع الطارئ للمندوبين الدائمين داخل الأمانة العامة للجامعة. وتتزامن تحركات المبعوث العربي مع تكثيف الجزائر بدورها جهود الوساطة بين طرفي النزاع الرئيسيين في المعضلة الليبية، وهما المجلس الرئاسي ومجلس النواب، كآخر أوراق التسريع من حل أزمة سياسية وأمنية معقدة. فقد توجه رئيس مجلس النواب عقيلة صالح قبل أيام إلى الجزائر بدعوة منها كان يستهدف الاستماع عن كثب إلى مطالب وتصورات عقيلة حول حلول الأزمة المعقدة في سياق وساطة تقودها بينه وبين فايز السراج، وكذا بين عدة أطراف محسوبين على رموز الإسلام السياسي والنظام السابق في ليبيا، في حين حاولت توجيه ”رسائل مشفرة” للأطراف الإقليمية والداخلية التي تتحدث مرارا عن انحياز الجزائر إلى جهة المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني المدعومان دوليا. ونقلت مصادر اعلامية ليبية تقبل رئيس مجلس النواب الليبي فكرة تشكيل مجلس رئاسي جديد لكن بغير التشكيلة الحالية وفق ما ذكر المرجع ذاته متمسكا بضرورة إعادة النظر في الاتفاق السياسي بالنظر - تحديدا - في المادة الثامنة التي تنص على تعيين وزير الدفاع من المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق. وأمام ذلك، تفضل الجزائر ضرورة انتهاج الحل السياسي عبر حوار شامل، ودون إقصاء أو تدخل أجنبي، من أجل تحقيق المصالحة الوطنية. وفي غضون أيام قليلة سيحل رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج في الجزائر هو الآخر للاستماع إلى مقترحاته في سياق الجهود المبذولة لاستكمال مفاوضات سلام شاقة قبل بلوغ تاريخ منتصف شهر ديسمبر المقبل، حيث يصل الاتفاق السياسي الموقع بين الأطراف الليبية في العام الماضي بالصخيرات الموقع في 17 ديسمبر 2015 إلى نهاية مدته القانونية المقررة بحسب نصوصه، إذ تشير السيناريوهات المستقبلية في حال عدم حدوث ”معجزة سياسية” إلى التوجه نحو تعديل الاتفاق السياسي أو تغييره. ووفق بنود الاتفاق السياسي فإن أثره الدستوري وصلاحية بنوده المنبثقة عنه تنتهي بعد سنة من توقيعه، ويمكن تمديده لسنة أخرى بالاتفاق بين الأطراف، لكن تمديد الاتفاق غير ممكن، لأن أطرافا ممثلة في البرلمان وأخيرا بالمؤتمر الذي عاد للواجهة، ترفض الاعتراف به. وسبق للمبعوث الأممي إلى ليبيا، مارتن كوبلر أن حذر من انتهاء ”اتفاق الصخيرات الذي مر عليه قرابة العام، دون دخوله حيّز التنفيذ وسينتهي أثره الدستوري بنهاية ديسمبر، إذا لم ينفذ”. وتسرع في هذا الإطار الجزائر من وتيرة صياغة ”أجندة حوار” موحدة شاملة لكل الأطراف لتجنيب العودة إلى نقطة الصفر أي إلى ما قبل اتفاق الصخيرات، فوفق وزير الشؤون المغاربية والإتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية عبد القادر مساهل، فإن ”الإستماع إلى انشغالات كل الليبيين” سبب عديد اللقاءات مع مسؤولين ليبيين توافدوا في الفترة الأخيرة إلى الجزائر والتي كانت آخرها زيارة رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح وغيرها من اللقاءات المرتقبة مستقبلا على رأسها زيارة لفايز السراح، رئيس حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا. وحسب مساهل فإن الجزائر تواصل جهودها في هذا المسعى مع كل الأطراف لحل الأزمة الليبية وإعادة السلم والاستقرار سواء كانت دول الجوار أو المنظمات الأممية ”لوضع أجندة واحدة مبنية على الحوار والمصالحة الوطنية والدفاع على الوحدة والسيادة الترابية دون التدخل في شؤونهم”.