اجتمع قادة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، يوم أمس، وعلى مدى يومين، في القمة 43 للمجموعة، التي تعقد تحت شعار ”إرساء قواعد ثقة متجددة”، في مدينة تاورمينا بجزيرة صقلية الإيطالية، لبحث القضايا الدولية الراهنة وعلى رأسها الإرهاب والمناخ أو التجارة الدولية، وتقريب جهات نظرهم المتباينة بشأن قضايا المناخ والهجرة والإصلاح المالي. وقال رئيس الحكومة الإيطالية باولو جينتيلوني الذي تترأس بلاده المجموعة حاليا، الخميس إن ”المحادثات لن تكون سهلة”. وتبحث القمة سبل تعزيز التعاون المالي والتجارة البينية والشراكة والاستثمار عبر المحيطين الأطلسي والهادئ، وحل النزاعات وتقديم المساعدات للبلدان التي أنهكتها الحرب في الشرق الأوسط وإفريقيا. كما يشكل الإرهاب محورا رئيسيا في القمة، حيث تطالب الولاياتالمتحدة شركاءها في مجموعة السبع الصناعية الكبرى بدعم التعاون الأمني فيما بينها، لمواجهة الإرهاب وتجفيف منابعه المالية، ومنع تدفق المقاتلين الأجانب إلى مناطق النزاع. وتعقد القمة وسط خلافات حول مشاركة روسيا، التي علقت عضويتها في المجموعة عام 2014، بعد ضمها شبه جزيرة القرم، حيث تطالب إيطاليا بعودتها إلى مجموعة السبعة، بهدف التوصل إلى حلول سلمية للنزاع في أوكرانيا وسوريا، لكن ألمانيا تعارض الاقتراح بحجة أن أسباب تعليق العضوية مازال قائمة. وتسعى القمة للتوصل إلى موقف موحد حول القضايا التي ستناقشها قمة مجموعة العشرين، والتي ستعقد في هامبورج بألمانيا يومي 7 و8 جويلية القادم، لاسيما ما يتعلق بالحماية التجارية، ودعم اتفاق باريس لتغير المناخ، والعمل على تمويل مشروعات حماية البيئة، وإتباع نهج متعدد الأطراف للضرائب واللوائح المالية. وسبق اجتماع مدينة تاورمينا بجزيرة صقلية الإيطالية، اجتماع قادة حلف شمال الأطلسي ”ناتو” في بروكسل، حيث دعا الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الدوّل الأعضاء في الحلف إلى”مواجهة الإرهاب”، محذرًا من وقوع هجمات إرهابية أخرى على غرار الهجوم، الذي تعرضت له مدينة مانشستر في بريطانيا، مؤخرا، والذي قتل فيه 22 شخصا بينهم أطفالا، وأصيب أكثر من 60 آخرين. وقال ترامب: ”لن نتهاون أبدًا في تصميمنا على دحر الإرهاب وتحقيق الأمن الدائم والرخاء والسلام”. كما حثّ ترامب زعماء الدول الأعضاء في الناتو خلال اجتماعهم في العاصمة البلجيكية بروكسل على دفع حصصهم كاملة من التكاليف الدفاعية، قائلا: ”هناك مبالغ كبيرة ” يجب دفعها. وأعرب عن ذلك قائلا: ”هذه المخاوف الأمنية الكبيرة جعلتني أكون صريحا في القول ومباشرًا جدًا جدًا، إنه ينبغي في النهاية لأعضاء الحلف المساهمة بحصصهم”. وقال أحد الدبلوماسيين الذين حضروا المأدبة، إن ”عددا كبيرا من الحضور لم يتقبلوا تصريحات ترامب الذي غادر مأدبة العشاء قبل الأوان عائدا إلى إيطاليا لحضور قمّة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى المقرر انعقادها الجمعة (أمس)”، لكن ينس ستولتنبرج الأمين العام لحلف الأطلسي دافع عن ترامب، قائلا إنه على الرغم من أسلوبه الفض في الحديث، إلا أنه وجّه رسالة صريحة وواضحة بشأن الدور المتوقع من دول الحلف. وأكد ستولتنبرغ أن انضمام الحلف إلى التحالف الدولي ضد داعش يوجه ”رسالة قوية حول التزامنا بمكافحة الإرهاب وتعزيز التنسيق بين بلداننا”. وأكّد على أن الخطوة لا تعني انخراط الحلف في العمليات القتالية، وأنّ سيساهم عمليا في تنسيق الجهود التي يبذلها الحلفاء من جهة والشركاء في التحالف الدولي من جهة أخرى، من أجل تدمير قدرات التنظيم القتالية والقضاء على أنصاره. ويرجح أن تشهد الحرب ضد ”داعش ” تحوّلا، بعد موافقة القمة على انضمام الحلف إلى التحالف الدولي لمحاربة التنظيم في العراق وسوريا. كما دعا ترامب دول الحلف للحد من توافد المهاجرين، ضمن المهام الجديدة الناتو إلى جانب محاربة الإرهاب وردع نوايا روسيا التوسعية. وكان ترامب صرح خلال حملته الانتخابية بأنّ حلف ”ناتو” ”عفا عليه الزمن”، متهماً دولاً اعضاء في الحلف بأنها لا تدفع حصتها في اطار عملية الدفاع المشتركة وبالاتكال على الولاياتالمتحدة، لافتا إلى أن ذلك ”ليس عدلا لدافعي الضرائب الأمريكيين، والكثير من هذه الدول عليها مبالغ ضخمة من المال من السنوات الماضية”. كما وجه الرئيس الأمريكي انتقادات لاذعة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بسبب فتح حدود بلادها أمام اللاجئين. وكانت تصريحات ترامب بالتخلي عن الحلف أثارت مخاوف حلفاء واشنطن الأوروبيين، ولاسيما دول البلطيق السوفييتية السابقة الواقعة على الحدود مع روسيا، والتي تخشى من تكرار ما أقدمت عليه موسكو في 2014 حين ضمت شبه جزيرة القرم من أوكرانيا. واستقبل الرئيس الأمريكي نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقر السفارة الأمريكية في بروكسيل، وهنأه بالفوز. ومن جانبه، أعرب ماكرون عن سعادته ببلقاء ترامب وتبادل وجهات النظر معه. وبحث الطرفان عمليات التدخل العسكري والتعاون الاستخباراتي في منطقة الساحل الإفريقي والشرق الأوسط.