فمدينة سكيكدة مثلا اتخذت حالات الانتحار فيها منعرجا خطيرا حيث أصبحنا نسمع بين الحين والآخر أن هناك من أقدم على الانتحار شنقا أو حرقا أو بتناول مادة سامة، لكن ما يجعل هذه الظاهرة خطيرة هو أننا أصبحنا نسمع بإقدام رجل طاعن في السن على الانتحار، أو إقدام رجل ميسور الحال على الانتحار أو نسمع بأن رجل أمن قد وضع حدا لحياته، أو حتى إقدام فرد مثقف ذي مستوى جامعي على إزهاق روحه، حيث تم تسجيل 24 حالة ما بين محاولات الانتحار والانتحار الفعلي على مستوى كامل تراب الولاية، فقد وضع خمسة أفراد حدا لحياتهم هذه السنة فيما تم إنقاذ 19 فردا من الموت الحقيقي بعدما حاولوا الانتحار، مستعملين عدة وسائل من الشنق إلى الحرق إلى القفز من شرف العمارات وحتى تناول الأدوية والمواد السامة، وكل هذه ظواهر تطرح عدة تساؤلات وتستدعي إيجاد سبل للخروج بحلول إيجابية للحد من هذه الظاهرة. تعددت الوسائل.. والمصير واحد فهذا شاب يضرم النار في جسده ويموت حرقا بعد مصارعته الآلام التي سببتها له حروق من الدرجة الثالثة، وبمثل هذه الطريقة قام مؤخرا فقط شابان بإحراق نفسيهما أحدهما أنقذ في آخر لحظة بعد تفطن جيرانه لكن الآخر توفي، وهذا رجل أمن لم يستطع مقاومة مشاكله المهنية والعائلية فلم يجد سبيلا إلا لف حبل الموت على رقبته ليستخرج بصعوبة من شقته الكائنة برمضان جمال بعد مرور ثلاثة أيام على موته. وبنفس الطريقة أقدم كهل في الخمسينيات من العمر على الانتحار بعد صراع مع مشاكل اجتماعية وعائلية لم يستطع تحملها فعلق جسده بحبل في شجرة بإحدى ضواحي بلدية بين الويدان. أما الحادث الذي اهتزت له بلدية رمضان جمال فهو انتحار شيخ في السابعة والستين من العمر حيث وجد معلقا في جهاز التكييف بالطابق الأول لفيلته، وفي بلدية الحروش تم إنقاذ شاب في 39 من العمر بعدما ألقى بنفسه من الطابق الأول، حيث لم تكن إصابته خطرة وتم إسعافه ونقله إلى مستشفى الحروش. أما بالنسبة للفتيات فإنهن في الغالب يلجأن إلى الانتحار بتناول مواد سامة، وهذا ما حدث مع الشابة التي تم إنقاذها من الانتحار ببلدية بن عزوز بعدما تناولت مادة سامة وذلك في شهر جوان الماضي، ومؤخرا فقط تم إنقاذ شابة من الانتحار بحي مرج الذيب بسكيكدة بعد تناولها مادة الجافيل، حيث حولت إلى مصلحة الإنعاش بمستشفى سكيكدة ولحسن الحظ تم إسعافها، وهكذا سواء أكانت الوسيلة شنقا أو حرقا أو رميا من مكان عال، أو بتناول مادة سامة فإن النتيجة لا شك هي واحدة وهي الموت المحقق وإن لم تفلح العملية فلا شك أن أثرها سوف يترك بصماته في نفسية الفرد لمدة طويلة. وعن رأي الدين الإسلامي في انتشار هذه الظاهرة استشرنا مسؤولا بمديرية الشؤون الدينية حولها وأدلى لنا بالتصريح التالي: الروح ملك لله سبحانه وتعالى وليس لأحد الحق في إزهاقها وإن كان الشخص ذاته، ولذلك حرم الإسلام على الإنسان أن يقتل نفسه حيث قال تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما"، بل ذهب الإسلام إلى أبعد من ذلك فحرم على الإنسان أن يعرض نفسه للمخاطر فقال سبحانه وتعالى: "فلا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"، والإسلام يرى في الانتحار افتئات على الله سبحانه وتعالى وهروب من التكاليف الشرعية. أما عن رأي علم النفس فقد أكدت المختصة النفسانية بالمؤسسة الاستشفائية لسكيكدة بأن أغلب أسباب الانتحار تعود إلى عوامل اجتماعية وبالأخص الأسباب العائلية المتمحورة خصوصا حول التفكك الأسري وانعدام الأمان والعاطفة والمشاكل والمشاحنات بين الوالدين، هذه المشاكل مجتمعة قد تهز وتزعزع من استقرار الفرد النفسي مما يدفعه إلى التفكير في إنهاء حياته.