برر نواب موريتانيون انسحابهم من حزب العهد الوطني للديمقراطية والتنمية "عادل" الحاكم، بينما شكك قيادي في الحزب في أسباب استقالتهم، وكان 48 من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ أعلنوا أول أمس استقالتهم الجماعية من الحزب الذي يقوده رئيس الوزراء يحيى ولد أحمد الواقف، مما جعله يفقد الأغلبية البرلمانية حتى لو بقي الحزب الأكبر، والمستقيلون هم 25 نائبا من أصل 48 ينتمون إلى الحزب الحاكم "عادل" و23 عضوا في مجلس الشيوخ من أصل 41 في الحزب الحاكم في المجلس. واعتبر بيان تلاه المتحدث باسم النواب المستقيلين سيدي محمد ولد محمد أن "العملية الديمقراطية انحرفت عن مسارها الطبيعي وتحولت إلى وسيلة لاختلاس الأموال العامة والفوضى"، وانتقد ممارسة الرئيس الموريتاني سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله لما أسماها "السلطة الشخصية"، الأمر الذي "خيب آمال الموريتانيين"، ولوح النواب بإمكانية تأسيس حزب سياسي جديد، داعين "كل القوى الوطنية داخل الحزب وخارجه للالتحاق بهم في جهد وطني خلاق"، يهدف إلى إقامة "إطار سياسي وطني نابع من رؤية وطنية معتدلة ومتوازنة". ووجه البرلمانيون المتذمرون انتقادات لاذعة للوضع العام للدولة، مؤكدين أن البلد يعيش "أزمة اقتصادية خانقة"، وأن المسار الديمقراطي "ينحرف يوما بعد يوم عن أهدافه في التنمية والبناء". وفي تبريره للانسحاب، قال النائب محمد المختار ولد الزامل أن من أهم أسبابه هو تهميشهم، وعدم التشاور معهم لا في تشكيل الحكومات الثلاث المتعاقبة، ولا في مختلف متعلقات الشأن العام. بيد أن القيادي في الحزب الحاكم أبو بكر ولد أحمد نفى أن تكون تلك هي الأسباب الحقيقية للانسحاب، مشيرا إلى أن البعض اعتبر أن هناك أسبابا شخصية، وحتى طموحات سياسية، وأشار إلى أن الأزمة عموما كانت مفاجئة، لأن حقيقتها هي أن هناك أغلبية نجحت في الوصول إلى السلطة، ولكنها "فشلت في تسيير نجاحاتها"، وبدأت معركة الأذرع هذه بين الرئاسة ومجموعة من البرلمانيين يجري الحديث على نطاق واسع أنهم مدعومون من قبل قادة في المؤسسة العسكرية قبل أكثر من شهر، وانتهت جولتها الأولى بإقالة الحكومة الماضية وتشكيل حكومة جديدة. غير أن الأزمة عاودت الظهور من جديد إثر طلب تقدم به النواب لعقد دورة برلمانية طارئة لتشكيل مجموعة لجان تفتيش وتحقيق في مشاريع ومؤسسات عمومية، وتشكيل محكمة العدل السامية التي يحق لها محاكمة رئيس الجمهورية، وهي الدورة التي قوبلت برفض من قبل الحكومة.