جاءت غزوة بدر والمسلمون غير أقوياء, لا يستطيعون مواجهة القوة الغاشمة، وبعد أن بذل المسلمون أقصى ما يستطيعون تدخلت النصرة الإلهية لدعم المسلمين بالملائكة لتنتهي المعركة بانتصار الضعفاء في مواجهة الأقوياء؛ تعبيرا عن طلاقة القوة الربانية وعدم محدوديتها في نصرة المؤمنين تحت أي ظرف من الظروف. ومع هذا الدعم غير المحدود, فإن الحق سبحانه يضع منهجا للوجود الإسلامي, يقوم على حقائق الواقع وموجبات الابتلاء والاختبار, فالواقع تحكمه القوة بجوانبها وألوانها المختلفة, والابتلاء أو الاختبار يفرض الصبر والبذل والتضحيات إلى أقصي مدي. إن النصر في المعركة - أية معركة - لا يأتي عرضا أو اعتباطا، ولكنه يأتي بناء على مقدمات وأسس, ومن هذه المقدمات والأسس: بناء القوة في كل صورها المادية والمعنوية. فبدون بناء القوة الشاملة لا يتحقق النصر والتفوق, والذين يظنون أن الإيمان وحده يكفي, لم يفهموا المسألة علي وجهها الصحيح؛ لأن الأخذ بالأسباب ضرورة, والإعراض عنها قدح في الشرع، وبدون الأسباب المشروعة لا يتحقق شيء. ومن المؤكد أن المسلمين يملكون طاقات كبيرة وقوى عظيمة, لكنهم أهملوها, فضلاً عن إهمال الإيمان وموجباته من إخلاص لله, وتعامل بالأخوة والمودة والعدل والمساواة في المجتمع الإسلامي.