أجندة مثقلة بالملفات والنقاشات الساخنة تنتظر النواب الجدد الذين سيدخلون المجلس الشعبي الوطني بداية من 23 ماي القادم، المرتقبة بين الأطياف السياسية المتنوعة التي أفرزتها انتخابات الرابع ماي الجاري، لا سيما في ظل كثافة الأجندة المطروحة على الهيئة، وتزامن العهدة التشريعية الجديدة مع التحضير للانتخابات الرئاسية المقررة بعد سنتين، بدأت الحسابات حولها عند البعض مع هذه التشريعيات وستتواصل خلال المحليات المقررة الخريف المقبل. مباشرة النواب الجدد لمهامهم النيابية تتزامن خلال العهدة التشريعية الجديدة، مع تكريس النظام الجديد الذي يضبط عمل الهيئة التشريعية بغرفتيها، والمنبثق عن الدستور الجديد للبلاد، حيث سيواصل البرلمان بعد استكمال مراسم تنصيب نواب المجلس الشعبي الوطني العمل المرتبط بتكييف النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني ولمجلس الأمة مع التغييرات الدستورية والقانون العضوي الناظم للعلاقات بين البرلمان والحكومة. من هذا المنطلق، فإن أولى الامتحانات المطروحة على البرلمان الجديد، هو فرض احترام أحكام نظامه الداخلي المستمدة من الدستور، وأبرزها تقنين حقوق المعارضة، وتقنين التزام النائب بحضور جلسات اللجان والجلسات العامة وتسجيل إجراءات الانضباط البرلماني اللازمة لذلك، فضلا عن ضبط آليات منع التجوال السياسي بين الأحزاب والكتل البرلمانية، وتقنين نظام الدورة البرلمانية الواحدة. من ضمن أزيد من 20 مشروع قانون تنتظر دراستها ومناقشتها من قبل النواب الجدد، توحي بعض الملفات الساخنة المطروحة أمام البرلمان، بأن الجلسات المقبلة لن تخلو من الاحتدامات والتصادمات السياسية الشبيهة بتلك التي كانت قد عرفتها بعض الجلسات في الفترة التي سبقت التشريعيات، خاصة خلال مناقشة قانوني المالية للسنتين الأخيرتين. من أهم الملفات التي تنتظر النواب الجدد مشروع قانون الصحة العمومية الذي أثار جدلا واسعا، أدى إلى تأجيل مناقشته والمصادقة عليه لمرات متكررة، وهو المشروع الذي لازال لم يلق تزكية مسبقة من قبل الشركاء الاجتماعيين من ممثلي القطاع الذين يرفضونه في صياغته المطروحة من قبل وزارة الصحة، بالرغم من سعي هذه الأخيرة في كل مرة إلى فتح نقاش لتحقيق إجماع حوله. كما يعتبر مشروع قانون العمل الذي يرتقب مناقشته خلال العهدة التشريعية الجديدة، من الملفات الساخنة التي يتوقع أن تثير ضجة واسعة داخل قبة البرلمان، وهذا في حال لم يتحقق التوافق التام حول هذا لمشروع الهام الذي أرسلت وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي نسخ منه إلى مختلف النقابات الممثلة للعمال. كما يشكل قانون البلدية وقانون الولاية حدثا بازرا داخل قبة البرلمان بكل تأكيد. قائمة النصوص المعروضة على نزلاء قصر زيغود يوسف الجدد، ستشمل أيضا مشروع قانون الإشهار الذي تأخر عرضه على البرلمان هو الآخر، علاوة على مشروع قانون يضمن حماية المعطيات الشخصية ومشروع قانون يحدد كيفيات ممارسة الحق في الحصول على المعلومات والوثائق ونقلها، وذلك تماشيا مع الإجراءات التي جاء بها دستور فيفري 2016، في مجال دعم حرية التعبير والصحافة. كما تشمل القائمة أيضا مشاريع قوانين متعلقة بالتجارة الإلكترونية والقواعد المتعلقة بالبريد وبالاتصالات ومحاربة الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، فيما يرتقب أن تقدم وزارة الداخلية والجماعات المحلية، طبقا لما صرح به الوزير نور الدين بدوي مقترحاتها المتضمنة تصحيح بعض التغرات المسجلة في النظام الانتخابي، مع استكمالها لبرنامج تحيين الإطار القانوني المنظم للتظاهرات والتجمعات ولعمل تنظيمات الحركة الجمعوية وتكييفه مع أحكام الدستور الجديد. ضمن نفس المسعى يرتقب أن يناقش البرلمان في عهدته الجديدة مشروع القانون العضوي المتضمن ترقية تعليم اللغة الأمازيغية، ونصوص أخرى تخص مجال حماية البيئة والموارد الطبيعية، المرافقة القضائية، ترقية نشاط مكاتب الصرف وتحسين الجباية، فضلا عن تكييف دور مجلس المحاسبة والمجلس العلمي للبحث العلمي والتكنولوجي. إلى جانب كثافة الأجندة التي تنتظر النواب الجدد، ونوعية المشاريع المطروحة أمامهم، فإن الحراك السياسي المقرر أن يكون ساخنا خلال العهدة التشريعية القادمة، تصنعه طبيعة ونوعية النواب وتمثيلهم السياسي، فبالاضافة إلى «الفسيفساء» التي أفرزتها التشريعيات الأخيرة (في انتظار النتائج النهائية للمجلس الدستوري) بدخول أكثر من 35 تشكيلة سياسية إضافة إلى النواب الأحرار إلى قبة البرلمان، فإن نوعية التمثيل والأسماء الثقيلة التي دفعت بها الأحزاب خلال هذا الاستحقاق، من شأنها إضفاء ميزة ونكهة خاصة على نشاط الهيئة التشريعية، وأجواء النقاش عموما خلال مناقشة القوانين المعروضة لا سيما مع الارتفاع المتوقع في عدد الكتل البرلمانية المقرر تشكيلها خلال الفترة القادمة إلى 10 كتل –وفقا للنتائج الأولية للتشريعيات- فيما لم يكن عدد هذه الأخيرة يتجاوز ال5 كتل في العهدة التشريعية الماضية، فضلا عن الأجواء السياسية التي ستخيم على عمل هذه الهيئة، سواء خلال ما تبقى من العام الجاري، وما يرتبط بالتحضير للانتخابات المحلية القادمة المرتقبة في أكتوبر المقبل، أو خلال العام القادم الذي سيكون فيه الحدث المتصل برئاسيات 2019، الانشغال السياسي البارز الذي سيطغى على كل النقاشات السياسية.