تعتبر المدية مهد الحضارات وموطن الشخصيات، حيث سكنها الكثير من الشعوب وصنع أصالتها وتراثها الكثير من الشخصيات، فالتيطري أو المدية الاسم الذي اشتقته من تاريخ مجيد، إذ يعود وجودها إلى 1000سنة، الشيء الذي جعلها تحتوي على بصمات تركتها حضارات عبر مرور الأزمنة. الآثار التي تحويها المدية تعتبر موردا أساسيا هاما وعاملا أساسيا في تنشيط الحركة السياحية بالمنطقة، لكن وللأسف تبقى الكثير من المعالم السياحية مهملة بالرغم من محاولات القائمين على القطاع السياحي بالولاية لبعثها من جديد. الحمامات تعاني الإهمال تمتاز المدية بعدة معالم سياحية ومركبات حموية على غرار حمام الصالحين بالبرواڤية، لكن الكثير منها تواجه اليوم عوامل الاندثار على غرار حمام سيدي الحبشي ببلدية بني سليمان، ورغم أن تاريخ وجوده يعود إلى سنين غابرة إلا أن هذا الحمام لا يزال يطاله الإهمال رغم كثرة الوافدين إليه، إلا أنه لا يتوفر على أدنى شروط الراحة، إذ يقوم بتسييره شيخ طاعن في السن اجتهد في بناء كوخين بأكوام القصب خصص واحدا للرجال وآخر للنساء، رغم أن هذا الحمام أثبت نجاعته طبيا، إذ تستعمل مياهه في التداوي من أمراض الروماتيزم والجلد. أما حمام مولاي أحمد بمنطقة العيساوية فهو الآخر لا زال يصارع الزوال بعد أن أصبح منسيا، فلا تأطير ولا تهيئة على الرغم من استقطابه للكثير من السياح، وهذا لغزارة تهاطله وخصوصياته الطبية، حيث تستعمل مياهه للتداوي من أمراض الحكة والروماتيزم، كما أنه دافئ شتاء وبارد صيفا، إلا أن عوامل الاندثار تحاصره من كل جانب وهو يتحداها في صمت إلى أن يجد من يرد له الاعتبار. مواقع للتوسع في طي النسيان تمتاز الكثير من بلديات المدية بمناظر خلابة ومساحات غابية شاسعة، منها غابة الذراع لكحل ببلدية بوسكن التي تغطي 580 هكتار من أشجار نادرة رسمتها الطبيعة في أحسن حلة، ولذلك فحلم السكان منصب على إنجاز منتجع سياحي على غرار منتجع بن شكاو الذي أثبت نجاحه بفعل كثرة الوافدين عليه، غير أن قرارات ارتجالية أجهضت المشروع في مهده والمنتجع اليوم موصد أبوابه في وجه محبي السياحة الجبلية، كما أن هذه الغابة ذات موقع إستراتيجي فهي لا تبعد سوى 5 كلم عن الطريق الوطني رقم 8، كما يتوسط موقعها البلديات الشرقية وغير بعيد عن بوسكن وبالضبط ببلدية فج الحوضين والتي تتوفر على جملة مؤشرات سياحية تمتاز بمناظر خلابة، كما أنها منطقة ثلجية ويصل علوها إلى 1300 متر، إضافة إلى أنها تقع على ضفاف الأطلس البليدي على طول الطريق الوطني رقم 8 ولا تبعد عن العاصمة سوى 60 كلم. هذا وقد عبر لنا الكثير من سكان السدراية عن رغبتهم في إنجاز حديقة للتسلية خاصة أن بلدية السدراية تعتبر بوابة وواجهة ولاية المدية للداخلين إليها من ولايات الجهة الشرقية، لكن تبقى هذه المعالم والمواقع مهملة إلى أن تجد السبيل لاستغلالها. مواقع أعيد لها الاعتبار ولكن بالرغم من أن الكثير من المناطق السياحية بالمدية لا تزال تعاني إلا أن العديد منها أعيد لها الاعتبار على غرار أثار رابيدوم ببلدية جواب، والتي كانت مهملة في عز الأزمة، حيث تم تسييج هذه الآثاركما تم تعيين حارس، والتفكير منصب لإنجاز نزل لتسهيل استقبال الزوار، وكذا الحال لموقع أشير الإسلامي، حيث أصبح هو الآخر لا يخلو من الزوار. وفي الإطار ذاته تم ترميم دار الأمير بعاصمة الولاية التي تبقى شاهدة على ثورية وعبقرية سكان التيطري. هذا وتزخر ولاية المدية بجملة من المعالم الأخرى على غرار حوش الباي، منارة الجامع الأحمر، ضريح سيدي البركاني بعاصمة الولاية، والقصر القديم بقصر البخاري، وآثار سانق. فالمدية أصبحت قبلة للكثير من السياح ولو استغلت المركبات الحموية والمواقع المهملة أحسن استغلال سيكون للمدية شأن آخر ولنافست أجمل المناطق السياحية في الوطن. حديقة بن شكاو مشروع أجهض في المهد في ظل النقص المسجل على مستوى الفضاءات الخضراء بالمدية، عكف القائمون على قطاع السياحة بولاية المدية على إنجاز حديقة بن شكاو الواقعة على محور الطريق الوطني رقم واحد، وتبعد عن عاصمة الولاية بحوالي 10 كلم، كملجأ للعائلات المداينية. وبعد أن أصبحت قبلة للعائلات في عطل نهاية الأسبوع للهروب من ضوضاء المدينة والتخلص منه ولو قليلا، إلا أن محبي السياحة الجبلية تفاجأوا بقرار غلق الحديقة منذ قرابة 5 سنوات. فبالرغم من أن الحديقة تحوي على مناظر خلابة لما بها من أشجار نادرة كما أن موقعها استرتيجي، فهي لا تبعد سوي 5 أمتار عن الطريق الوطني رقم 1 الذي يشهد حركة مرور كبيرة، إلا أن القرار اتخذ والحديقة أغلقت أبوابها بالرغم من الأموال الطائلة التي صرفت من أجل رد الاعتبار لها. وفي هذا الصدد يتساءل سكان المدية عن السبب وراء غلق هذا الفضاء الذي يعد المتنفس الوحيد للعائلات، باعتبار أن جل المدن الكبرى على غرار قصر البخاري وبني سليمان وشلالة العذاورة وعين بوسيف وتابلاط تفتقر إلى أي فضاء أخضر، رغم الحاجة بفعل كثرة عدد السكان. هذا وقد طالبت الكثير من العائلات السلطات الولاية بإعادة بعث مشروع حديقة بن شكاو وفتح أبوابها لزوارها في أقرب الآجال، كما طالبو بإعادة بعث مشروع حديقة التسلية بتيبحرين الواقعة في أعالي المدية، وهذا بالنظر إلى الموقع المتميز الذي يسهل التنقل إليها. عدا هذا وذاك تبقى الكثير من المواقع السياحية تبحث عن رد الاعتبار، فهل ستصبح المواقع السياحية المهملة بالمدية في يوم ما مقصدا وقبلة للعائلات من داخل الولاية وخارجها ؟ سؤال يبقى مطروحا إلى أن يثبت العكس.