قدم يوم السبت الماضي، المخرج بوعلام عيساوي، العرض الشرفي لفيلمه ”حناشية” بقاعة ابن زيدون بالجزائر العاصمة، مقتفيا من خلاله آثار العلاقة بين أحمد الباي وقبائل الشرق ممثلين في ”الحنانشة” ومقاومتهم للاحتلال الفرنسي. واتخذ الفيلم من الجانب التراثي كالأزياء والحلي والشعر الملحون خصائص بارزة له، وركز المخرج على صورة المرأة البدوية وقوتها ووفاء القبائل من جهة وعلى الحنكة والدهاء والشجاعة التي ميّزت شخصية الباي أحمد من جهة أخرى، مراهنا على إضفاء طابع إنساني على مقاومة الاحتلال الفرنسي من خلال علاقة الحب والإعجاب التي تجمع ”قمرة” الحناشية بالباي. واستغرق عرض الفيلم أزيد من ساعتين، تميزت بالتركيز على لديكور الدّاخلي، بحيث سعى العمل إلى الاستثمار في حوار تراوح بين السياسي والشعري، لدرجة أنه أوغل في الشرح والتفسير على حساب الحركة وتطور الأحداث، وهو ما فسره المخرج برغبته في ”تقديم التاريخ للجيل الجديد”. وتدور أحداث الفيلم بين قسنطينة وبالضبط في قصر الباي وخيمة بدوية لقبيلة الحنانشة، حيث يتحالف الباي مع القبيلة وأتباعها ويستعين بهم في مواجهة الاحتلال الفرنسي، ويبدو جليا أن المخرج كان يتجنب المناظر الخارجية إلا فيما ندر. وافتقد الفيلم إلى حبكة واضحة أو صعود للأحداث، واستمر لفترة طويلة في شرح جماليات الحياة القسنطينية وطقوس الاحتفال والبذخ في صعود ونزول لمستوى الحوار الذي يقارب الفصحى أحيانا ويقارب الدارجة الجزائرية أحيانا أخرى. وبدا أن أداء الممثلين في أغلبهم جيد خاصة الممثلة جهيدة يوسف التي لعبت دور أم الباي والممثلة موني بوعلام التي قدمت دور قمرة الحناشية والممثل علي جبارة الذي لعب دور الباي أحمد، فيما كان ظهور البقية باهتا باستثناء الممثل عبد النور شلوش المرسول الذي قدم أداء عاليا وتحكم في دوره. وافتقر الفيلم إلى تصوير المعارك واللحظات الحاسمة في مواجهة الاحتلال الفرنسي، كما لم يستثمر الشعر الملحون بشكل كبير، وأخطأ في بعض التفاصيل، حيث جعل خيمة قبيلة الحنانشة حمراء بدل السوداء وهي الخيمة المعروفة ب”بيت أولاد نايل”. وسبق للمخرج بوعلام عيساوي أن قدم أفلاما ووثائقيات ومسلسلات على غرار الفيلمين الوثائقيين ”رقصات من بلادي” (2007) و”الڤوال” (2011)، ومسلسل ”اقربوشن” وهو خريج أول دفعة للمدرسة العليا للصحافة بجامعة الجزائر سنة 1967.