عبر عدد من الخبراء والباحثين عن قلقهم إزاء مستقبل المجتمع المصري بكل فئاته، خاصة الأطفال والفقراء، نتيجة شعورهم بتراجع قيمة القراءة، ورأوا أنه تراجع عن فرض وواجب شرعي لتحصيل العلم النافع وأن غيابه يعني المزيد من التخلف العام والشامل والتبعية. وانقسم المشاركون في مؤتمر "ميول القراءة لدى فئات الشعب المصري" الذي نظمه المجلس الأعلى للثقافة في مصر يومي الأربعاء والخميس، إلى تيارين، الأول وهو الأكثرية يرى واقعا لحال القراء والقراءة ينذر بالتدني والانحطاط، ويرسم صورة قاتمة لكل مؤسسات المجتمع، بدءا بالأسرة ثم المدرسة والإعلام. في حين يرى آخرون واقعا مختلفا يتطور ويتحسن نسبيا ولكنه بحاجة لمزيد من الجهد. وأشار شعبان خليفة مقرر لجنة الكتاب والنشر بالمجلس الأعلى للثقافة إلى أن حجم الاستثمارات السنوية في مواد القراءة يبلغ ثلاثمائة مليار دولار، وأكد أن إسرائيل وحدها تنتج سنويا ما بين 25 إلى ثلاثين ألف كتاب، وهو ما يعادل إنتاج الدول العربية مجتمعة، رغم أن عدد سكانها يتجاوز ثلاثمائة مليون عربي. ورغم أن حجم الاستثمارات في مواد القراءة في مصر يبلغ خمسة مليارات دولار سنويا، حسب ذات المتحدث، لكن ذلك لم ينعكس على المستوى الثقافي في مصر، بسبب فقر المواطن المصري الذي ما زالت تشتعل جذوة القراءة داخله. وتؤكد الباحثة فردوس محمد أن معدل القراءة عند الإنسان العربي يبلغ ست دقائق في السنة، مقابل ستة وثلاثين ساعة للإنسان الغربي، ويصدر الناشرون العرب سنويا كتابا واحدا لكل ربع مليون شخص في العالم العربي، مقابل كتاب لكل خمسة آلاف شخص في الغرب، أي مقابل كل كتابين يصدران في العالم العربي هناك مئة كتاب يصدر في الغرب، أما الطفل العربي فإنه يكتب له أسبوعيا كلمة واحدة وصورة واحدة. أما منى الحديدي الأستاذة بكلية الإعلام جامعة القاهرة رأت أن الإقبال على القراءة يتزايد، بالنظر إلى حجم المهرجانات ومعارض الكتب في مصر والعالم العربي، وأن انخفاض مبيعات الكتب والجرائد لا يعكس دائما انخفاضا في عدد القراء، لأن القارئ اليوم يطالعها على الإنترنت، وأشارت الحديدي إلى أن الفضائيات تقدم أيضا أعمالا فكرية وثقافية جيدة. وقال منظمون إن هذا المؤتمر يضع إطارا فلسفيا، وإن اللجنة تعد لإجراء دراسة مسحية ميدانية مستفيضة، تجوب ربوع مصر لتجيب عن ماذا يقرأ المصريون, وكم ينفقون على القراءة، وأثر الوسائط الجديدة على ميول واتجاهات القراءة لديهم، وأشار إلى أن مصر لم تجر هذه الدراسة منذ نصف قرن.