وقال: "إن تسمية الوقود الحيوي (Biofuels) غير صحيحة لأن Bio تعني حياة والواقع أن هذه الوقود تؤدي إلى حرق الحياة، ويمكن تسميتها باسم " Agro fuels" فحرق الذرى الطعام الرئيسي في أمريكا اللاتينية لاستخراج مادة الإيثانول الطاقة النظيفة، ستخلف مجاعات غير مسبوقة في تاريخ البشرية، هذا فضلا عن التلوث البيئي عبر الأسمدة المركزة لاستخدام الأرض بشكل جائر للحصول على مزروعات لاستخراج " الطاقة البديلة"، والتلوث عبر سلسلة جهنمية تبدأ في تكثيف زراعة المحاصيل بإمدادها بأسمدة عالية الكثافة، ستكون سموما للأرض، تتسرب إلى المياه ومنها إلى الأنهار والبحار، مما يسبب إبادة الثروة البحرية من أسماك وغيرها من الموارد المائية، وهذا بدورة ينعكس على صحة وبيئة الإنسان"• فلماذا نسكت عن جريمة تطال الإنسانية جمعاء؟ فنحن في وكالة الأنباء العالمية، التي تعد ناطقة باسم مشاكل الجنوب سنتحدث عن مخاطر الوقود العضوي على الأرض وما عليها• وكانت الولاياتالمتحدة والبرازيل أول من استخدم الوقود العضوي البديل للطاقة الحالية السائدة، البترول والغاز الطبيعي، وقدمت الولاياتالمتحدة دعما للمزارعين غير مسبوق، حيث خصصت 60% من صادراتها من القمح لاستخراج الإيثانول، الوقود الجديد غير الملوث للبيئة، ولكن قلة عرض القمح في السوق الدولية أدت إلى ارتفاع سعر القمح، الغذاء الرئيسي لأكثر من 70% من سكان الأرض، وانجر عنه ارتفاع أسعار المواد الغذائية في السوق الدولية، سواء منها البديلة أو المكملة لمادة القمح• ونتيجة ذلك شهد العالم مظاهرات شعبية احتجاجا على ارتفاع أسعار المواد الغذائية، منها مظاهرات "المحلة" إحدى ضواحي القاهرة، حيث راح ضحية المواجهات مع قوات الأمن المصرية 11 شخصا كانوا يطالبون "برغيف العيش" الذي عزا توفيره مع طبق الفول الغذاء اليومي للمصريين• ولم يختلف واقع الاحتجاج على ندرة رغيف الخبز والأرز والذرة والخضراوات والحليب والسكر وموجة الأسعار التي حرقت جيوب محدودي الدخل وقبلها معدة الفقراء، الذين يرتفع عددهم يوما بعد يوم، بسبب سياسة الولاياتالمتحدةالأمريكية الزراعية، والتي تهدد العالم بالمجاعات• كما قال الدكتور ماتس هيلستروم رئيس المعهد السويدي لدراسات السياسة الأوروبية، والحاكم السابق لمقاطعة استوكهولم ووزير التجارة السويدي السابق، وأضاف في مداخلته "رؤية داخلية لسياسة الولاياتالمتحدةالأمريكيةالمتحدة للتنمية، نقاط قوتها ونقاط ضعفها" بأن الولاياتالمتحدة لم توقع على الكثير من الاتفاقيات الدولية سواء بشأن حماية الأرض أو التجارة أو الاقتصاد، فتقوم باختراقات كثيرة دون أن تحاسب، منها : بطء المفاوضات مع منظمة التجارة العالمية مما يعيق سيولة السلع فيما بين الدول، وكذلك دفن النفايات النووية في البحر وهذا يدمر الثروة البحرية وتنتقل الأضرار للإنسان بشتى الأمراض، كما تقدم الدعم للمزارعين كما فعلت مع مزارعي القطن فنتج عنها أضرار بالغة لمزارعي القطن في البرازيل، حيث تعرض إنتاج القطن البرازيلي إلى الكساد بسبب ارتفاع سعره أمام القطن الأمريكي المدعوم• ومن جهته تحدث مارك هالي مدير المعهد الدولي للتنمية المستدامة، المكتب الأقليمي لأوروبا تحدث عما أسماه "مسعى للتخلص من الإعانات الضارة"، وتقدر تلك الإعانات بأكثر من 900 مليار دولار أمريكي عام 2020 ، ومثال على الإعانات الضارة ذلك الدعم الذي يقدم للمزارعين لاستغلال الأراضي الزراعية بزراعات مواد منتجة للوقود العضوي، ويوضح مارك "أن المعهد الدولي للتنمية المستدامة يُعنى بتقديم الدعم والإعانات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، كالتشجير للحفاظ على الغطاء النباتي حفاظا على المناخ، والتنمية المستدامة تعني استغلال الموارد الحالية بما يوفر الأمن الغذائي والبيئة النظيفة بما لا يؤثر على حق الأجيال القادمة من الثروات الطبيعية، وما يجري الآن هو تعدي على حق الأجيال القادمة المهددة بمجاعات أمام ندرة المواد الغذائية"• وترد على هذا بولا ستيرن الرئيسة السابقة للجنة التجارة الدولية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، بأن بلادها تسعى إلى وقود بديل عن النفط الذي شهد ارتفاعا قياسيا في الأشهر الماضية، تعدى 100 دولار للبرميل، وهذا مكلف للصناعة الأمريكية وله تأثير سلبي على الاقتصاد الأمريكي برمته، وبالتالي لا بد من البحث عن بدائل للتخلص مما وصفته "ضغط" منظمة الدول المنتجة للنفط (أوبك) والاستغناء عنها، لذا قدمت الولاياتالمتحدة دعما خاصا للمزارعين وهم يشكلون 1% من سكان أمريكا ويشكلون قوة ضغط في البلاد، ويقدر الدعم بأكثر من 70% لإنتاج المواد المنتجة للوقود العضوي، وهذا أدى لارتفاع المواد الغذائية، لذا باعتقاد ستيرن لا بد من إصلاح السياسة الزراعية الأمريكية• * انعكاس الوقود العضوي على الوطن العربي: يقول الدكتور عماد عدلي منسق الشبكة العربية للبيئة والتنمية ( RAED) عن التأثير الاجتماعي والاقتصادي والبيئي لكوكتيل إعانات الشرق الأوسط: "إن هذا المؤتمر ينعقد في وقت تشهد فيه المنطقة العربية أزمة حادة في الأمن الغذائي، ففي مصر ظهر "طابور رغيف العيش" (أي طابور الخبز)، وقد لقي أحد عشر شخصا مصرعهم في مواجهات مع قوات الأمن للحصول على رغيف العيش، ففي ظل هذه الظروف الغذائية الحادة تظهر الدعوة للوقود الحيوي المستخلص من المواد الزراعية، مما يعني مزيدا من الجوع"• عدد سكان الوطن العربي 300 مليون نسمة، وليس لدينا أمن غذائي حتى اليوم، فالتحدي كبير جدا مستقبلا نظرا: - قلة المياه - انحسار الأراضي الزراعية أمام استمرار التصحر - الفجوة الغذائية العربية لمادة القمح بالمتوسط 55%، وتختلف من بلد عربي إلى آخر، فالجزائر تستورد ما لا يقل عن 70% من احتياجها الوطني من القمح• - حصة الفرد من المياه سنويا تتراجع عاما بعد عام، ففي مصر 607 م3 عام 2007 وفي الأردن تقل عن 200م3 • - في 15 دولة عربية الفقر المائي أي تحت الحد الأدنى والذي حددته الأممالمتحدة بألف متر مكعب سنويا• وهذا يشكل تحديا كبيرا مستقبلا، ويزداد الأمر الخطورة مع ظهور الوقود العضوي، ولكن لماذا لا تكون تلك الاستثمارات الضخمة للطاقات البديلة في مجال الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح؟ ويعتقد الدكتور عماد أن الاستثمار في مجال الوقود الحيوي هو إفساد كوني، أي أن الدعم المقدم للمزارعين لإنتاج الوقود الحيوي هو رشوة لتزيد أرباح الشركات العالمية المنتجة لغاز الإثانول الحيوي، والرشوة للمزارع ليغير أسلوب حياته الزراعية • الآن مصر تخصص 2•5 مليار دولار أمريكي سنويا لدعم رغيف الخبز، فكيف يكون الحال بعد استخدام القمح في الوقود العضوي؟ نتصور انخفاض حجم القمح المعروض في السوق الدولية وبالتالي ارتفاع سعره، وإذا بقيت نسبة الدعم الحكومي الحالية بالتأكيد سترتف مخصصات الدعم الحكومي لرغيف العيش، ولكن ماذا لو سحبت الدولة الدعم ؟ فالأمر خطير بما ينعكس على الاستقرار والسلم الاجتماعي ليس في مصر فحسب بل في كافة دول الجنوب التي لم تستطع حتى الآن تحقيق الأمن الغذائي• * الأممالمتحدة تحذر من عواقب استخدام الوقود العضوي حذر تقرير للأمم المتحدة من التسرع في التحول إلى الوقود العضوي بسبب التأثير الخطير على الكائنات الحية والبيئة• وأشار التقرير الصادر عن هيئة الأممالمتحدة للطاقة إلى "أنه من الممكن أن تكون هناك نتائج إيجابية لاستخدام هذا النوع من الوقود، ولكن أيضا ممكن أن تكون سلبية مثل القضاء على الغابات وارتفاع أسعار المواد الغذائية جراء استغلال الأراضي الزراعية لزراعة المواد المنتجة للوقود العضوي"• وقال التقرير "إن استخدام الوقود العضوي للتدفئة والسيارات والاستخدامات الأخرى يعد الأفضل للحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وأيضا الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، لكن قد تكون له عواقب وخيمة إذا كان هناك تسرع في إنتاج مثل هذا النوع من الوقود"• وتحذر الأممالمتحدة من أن 36 بلدا من بينها الصين، تواجه حالات طوارئ غذائية هذا العام 2008، كما انخفض مخزون الحبوب مثل الأرز إلى أدنى مستوياته منذ 26 عاما • وكان رئيس البنك الدولي "روبرت زوليك" قد ذكر في كلمة له أن الوقود العضوي يعد واحدا من الحقائق التي ستعمل على إبقاء أسعار المواد الغذائية مرتفعة لسنوات قادمة، وإن ما نشهده الآن هو باختصار صراع على نطاق عالمي واسع لتأمين الموارد الغذائية والتي تغدو أكثر ندرة سنة بعد سنة• ويشير زوليك إلى "وجود اضطرابات اجتماعية في 33 بلدا في جميع أنحاء العالم بسبب الارتفاع الحاد في أسعار الغذاء والطاقة"، ويقول زوليك "إنه في تلك البلدان يشكل الطعام أكثر من نصف إلى ثلاثة أرباع الاستهلاك من الدخل (الإنفاق)، ومن ثم فليست هناك فرصة للبقاء على قيد الحياة"• وأمام هذا الواقع دعا مؤتمر الإسكندرية إلى مناهضة اللعب بأقوات الشعوب تحت مسمى "الوقود العضوي" كطاقة بديلة عن النفط والغاز الطبيعي، ويؤكد المشاركون على توجيه الاستثمارات إلى الطاقات الجديدة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة المياه (الشلالات الطبيعية أو الاصطناعية) بدلا من تخريب البيئة والإضرار بصحة الإنسان• ومما اقترحه المشاركون، توعية الناس بمخاطر الوقود العضوي على بقاء الإنسان، وذلك عبر الأنترنت بالبريد الالكتروني والمقالات بالصحافة المحلية وتنظيم ندوات ومحاضرات للوقوف على أضرار ومخاطر الوقود العضوي على مستقبل الأجيال القادمة•