يقول "ابن رجب" في شرح هذا الحديث: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضًا بشهر رمضان، وكيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان، كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران، كيف لا يبشر العاقل بوقتٍ تُغَل فيه الشياطين. وهكذا كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يزف لأصحابه البشرى بقدوم رمضان.. إنه الحبيب الذي طال انتظاره، لقد استبد الشوق بالقلوب، وإن لقدوم الحبيب الغائب لفرحة ما أروعها من فرحة.. إنه الحبيب وقد علمنا بموعد قدومه وأن موكبه في الطريق إلينا. شعبان والاستعداد لرمضان كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يستعد لاستقبال رمضان من أول شعبان، فكان يستعد استعدادًا عمليًّا ونفسيًّا بالصيام، القرآن الدعاء ، ذكر رمضان وفضائله. عَنْ عَائِشَةَ- رضي اللهُ عَنْهَا- قَالتْ: كَانَ رَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصُومُ حَتَّى نَقُول: لا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُول: لا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- اسْتَكْمَل صِيَامَ شَهْرٍ إِلا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ في شَعْبَانَ" (خرَّجه الإمام البخاري في صحيحه). التمرين على الصيام يقول "ابن رجب" في كتاب لطائف المعارف "وقد قيل في صوم شعبان: إن صيامه كالتمرين على صيام رمضان؛ لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط. يقول أنس بن مالك صاحب رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: كان المسلمون إذا دخل شعبان انكبُّوا على المصاحف فقرءوها، وأخرجوا زكاة أموالهم تقويةً للضعيف والمسكين على صيام رمضان، وقال أحد السلف: شعبان شهر القُرَّاء، فالذي تعود على المحافظة على ورده القرآني قبل رمضان سيحافظ عليه- إن شاء الله - في رمضان. وهو من الاستعداد النفسي والقلبي، فقد كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا دخل رجب يدعو قائلاً: "اللهُمَّ بَارِكْ لنَا في رَجَبٍ وَشَعْبَانَ، وَبَارِكْ لنَا في رَمَضَانَ" (خرَّجه الإمام أحمد في مسنده).