أنهى وزير الثقافة عز الدين ميهوبي في زيارته لولاية أدرار الجدل الدائر حول تحويل المركب الثقافي تليلان في المدينة إلى معهد للعلوم الإسلامية تابع لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، حيث ثبت ميهوبي المركب كهيئة تابعة لوزارة الثقافة. زيارة وزير الثقافة عز الدين ميهوبي إلى ولاية أدرار لم تكن عادية حيث أثير الجدل قبل زيارته عن نية الوزارة الأولى بتحويل مركب ثقافي إلى معهد يتبع وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، وهو القرار الذي جعل مجموعة كبيرة من المثقفين والفنانين تنتفض معترضة على هذا القرار خصوصا أبناء المنطقة، حيث اعتصم مجموعة من الفنانين ضد هذا القرار وتم فض الاعتصام مع منع الفنانين من دخول دار الثقافة. وصرخ الفنان والمخرج المسرحي عقباوي الشيخ ابن منطقة أدرار ضد هذا القرار الجائر في حق الثقافة، ودعا وزير الثقافة بضرورة التدخل ووقف هذه المهزلة، وكتب الفنان المسرحي حبيب بوخليفة أن الوزير الأول عبد المالك سلال أخطأ في قرار نقل الملكية الثقافية للمركب الثقافي تيليلان في أدرار إلى فضاء ديني لوزارة الشؤون الدينية، متسائلا هل وزارة الشؤون الدينية تحتاج إلى أموال وزارة الثقافة وإلى فضاء مثل هذا المركب الثقافي؟ وتساءل الشاعر عبد العالي مزغيش، رئيس جمعية الكلمة للثقافة والإعلام، كيف يسمح وزير الثقافة عزالدين ميهوبي بالتنازل عن قصر الثقافة لولاية أدرار لصالح قطاع الشؤون الدينية، بل ويزكي ويشرف على هذا الفعل تلبية لرغبة أصحاب الزوايا ورجال الدين في المنطقة على حساب مثقفي وفناني وشباب أدرار المحرومين من فضاءات ثقافية وترفيهية؟ كما كتب الشاعر عبد القادر عبيد على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك: ”إنني وبعيداً عن المفاضلة بين القطاعات الوزارية للدولة الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وضمن احترام حق كل قطاع في الحصول على مرافق تمكنه من إتمام مهامه الدستورية تجاه المواطن، يكون لزاماً علي كواحد من أسرة الفعل الثقافي أن لا أقبل هذا الأمر (هذا التنازل)، بالنظر إلى حاجة الحركة الثقافية لمزيد من المرافق في مرحلة تحاول كل الفعاليات الثقافية رفع التحدي وكسر الطوق نحو التميز على المستوى المحلي والوطني والدولي، وبكل احترام لكل صاحب رأي مخالف تبقى أحقية الشباب الهاوي للفنون والآداب بهذه المؤسسة مسألة من الأهمية بمكان”. وأعلن وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، أول أمس، من ولاية أدرار، عن اختيار الجزائر لاحتضان مركز للمنظمة الأممية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو ) لحماية التراث الإفريقي. وأوضح الوزير، لدى إشرافه على افتتاح ملتقى دولي حول ”حماية التراث الثقافي اللامادي”، بأن احتضان هذه الهيئة التي وقع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة على مرسوم المصادقة على إنشائها، تأتي عرفانا للمجهودات التي تبذلها الجزائر للمحافظة على تراثها ومساعدة الدول الإفريقية في هذا المجال. وأضاف بالمناسبة أن الجزائر تواصل سعيها الحثيث لتصنيف كل ما هو تراث جزائري أو مشترك، حيث تم في هذا الشأن إيداع ملفات جديدة للتصنيف بمنظمة اليونسكو على غرار نشاط كيالين الماء (المكلفون بتقسيم المياه عن طريق نظام التوزيع التقليدي لمياه الفقارات على الملاك) وكذا أغنية الراي ونشاط تقطير ماء الورد وصناعة الحلي التقليدية. كما سيتم في ذات الإطار تحضير ملفات عناصر تراثية مغاربية بالتنسيق مع الدول المعنية، تخص طبق الكسكسي إلى جانب ملفات عربية أخرى، لافتا في هذا الصدد إلى أنه سينظم اجتماع في الأسبوع المقبل بالخرطوم (السودان) لمناقشة ملف النخلة باعتبارها تراثا عربيا مشتركا، وذلك في إطار اجتماعات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (أليسكو ). وأشار وزير الثقافة، خلال تدخله، بأن ولاية أدرار ”تعد كوكب التراث في الجزائر” لأنها، كما صرح، تختزل كل الثقافات وكل ما هو موروث إنساني مادي ولامادي، حيث تعد ”الأكثر مناطق الوطن تشبثا بتراثها واعتزازا به”. وأكد في هذا السياق بأن دسترة التراث تتطلب مزيدا من ”الدعم والاهتمام به” باعتباره روح الهوية، قائلا بأن اختيار موضوع الملتقى يأتي في أوانه لأنه يعد ترجمة لما تضمنته الفقرة الثانية من المادة 45 من الدستور الجديد، التي تنص على تكفل الدولة بالمحافظة على التراث المادي واللامادي وأن الثقافة حق مكفول لكل مواطن. ودعا الوزير إلى مراجعة وتحيين قانون التراث الثقافي بعد مرور عقدين من صدوره، من خلال تدعيمه بآليات وأفكار جديدة مبرزا بأن الجزائر وبحكم ما تعاقب عليها من حضارات، أصبحت متحفا مفتوحا لمختلف المكونات التراثية الثقافية العديدة والمتنوعة، وهو ما جعل الدولة، مثلما أفاد، تعزز دورها في المحافظة على هذه المكاسب الثقافية.