قدم أمس سلطان القاسمي، عضو المجلس الأعلى للإمارات العربية المتحدة وحاكم الشارقة مغالطة تاريخية و”استفزازية” حول استقلال الجزائر، حيث قال أن الجنرال الفرنسي ديغول منح الجزائر استقلالها ليكسب الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر. بينما كان الجزائريون يحيون ذكرى عيد النصر أول أمس، خاض حاكم الشارقة في مسائل تاريخية حساسة تخص الجزائر واستقلالها. ووفق ما أورد الموقع الرسمي لحكام الشارقة سلطان بن محمد القاسمي، خلال لقائه رؤساء تحرير الصحف ووسائل الإعلام الإماراتية، في معرض لندن للكتاب، تحدث عما أسماه ”الثقافة والحكمة في التفكير السياسي”. واستعان في هذا الصدد بمقطع من كلام منسوب لشارل ديغول الرئيس الأسبق لفرنسا، عندما سئل ”لماذا كلما أردت اتخاذ قرار هام وعقدت له اجتماعا مع كافة الوزراء، تحرص دائماً على أن يجلس بجوارك وزير الثقافة مورو، بينما كل الوزراء متواجدون؟ فأجاب ديغول وفق حاكم الشارقة: ”لأن وزير الثقافة يذكرني بإنسانيتي”. وتابع سلطان قائلاً: سأل ديغول وزير ثقافته كيف أستطيع أن أكسب ود العرب الذين تُمَجِد فيهم؟ فأجابه: بأن ترضي الزعيم العربي جمال عبد الناصر، رحمة الله عليه، فإذا كسبت الزعيم العربي جمال عبد الناصر فإنك ستكسب العالم العربي بأكمله. فسأله ديغول: كيف يمكنني أن أكسب الزعيم العربي جمال عبد الناصر؟ فأجابه: ”عليك أن تعطي الجزائر استقلالها”. فقال ديغول قاصداً الجزائر: ”الآن عرفتهم”، وعمل على استقلال الجزائر. وتحمل هذه العبارة الأخيرة مغالطة تاريخية كبيرة تسوقها فرنسا ويتلقفها العرب دون تمعن. ففعليا منح ديغول الاستقلال لتونس والمغرب منتصف الخمسينيات حتى يتمكن من القضاء على ثورة التحرير في الجزائر وهو ما لم يتحقق بعد سبع سنوات من الكفاح المسلح الذي مكن من طرد الاحتلال الفرنسي. ويؤكد هذا الأمر رضا مالك الناطق الرسمي باسم وفد الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بايفيان، الذي اعتبر أن التوقيع يوم 19 مارس 1962 على هذه الاتفاقات الذي تم الحصول عليه ”بعسر” يعد حدثا تاريخيا لأن الجزائريين كانوا قد انتزعوا نصرا كرس المبادئ المتضمنة في إعلان أول نوفمبر 1954. وقال أن هذه الاتفاقات لم تكن فقط وسيلة لوضع حد لحرب ضروس دامت سبع سنوات وثمانية أشهر وإنما كان الأمر يتعلق أيضا بفرصة لنبين جليا أن الجزائر أصبحت ناضجة وأنه يحق لها أن تسترد سيادتها. وأما بلعيد عبد السلام عضو الحكومة المؤقتة لدى هذه الهيئة الانتقالية المنبثقة عن اتفاقات إيفيان المكلف بالمسائل الاقتصادية، فيؤكد أن إبرام هذه الاتفاقات سمح للشعب الجزائري بوضع حد لمخطط تقسيم البلاد الذي كانت السلطات الاستعمارية ترغب في فرضه على جبهة التحرير الوطني. واعتبر أنه بفضل هذه الاتفاقات سمحت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية ”للشعب الجزائري بدفن مخطط تقسيم الجزائر وفرض الاستقلال التام والوحدة الترابية الوطنية”.