ونقل موقع العربية نت، أمس، عن صحف هولندية ترحيبها بردود الفعل الهادئة من الجالية المسلمة في هولندا واتخاذ المسلمين من أبناء الجيل الثاني مواقف حكيمة أدت إلى تعاطف الهولنديين مع قضيتهم بعد عرض "فيلدرز" لفيلمه المعادي للإسلام على شبكة الانترنت. وقد تمثلت حملة الرد على الفيلم، في ورش عمل حوارية مع المثقفين والإعلاميين الهولنديين، أجابت على استفساراتهم بشأن القرآن الكريم ككتاب عبادة وهداية، وما قام به النائب فيلدرز في فيلمه "فتنة" بإخراج بعض الآيات القرآنية عن سياقها. وقد أسفرت إحدى الورش الحوارية التي عقدها شباب مسلمون من أبناء الجيل الثاني لاحتواء تداعيات الفيلم الذي شاهدوا عرضا له بإشهار أحد الهولنديين إسلامه ليصبح ثالث شخص يشهر إسلامه خلال أسبوع واحد ردا على عبارة انتهى بها الفيلم تقول "أوقفوا أسلمة أوروبا". وبالإضافة إلى الرد العقلاني والحضاري الذي انتهجه مسلمو هولندا، إثر هذه الإساءة الجديدة، فإن إقبالا غير عادي شهدته المكاتب التي تعرض كتبا إسلامية في أمستردام من قبل الهولنديين، أدى إلى نفاذ المصاحف الالكترونية المترجمة إلى الهولندية. من جهة أخرى، قال موقع العربية نت إن صحفيا جزائريا مقيما في باريس، يدعى محمد سيفاوي، قام بوضع رابط لفيلم "فتنة" المسيء للإسلام على موقعه الإلكتروني الخاص، مبررا قراره بأن "الفيلم مطابق للصورة التي يقدمها المتطرفون الإسلاميون"، وبرر سيفاوي فعلته تلك بكونه "شاهد الفيلم بعد الضجة التي أثيرت حوله حتى قبل صدوره، لكنه بعد مشاهدته لم يلاحظ فيه أية إساءة، وأنه "لا يحمل أية رسالة عنصرية ضد الإسلام، بل إنه يعرض صورة هؤلاء القتلة البرابرة الذين لا يستطيعون العيش في عالم متحضر". لكن كثيرين ممن شاهدوا الفيلم عبر الإنترنت بدافع الفضول قالوا "إنه يتهم الإسلام والقرآن بالإرهاب والتطرف، ويدعي أن القرآن هو أيديولوجية العنف"، وأكثر ما أثارهم هو أن "ترجمة الآيات القرآنية المتضمنة في الفيلم تمت بطريقة مشوهة ومجردة من سياق ذكرها في القرآن". ولم يكتف سيفاوي ببث الفيلم على موقعه الشخصي، بل أعاد نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم. ومحمد سيفاوي هو صحفي جزائري اشتغل على إنجاز تقارير صحفية تهتم بالحركات الجهادية في الجزائر، قبل أن ينتقل في بداية التسعينيات إلى باريس هربا من تهديدات بقتله. واشتهر سيفاوي بإنجاز تقارير باستعمال كاميرا خفية عن شبكات دعم الحركات الجهادية في أوروبا تم عرضها خصوصا على قناة "أم 6" الفرنسية، كما أنجز تحقيقات عن أتباع بن لادن في أفغانستان، وموطن الزرقاوي في الأردن، وصوّر انتفاضات الضواحي الباريسية أيضا، وسيفاوي مشهور كذلك بمعاداته للإخوان المسلمين، ونظرا للعداوات التي خلقها بكتاباته وأفلامه فهو يعيش حاليا تحت حراسة أمنية مشددة، ويغيّر مرارا مقر إقامته بباريس. وبالتزامن مع الجدل الذي أثاره فيلم "فتنة"، شهدت العاصمة الألمانية برلين عرض مسرحية عن رواية "آيات شيطانية" لمؤلفها الكاتب البريطاني الجنسية الهندي الأصل سلمان رشدي وسط إجراءات أمنية مشددة، ورغم أن العرض سبق بحديث عن مخاوف من أعمال عنف قد يقوم بها "متطرفون إسلاميون"، إلا أن مسلمي ألمانيا التزموا برد فعل لم يخرج عن الطرق السلمية والحضارية، وهي ولا شك صفعة أخرى في وجه الذين يحاولون تصوير المسلمين على أنهم مجموعة من البرابرة والإسلام بالإرهاب.