لاقت مسرحية تونسية "رافضة للحجاب" إقبالا واسعا في العاصمة السورية حيث وقف ممثلو مسرحية "خمسون" للمخرج التونسي الفاضل الجعايبي خلال عرضها في دار الأوبرا بدمشق في إطار احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية 2008. وقدمت المسرحية التي كتبتها الممثلة جليلة بكار بالاشتراك مع زوجها الجعايبي، في أربعة عروض قدم آخرها مساء الاثنين الماضي قبل أن تنتقل لتعرض في بيروت. وصرح المخرج الجعايبي أن أحد أهم الأسباب التي دفعته للعمل على هذه المسرحية مع زوجته أن "المنطلق الأول للمسرحية هو خشيتنا من أن ترتدي ابنتنا الحجاب". وشخصية أمل هي محور المسرحية، فمن خلالها نتعرف على والديها المناضلين اليساريين وعلى حال اليسار السياسي في تونس. يقول المخرج وعندما تختار ارتداء الحجاب نتعرف على أجواء المتطرفين التي تنخرط فيها. فإلى جانب الصراع بين خيار ابنة والرفض التام له من قبل الأب الذي صار أخرس بعد التعذيب الذي لقيه في الاعتقال السياسي، وموقف الأم الوسطي والمعتدل، هناك صراعات متعددة تتولد من حدث واقعي تستند إليه المسرحية. وهذا الحدث هو قيام معلمة محجبة بتفجير نفسها في ساحة مدرسة في نوفمبر 2005، عندما كانت قمة "مجتمع المعلومات" تعقد في تونس. وتشاء الصدف أن تكون المعلمة الانتحارية زميلة لأمل وهو ما يقود إلى اعتقال الأخيرة مع زميلات أخريات، وتعذيبهن على يدي الأمن التونسي، في مشاهد حاولت المسرحية نقل عنفها إلى الخشبة. وتقدم المسرحية نظامين سياسيين حكما تونس كوجهين لعملة واحدة هما "القمع والتعسف" إذ ترد حوارات ومشاهد عن تعذيب الأب على يدي "جلادي" نظام الحبيب بورفيبة الذي طارد الحركات السياسية اليسارية. كما تعرض مشاهد تعذيب النظام الحالي لمتدينين يستجوبهم في قضية تفجير المدرسة. وقال المخرج إن "النظام الذي طارد اليسار والنظام الذي يلاحق التطرف الإسلامي هوالنظام التعسفي الإرهابي نفسه الذي يستخدم الأدوات والوسائل نفسها تحت الشعارات الجوفاء نفسها عبر تقسيم العالم إلى أبيض وأسود". وقدمت مسرحية "خمسون" للمرة الأولى في 2006، وأحدثت جدلا واسعا بعد أن منعت وزارة الثقافة آنذاك عرضها شهرا ونصف الشهر، فقدمت لأول مرة على مسرح "الأوديون" في باريس، قبل أن تقدم في تونس. وقدم الجعايبي، الذي يعتبر شخصية بارزة في المسرح العربي المعاصر عروضا لاقت إقبالا كبيرا في جولاتها العالمية، ومنها "كوميديا" (1991)، "فاميليا" (1993)، "عشاق المقهى المهجور" (1995)، جنون (2001).