وقع أمس الأربعاء في موريتانيا انقلاب عسكري استولى بموجبه الجيش على القصر الرئاسي، وطوقت قواته مجموعة من المرافق العامة، وانتشرت في الشوارع، كما تم اعتقال الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله واقتادوه إلى جهة مجهولة، وشمل الاعتقال أيضاً رئيس الوزراء، يحي ولد محمد الواقف، ووصف الانقلاب'' بالأبيض''، إذ لم يتخلله اشتباكات أو إطلاق نار، في خطوة تأتي بعد ساعات من قرار الرئيس الموريتاني إقالة قائد الحرس الرئاسي، وقائد أركان الجيش. قالت ''وكالة نواكشوط للأنباء'' إن ''الجنرالين محمد ولد عبد العزيز وولد القز، اللذين تم إقالتهما صباح أمس الأربعاء بموجب مرسوم رئاسى أجروا انقلابا عسكريا وقد سيطروا على مبانى الإذاعة والتلفزيون واعتقلوا الوزير الأول يحى ولد أحمد الواقف''. وكان الرئيس الموريتاني قد أقال بمرسوم رئاسي ثلاثة من قادة الجيش صباح الأربعاء ، بتهمة دعم النواب الذين انسحبوا من حزبه، ورد الجيش على قرار الإقالة بالانتشار في الأماكن الحساسة في نواكشوط ، حيث انتشرت وحدات من الحرس الرئاسي أمام الإذاعة والتلفزيون وأمام الوزارات. وذكرت الإذاعة الموريتانية الرسمية أن الرئيس أقال قائد أركان الجيش محمد ولد الغزوانى وعقيدين يعرف أنهما أوصلوه إلى سدة الحكم بدعمه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة ، أحدهما قائد حرس الرئاسة العقيد محمد ولد عبد العزيز، وأوضحت الإذاعة أن الرئيس عين مكان القادة المقالين ضباطا قال المراقبون إنهم مقربون منه، وكان نواب في البرلمان الموريتانى قد وجهوا ضربة موجعة لرئيس الحكومة يحيى ولد الواقف بعد إعلانهم الانسحاب من حزب العهد الوطني للديمقراطية والتنمية ''عادل'' الذي يرأسه حاليا، وبرر المنسحبون قرارهم بحالة التردي السياسي والاقتصادي التي تعيشها موريتانيا في ظل الحكومة الحالية. وجاء انسحاب النواب البرلمانيين بعد رفض الحكومة التي يقودها ولد الواقف طلب جلسة برلمانية طارئة تقدم بها هؤلاء لمناقشة بعض القوانين، بينها تشكيل محكمة العدل السامية وفتح تحقيق في برنامج الدعم الاستعجالي الذي أطلقه الرئيس الموريتاني ورصدت له مبالغ ضخمة قدرت ب160 مليون دولار. وكانت مجموعة النواب هذه قد نجحت في الإطاحة بالحكومة الماضية التي كان يترأسها ولد الواقف، لكن الرئيس الموريتاني سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله أعاد تكليفه بتشكيل حكومة جديدة، واتجهت مساعي مجموعة النواب البرلمانيين بعد رفض هذه الدورة لرسم خطوات أكثر تصعيدا تهدف في مجملها لانهيار الحزب الحاكم، كان آخرها انسحابهم الجماعي منه، وذلك من أجل محاصرة رئيس الحكومة يحي ولد الواقف وإرغامه على الاستقالة لعدم حصول حزبه على الأغلبية البرلمانية. وكان الموريتانيون قد انتخبوا ولد الشيخ عبدالله رئيساً في مارس الماضي، وذلك في انتخابات جرت وفقاً لتعهدات المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية ورئيسه، العقيد علي ولد محمد فال، الذي كان قد انقلب على الرئيس السابق ولد الطايع، الذي وصل بدوره إلى الحكم عام 1984 بتحرك عسكري، ومنذ الاستقلال عن فرنسا عام ,1960 شهدت موريتانيا 10 انقلابات بين ناجحة وفاشلة. ويرى بعض الخبراء أن حقيقة الأزمة تتمثل في قلق بعض أوساط سياسيين مدنيين من تأثير الجيش على الحياة العامة، وتأخره في تسليم مفاصل السلطة لهم، بينما يرى خبراء أن العسكريين ينظرون بعين الريبة إلى تعيين عدد من مساعدي ولد الطايع في مراكز مرموقة، الأمر الذي يهدد أهداف انقلابهم. وتعد تجربة نقل السلطة من العسكريين إلى مدنيين على غرار ما فعل ولد فال مع ولد الشيخ عبدالله الأولى في تاريخ الانقلابات العسكرية .