تنطلق، اليوم، في آستانا عاصمة كازاخستان، محادثات سلام بشأن سوريا ترعاها كل من موسكو وأنقرة وطهران، بمشاركة وفود تمثل الحكومة السورية وأطراف المعارضة وروسيا وتركيا وإيران والمبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي مستورا، إلى جانب حضور السفير الأمريكي في كازاخستان، بصفة مراقب. وقالت وزارة الخارجية الكازاخستانية في بيان صدر، أمس، إن مباحثات التسوية السورية ستكون مغلقة، وستنطلق ظهيرة اليوم في فندق ”ريكسوس بريزيدنت آستانا”، مشيرة إلى وصول وفد المعارضة السورية إلى البلاد، بالإضافة إلى الوفود الروسي، التركي والإيراني، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، ستافان دي ميستورا. ومن المتوقع أن يصل وفد الحكومة السورية في وقت لاحق. وجاء في البيان أن المؤتمر الختامي سيلتئم غدا الثلاثاء ويمكن للموعد أن يؤجل. ونقلت وكالة نوفوستي الروسية عن مصدر في الخارجية الكازاخستانية تأكيده وصول وفد المعارضة السورية إلى آستانا، على أن يصل وفد الحكومة السورية في وقت لاحق. ومن المقرر أن تتناول المباحثات غداً، تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، الذي توصلت إليه الفصائل العسكرية والحكومة السورية، برعاية تركية-روسية، أواخر ديسمبر من العام الماضي. وكانت روسيا وتركيا أعلنتا، في وقت سابق، وقف إطلاق النار، هو الثالث من نوعه هذا العام، في محاولة لإنهاء الصراع المستمر في سوريا منذ قرابة ستة أعوام، والذي سيشكل أساسا للمفاوضات. وفي السياق صرح مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية الروسية، سيرغي فيرشينين، بأن غداء عمل مشتركا لممثلي وزارات خارجية روسيا وتركيا وإيران أقيم في العاصمة الكازاخستانية أستانا، أمس، عشية انطلاق المباحثات حول التسوية السورية. وفي السياق، قالت صحيفة ”نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية إنّ لقاء أستانا المرتقب بين وفد الحكومة السورية والمعارضة المسلحة، لن يوقف الحرب في سوريا، مشيرة إلى تفاقم الأوضاع، بسبب استمرار الغرب في تدريب مسلحين بمعسكرات أقيمت في الأردن تحت إشراف ضباط من الولاياتالمتحدة وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا لمحاربة بشار الأسد. ولفتت الصحيفة إلى أنّ المكاسب التكتيكية، التي يحققها الإرهابيون في سوريا، يمكن أن تفسر بأنها نتيجة لتقليص التواجد العسكري الروسي بسوريا. وأعلن رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان الروسية الفريق سيرغي رودسكوي أن نشاط مسلحي ”داعش” في منطقة تدمر ودير الزور وفي مدينة الباب القريبة من الحدود التركية، هو نتيجة وصول قوات جديدة ”من دون عائق” إلى ”داعش” في هذه المناطق من العراق. وأشارت الصحيفة إلى رفض الولاياتالمتحدة منذ البداية مشاركة روسيا في تسوية النزاع السوري، ورفض أي تعاون عسكري معها. معربة عن أملها في أن تغير الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة ترامب موقفها إزاء الحرب في سوريا. واشنطن تشارك بسفيرها وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، يوم السبت، أنّ واشنطن لن ترسل وفداً للمشاركة في مؤتمر ”آستانا”، بسبب عملية انتقال السلطة وتسلم الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، لمهامه. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مارك تونر، مساء السبت، أنه نظراً لتنصيب الرئيس دونالد ترامب، حديثاً، و”المطالب العاجلة لعملية الانتقال”، فإن واشنطن لن تُرسل وفداً للمشاركة في محادثات آستانا ، مضيفا أن واشنطن ستكتفي بتمثيلها في المؤتمر عبر سفيرها في كازاخستان. وتابع تونر بأن ”الولاياتالمتحدةالأمريكية ملتزمة بالتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية من خلال عملية تقودها سوريا، لتتمكن من إعادة دولة سلمية متحدة وتمثل جميع من فيها”. وكانت طهران أعلنت معارضتها المشاركة الأمريكية في المؤتمر، الأمر الذي اعتبرته موسكو، تعقيدا للمحادثات. وقال الناطق باسم ”الكرملين” الروسي ديمتري بيسكوف، إن موقف إيران ”يساهم في تعقيد مسألة مشاركة واشنطن” في محادثات آستانا”، مؤكدا ترحيب بلاده بمشاركتها، ”على اعتبار أن تسوية الوضع في سوريا بدونها مستحيل”. ونقل موقع روسيا اليوم تصريحات ”بيسكوف”، ليوم السبت، قال فيها إن ”موقف إيران بصفتها لاعباً هاماً في التسوية السورية، يُعقّد محادثات أستانة حول الشأن السوري، في ظل رفض الإيرانيين مشاركة الولاياتالمتحدة في تلك المحادثات، لافتاً إلى أن هذه النقطة أثارت نوعاً من الخلاف بين موسكووطهران”. وقالت مصادر أنّ هذا تصريح بيسكوف، الذي يؤكد وجود خلافات بين موسكووطهران، وكشفت وسائل إعلامي روسية مؤخراً عن تلك الخلافات، حيث يدور الحديث عن نية روسيا إيقاف النفوذ الإيراني في سوريا، عبر تحقيق اتفاق يؤدي لسحب المقاتلين الأجانب من الأراضي السورية، بما فيها الميليشيات التي تدعمها إيران. وقال الرئيس السوري بشار الأسد في وقت سابق إنّ مؤتمر آستانا، سيكون في شكل ”محادثات” مع ”المجموعات الإرهابية” لبحث وقف إطلاق النار والسماح لهم بالانضمام إلى ”المصالحة”. وقال الأسد، في سياق مقابلة مع قناة شبكة ”تي بي أس” اليابانية، نقلتها وسائل إعلام سورية، أن انضمام ”المجموعات الإرهابية” إلى المصالحة، يعني ”تخليهم عن أسلحتهم والحصول على عفو من الحكومة السورية”. وعن موقفه من الإدارة الأمريكية الجديدة، برئاسة ”دونالد ترامب”، قال ”الأسد” إن ما يهم سوريا من خطاب ”ترامب” هو مسألة ”محاربة الإرهاب”، وخاصةً في سوريا، داعياً الرئيس الأمريكي الجديد ليكون صادقاً بتشكيل تحالف ”حقيقي” لهذا الشأن. وكان الرئيس السوري أبدى استعداده للتعاون مع ”ترامب” في الحرب ضد ”الإرهاب”، عقب انتخابه رئيساً للولايات المتحدة أمريكية، خلفاً ل”باراك أوباما”. من جهتها، اعتبرت ”جبهة فتح الشام” (النصرة سابقاً)، أن ”مجرد الذهاب” إلى ”محادثات آستانا” الخاصة بسوريا، هو ”رضى مباشر” ببقاء رئيس السوري بشار الأسد في الحكم.