تواكب القاصة والباحثة المغربية زهور كرام مسارها الإبداعي المميز، وذلك بإطلاق عمل قصصي جديد عن منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب، موسوم بعنوان "مخاتلة مولد الروح" في أربع وخمسين صفحة من الحجم الصغير. يتضمن الكتاب عددا من النصوص القصصية المميزة التي تقدر بحوالي عشرة نصوص هي على التوالي "أومضة "، "حديث الموت "، "أنين الوشم "، "بحر الرفاعي "، "عند عتبة الدار" " نار"، "عايشه"،"حدث في شارع المقاومة"،" حلم"، و"مولد الروح "، وهي عناوين، كما هو ملاحظ من خلال تركيبتها اللغوية والدلالية، تحيل في غالبيتها على جوانب الروح وما يتعلق بها من خصائص ومعادلات ومؤشرات مثل الحلم، الموت، الأنين، الألم والأمل. وقد عكفت الكاتبة، طيلة النصوص، على مساءلة عالم الإنسان المليء بالمفاجآت والآلام، بالرغم من الطابع الحكائي المشفر الذي اختارته، لأن الحكاية في النص، أي نص، لا تمنحه بالطريقة نفسها والمتميزة بالبساطة المعروفة التي تعودها متلق خامل، بل لا بد من معاركة اللغة التي تتفاوت بين البساطة والصعوبة، وبين المجاز والتقرير. فالمؤلفة في هذا الكتاب تحفر في الذات قصد سبر ما يختزل في داخلها من مآس، وما يتعلق بها من أدران داخلية، في ما يشبه الرغبة في تطهير العالم، الذي يبدومنذ اللحظة الأولى كأنه الغاية القصوى من النص. وليس القصد هنا أن يحكي الرواة قصصهم بل أن يطرحوا أسئلة تظل تحلق في ذهن المتلقي، وليس لها طبعا إجابات جاهزة في النص لان الإجابات تكمن في مخيلات القراء هنا وهناك، ومع ان العنوان الرئيسي يشي بمولد الروح المحال على الاستمرار والخلود، فإن رائحة الموت تملأ كل مكان في النص. في هذا الكتاب تتحول الكاتبة من قاصة إلى محللة نفسية أو اجتماعية من أجل تشخيص خلل ما يبعثر رؤى الذات في علاقاتها المتوترة بالعالم الخارجي. ولعل التأمل البسيط في تركيبة العنوان تفضي إلى هذا النوع من الانطباع: فمولد الروح في إقصاء دلالي للجسد دليل على مقاومة من نوع خاص للاضمحلال الذي ساد المظاهر الخارجية، في مختلف تفصيلاتها، بما فيها الجسد الآدمي. وبما أن الجسد ثقافة، فالكاتبة عبرت بالروح عن القيم السامية التي يجب أن تسود كي يظل العالم إنسانيا.