مسجد "عصمان" من أقدم الآثار الإسلامية في مدينة بنغازي ولا يوجد له شبيه سوى مسجد "محمد علي" في القاهرة من حيث التصميم والطراز والزخرفة، ولكنه يعاني الإهمال ويحتاج إلى ترميم. وقد أطلق عليه الرحالة العربي عثمان الحشائشي حين جاء إلى بنغازي نهاية القرن ال19 جامع الحنفية، كون الدولة العثمانية كانت تتبع المذهب الحنفي خلافا لأغلب مساجد بنغازي القديمة. وقال عنه الباحث الإيطالي قازريسيبيانا في كتابه "المعمار الإسلامي في ليبيا" إن "هذا المسجد مستلهم من الطراز العثماني". ويحتوي المسجد على شعرة من شعرات الرسول الكريم وكانت تفتح أبوابه في المناسبات الدينية لزيارة الشعرة، كما يقول الخبراء في الآثار. غير أن وضعه الحالي حسب وصف إمامه إسماعيل العماري مأساوي، وذلك جراء الإهمال والتسيب من قبل مؤسسات الآثار والأوقاف وإدارة المدن التاريخية القديمة، وقد أدى ذلك إلى تهالك وتصدع معظم جدرانه، وبات تحت تهديد التقلبات المناخية وفي حاجة إلى ترميم ليصمد مزيدا من الزمن. وتعليقا على أهميته أوضح أستاذ الآثار الإسلامية القديمة بكلية الآداب جامعة قاريونس جمعة كشبور، أن المسجد كان قطعة أرض فضاء شيد بها مسجد أطلق عليه "بوقلاز" عام 1740 م. وأشار كشبور إلى أن تخطيط المسجد يختلف عن المساجد السابقة له، وقد أثر في شكل المساجد لاحقا، كما أن هناك تشابها بين طراز مسجد "عصمان" ومخططات المساجد العثمانية في إسطنبول وأزمير. وذكر كشبور أن "المسجد كان متواضعا في بنائه ولا نملك وثائق إن كان مثل بقية مساجد المدينة، غير أنه استمر لمدة مائة عام في أداء رسالته الدينية إلى أن حضر والي متصرفية بنغازي رشيد باشا أواخر القرن التاسع عشر بعد وصوله سدة الحكم عام 1882 ميلادية". وأضاف أن "أفضاله كثيرة على المدينة، وقد اختار هذا المسجد لإعادة بنائه من جديد على الوضع القائم عليه حاليا ليتحول الاسم نسبة إلى مؤسسه من "بوقلاز" إلى مسجد "رشيد باشا"، وإن عُرف بين أهالي المدينة باسم "عصمان" لوقوعه بشارع تقطنه عائلة بنغازية قديمة بهذا الاسم".