تنتظر نواب المجلس الشعبي الوطني في دورته الواحدة العادية لعام 2017-2018 التي تنطلق سبتمبر الداخل، في أول سنة من عهدته الثامنة، ملفات ”ثقيلة” ومواجهات ساخنة في ظل كثافة الأجندة المطروحة على الهيئة التشريعية. وهي الأجندة التي تأتي تزامنا مع التحضير للاستحقاقات المحلية، خاصة وأن قبة قصر زيغود يوسف لا تزال تحتفظ بوعاء كبير للأحزاب المحسوبة على السلطة، من إفرازات تشريعيات ماي، وذلك من خلال ظفرها بأغلبية عدد مقاعد البرلمان، حيث تحوز الأحزاب الخمسة المعنية على 300 مقعد (الأفالان ب161، الأرندي ب100، تاج ب20، الأمبيا ب12 والتحالف الوطني الجمهوري ب6). ففي الوقت الذي سيحيل فيه مجلس الوزراء مشاريع قوانين تخص الجانب السياسي والاجتماعي والاقتصادي للبلاد، على الغرفة السفلى من أجل مناقشتها والمصادقة عليها، فإن مكتب رئيس المجلس السعيد بوحجة لا يزال يحوز على مشاريع قوانين من مخلفات العهدة السابعة للبرلمان، على غرار مشروع قانون الصحة الذي أثار جدلا كبيرا وصل حد تأجيل مناقشته والمصادقة عليه مرات عديدة بسبب اتهامات المعارضة للحكومة بمحاولة إلغاء مجانية العلاج، فضلا عن مشروع قانون العمل الذي لا يزال هو الآخر محل مناقشة وإثراء بين الوزارة وممثلي النقابات، ومواصلة مفاوضات وزارتي الصحة والعمل ”مع الشركاء الاجتماعيين حول النصين اللذين قد يثيران ضجة كبيرة تحت قبة الغرفة السفلى للبرلمان. ففي ظل وجود قرابة 300 نائب موال للسلطة، فإن الحكومة مطمئنة على تمرير مشاريعها بكل ”أريحية”، خاصة ما يتعلق بمشروع قانون المالية 2018 الذي يعتبر ”قنبلة” موقوتة داخل البرلمان، بما يحمله من إجراءات جديدة في إطار سياسة التقشف وشد الحزام، خاصة وأن أولى المعطيات المتوفرة تشير إلى أن الحكومة لا تملك خيارات أخرى من أجل مواجهة مخلفات ”الصدمة” النفطية التي ضربت الجزائر في 2015 ولا تزال مستمرة إلى اليوم. وإن كان قانون المالية 2018 يعتبر من أهم المشاريع التي من المنتظر أن تحدث جلبة داخل البرلمان، فإن هناك ملفات ساخنة أخرى لا تقل أهمية، في مقدمتها قانون الأحزاب والبلديات والجمعيات، إضافة إلى تكييف النظام الداخلي للبرلمان مع الدستور الجديد، والذي سيحتم على النواب العمل على جعل العهدة النيابية عهدة التزام من خلال الحضور المتواصل والإلزامي لهم، ومن شأنه أن يضع حدا للفوضى التي كانت سائدة داخل قبة البرلمان، عن طريق تفعيل إجراءات عقابية ضد النواب المتغيبين عن الجلسات. لهذا فإن أول عمل سينكب عليه النواب الجدد مع بداية العهدة هو المصادقة على النظام الداخلي الجديد الذي يضبط عمل الهيئة التشريعية بغرفتيها. ومن المرتقب أيضا مناقشة مشاريع قوانين جديدة لترقية الإدارة المحلية، تحقيقا للديمقراطية التشاركية وتمكين المواطنين من دور أكبر في الإدارة المحلية والرفع من مستويات التنمية المحلية بعدالة في التوزيع وتكافؤ في الفرص بين مختلف البلديات والولايات، حسب آخر تصريحات السعيد بوحجة رئيس المجلس الشعبي الوطني. إلى ذلك ستكون المعارضة البرلمانية أمام أول امتحان لها في تشكيلتها الجديدة في مواجهة آلة الموالاة، في وقت لا تزال تحتفظ الأولى تقريبا بنفس الوجوه من العهدة السابعة، خاصة ما تعلق بالتشكيلات المحسوبة على التيار الإسلامي التي لا يزال يقبع تحت ”جناحها” نواب عمروا لربع قرن ولهم باع طويل في العمل البرلماني وتجربة في مواجهة مع أحزاب السلطة. جدير بالذكر أن افتتاح الدورة العادية البرلمانية لعام 2017-2018 ستكون خلال الأسبوع الأول من شهر سبتمبر المقبل في دورة واحدة لمدة 10 أشهر كاملة، ستكشف الأيام المقبلة عما تحمله في جعبتها بسلبياتها وإيجابياتها.