و حسب ما أفادنا به مواطنون قرويون يقطنون بمشاتي مختلفة تابعة إقليميا لبلدية غبالة فإن العيش بهذه المنطقة المتاخمة لحدود ولاية سكيكدة صار لا يطاق و يستدعي تدخل الجهات المسؤولة و الوطنية لفك العزلة عن مختلف الدواوير التي كانت خلال الثورة التحريرية الكبرى بمثابة منطقة استراتيجية للمجاهدين لطابعها التضاريسي الوعر في القيام بمختلف الهجومات ضد الفرنسي الغاشم و اليوم كما يقول المواطنون الذين تحدثنا إليهم أصبحت البلدية المذكورة مرادفة للتهميش و الإقصاء بل و يمكن تشبيه مشاتيها بمجسمات تاريخية تعود إلى حقبة ما قبل التاريخ بالنظر للحياة البدائية التي لا تزال تلتصق بالسكان و هم معذورون طالما أن إمكاناتهم البسيطة جدا تصعب عليهم التنصل من حياة العزلة و البداوة .و في هذا السياق أكدت مصادرنا بأن أغلب سكنات مشاتي البلدية على غرار بني صبيح حديفة المعلفة دار بن زريعة المقطع دار بن زرقة و الوادية مبنية بالحجارة و الطين و مغطاة بالديس و هي أشبه بالكهوف و المغارات و لم تخفف برامج السكن الريفي التي استفادت منها البلدية من وطأة أزمة السكن لضآلتها و عدم تلبيتها لطلبات المواطنين المعذبين بهذا الإقليم الإداري المصنف في خانة البلديات الأكثر فقرا بالبلاد محدثونا أضافوا أيضا و الحسرة بادية على وجوههم بأن الكلمات تعجز عن وصف نمط حياتهم اليومي التي ترتكز على التنقل اليومي للرجال و النساء على حد سواء حيث أن الرجال يستيقظون مبكرا من أجل ضمان رعي ماشيتهم من أغنام و أبقار و ماعز في المروج و البراري المحاذية لبيوتهم و لا يعودون إلا في آخر النهار إضافة إلى استغلال الأرض لإنتاج بعض أنواع الخضراوات أما نساء المشاتي المذكورة فيمارسن أعمالا رجالية أيضا كتربية الدجاج و تنقية البساتين و التنقل بواسطة الأحمرة و البغال لجلب الماء الشروب من منابع طبيعية غير مراقبة على مسافات طويلة تتجاوز 05 كيلومترات ناهيك عن جلبهم يوميا لمختلف أنواع الحطب لاستعماله في طهي الطعام و كذا للتدفئة في فصل الشتاء و أمام صعوبة المسالك و وعورة التضاريس و انعدام النقل يضطر السكان بهذه المشاتي إلى السير راجلين من الصباح الباكر للوصول إلى منطقة أم الطوب التابعة لإقليم سكيكدة قصد تلبية حاجياتهم الاستهلاكية من أسواقها أو التوجه بنفس الكيفية نحو مقر بلديتهم غبالة لاستخراج الوثائق الإدارية اللازمة و المحظوظ من المواطنين بهذه المشاتي هو الذي يتمكن من اكتراء سيارة فرود للخروج من العزلة و بلوغ مدينة الميلية دافعا مبلغ لا يقل عن 1000 دج في النهار بينما يتضاعف ليلا إذا كان الأمر يتعلق بنقل مريض أو امرأة حامل تعيش مخاضا عسيرا و ما أحوج هذه المشاتي لمدارس ابتدائية و متوسطات لضمان تمدرس الأطفال و الحد من التسرب المدرسي إضافة إلى القضاء على ظاهرة توقف تمدرس الفتيات في المرحلة الابتدائية بسبب العزلة و انعدام النقل المدرسي . و قد لمسنا من خلال تحدثنا لأعضاء من المجلس البلدي بخصوص معاناة المواطن بأن إمكانات و وسائل البلدية لا ترقى إطلاقا لمعالجة همومهم و معاناتهم الاجتماعية لأن الأوضاع حسبهم تحتاج إلى قليل من الوقت و كثير من الصبر