كنت أعتقد أن السلطة هي التي تقطع الطريق على الصحافيين وتمنعهم من تكوين نقابة للصحافيين قوية مثل بقية نقابات الصحافة في العالم العربي.. لكن مؤخرا تأكدت أن مشكلة الصحافيين ليست مع السلطة وحدها، بل هي أيضا مع الناشرين أو أشباه الناشرين الذين لا يريدون ترك الصحافيين يبنون نقابة قوية تدافع عن حقوقهم أمام السلطة وأمام الناشرين ! منذ أيام سمعت أن بعض الناشرين اجتمعوا في مطعم فخم، ثمن الوجبة فيه تعادل راتب أمين عام نقابة الصحافيين في الجزائر لمدة شهر كامل ! كان جدول الأعمال في هذا الاجتماع يتضمن وضع الوزير بوكرزازة عند حده بخصوص تصريحاته حول موضوع عقود علاقات العمل بين الصحافيين والناشرين ! وكانت النقطة الثانية هي بناء لوبي صحفي لتزوير الرأي العام، من أجل الوصول إلى المساهمة في تزوير الرئيس القادم للجزائر ! ويبدو أن نظرية الصحافة البديلة للأحزاب السياسية التعبانة ماتزال هي الرائجة رغم العلقة التي أكلتها الصحافة الوطنية في الرئاسيات الماضية، كونها حاولت أن تكون طرفا في اللعبة السياسية خارج أطر أخلاقيات مهنتها ! وعندما يتحفز بعض الناشرين وينتظمون في "لوبي" ورقي لأجل العمل على تزوير الرأي العام لصالح فلان أو علان في رئاسيات لم تتضح حتى معالمها الديمقراطية .. عندما يحدث ذلك فإن الزملاء في الصحف سيواجهون صعوبات كبيرة في أداء رسالتهم الإعلامية، ضمن الأطر المهنية والأخلاقية للمهنة ! إن محاولة إجبار وزير الإعلام والحكومة على الموافقة على رفع أسعار الصحف قبل الرئاسيات القادمة، لا يمكن أن نفهمه إلا في إطار محاولة هذا اللوبي الصحفي أن يقبض ثمن ما خطط له في الرئاسيات القادمة قبل حصولها ! ما يحزننا هو أن تتدحرج هذه المهنة المسكينة كل مرة نحو الفساد السياسي وتصبح جزءا من كارثة تزوير الرؤساء التي تطل علينا كل مرة برأسها ! لا يشرفنا كمهنيين أن نصبح جزءا من أصحاب الحق الإلهي في تعيين الرؤساء بواسطة التزوير ! حتى ولو كان هذا التزوير يخص تزوير الرأي العام !