بات من الطبيعي والمألوف تشكيل المتسولين لديكور" يزيّن" أرصفة الطرقات وأبواب المحلات التجارية والبنوك والمساجد وتعداها إلى الحافلات والجامعات على غرار جامعة باب الزوار وحتى مطار هواري بومدين الدولي، حتى أن البعض أصبح يعتبرهم جزءا من الروتين اليومي •إلا أن الأمر تعدى التسول العادي والتقليدي لأشخاص لم تمكنهم الحياة من تحصيل قوت يومهم إلا بمد يدهم إلى نشاط تجاري وسرقات واعتداءات• متسولة "برجوازية" كم كانت دهشتنا كبيرة عندما علمنا أن متسولة تملك أحد أجمل المنازل في الشرق العاصمي، وتروي الشابة (ص• أ) تقطن بإحدى ضواحي حي باب الزوار أنها مرت يوما برفقة والدة زوجها على متسولة معروفة منذ مدة طويلة في الحي الذي كانت تقطنه قبل زواجها، فعبرت لوالدة زوجها عن مدى تأسفها لحالة العجوز المسكينة التي أجبرتها الأيام للتسول لضمان قوت يومها، إلا أن صدمتها كانت كبيرة عندما أخبرتها بأن المرأة محل الحديث معروفة في المنطقة بامتلاكها منزلا من أجمل المنازل في الضاحية الشرقية للعاصمة فكيف لها أن تكون متسولة• •• وأخرى تتنقل بسيارة فاخرة أما خالتي "زهرة" كما يحلو لسكان أحد أحياء وسط العاصمة مناداتها فهي حالة خاصة حسب الشاب سليمان بحكم سنها الذي يتعدى السبعين ومظهرها الذي يدعو للشفقة كونها تشكو من العمى في إحدى عينيها، وحسب ذات المتحدث فإن العجوز كانت إلى وقت قريب تستحوذ على شفقة أهل الحي إلى أن جاء اليوم الذي رآها فيه تنزل من سيارة فاخرة في مكان بعيد نسبيا عن الحي الذي تعودت التسول فيه لإبعاد الشبهات، فبدأ يراقبها في المكان الذي تنزل فيه مدة من الزمن ليتأكد بأن نفس السيارة التي توصلها صباحا تأتي لتقلها مساء بعد انقضاء نهار طويل وشاق من "العمل"• يأتون بملابس رثة ويشترطون نوع الحسنة هي عادة تلازم المتسولين يجوبون الطرقات والمنازل بملابس رثة ومتسخة يشتكون من الجوع والفاقة إلى هنا الأمر عادي، لكن الذي يستدعي الدهشة هو اشتراطهم نوع الحسنة المقدمة إليهم وحتى قيمتها، تقول السيدة فطيمة وهي ربة بيت: "في أحد الأيام جاءتني امرأة ومعها طفل تطلب حسنة وأخذت تشكي حاجتها وتبكي حالها وبما أنني لم أكن أحوز على قطع نقدية أعطيتها كيسا به بعض المواد الغذائية إلا أنني تفاجأت بعد مغادرتها بأنها أفرغت محتويات الكيس على الدرج ومنذ ذلك الحين أقسمت بأن لا أفتح الباب مجددا لأي متسول"• أما السيد "مراد" فقد أخبرنا أنه في أحد الأيام جاءت متسولة إلى منزله وبما أنه كان متواجدا في ذلك الوقت فقد فتح الباب بنفسه وأعطاها حسنة حددت قيمتها بنفسها بحجة أنها تريد الذهاب إلى الحمام، إلا أن دهشته كانت كبيرة عندما عادت بعد برهة وطلبت منه أن يقدم لها مبلغ خمسة آلاف دينار من أجل صنع باب من حديد في منزلها• يأتين متسولات ويتحولن إلى معتديات سيدة أخرى روت لنا كيف أن متسولة اقتحمت بيت قريبة زوجها وسلبت حليها وأموالها "في تلك الفترة كانت قريبة زوجي نفساء وفي يوم جاءتها متسولة تطلب حسنة وفي لحظة ذهابها لجلب المال سمعت المتسولة بكاء الطفل حديث الولادة، وبما أن صاحبة المنزل تركت الباب مفتوحا قليلا اقتحمت المتسولة المنزل وهددت الأم بقتل رضيعها إذا لم تجلب لها كامل حليّها وأموالها وكان لها ما أرادت مخافة أن تنفذ تهديدها"• وأمام تفاقم ظاهرة التسول واتخاذها في معظم الأحيان منحى النصب والاحتيال أصبح المواطن الجزائري لا يثق في المتسولين ويفضل تقديم الزكاة والصدقات إلى الجهات المعنية مخافة أن تذهب إلى غير أصحابها•