تحدث رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، عن حكم قضائي أصدرته محكمة جنايات سكيكدة في ماي المنصرم والمتعلق بإصدار عقوبة الإعدام في حق ثلاثة أشقاء متهمين بارتكاب جناية القتل العمدي. ورأى قسنطيني أن الحكم مبالغ فيه جدا ودعا الى إقرار بطلانه من طرف المحكمة العليا التي حول إليها الملف. وقال المتحدث أمس في اتصال مع "الفجر" أنه لم يطلع في حياته كمحام على حكم مماثل، واعتبر أنه ليس إنسانيا ولا منطقيا إصدار حكم بالإعدام على ثلاثة أشخاص في قضية واحدة. وإن كان قسنطيني قد أكد على أن كلامه لا يستهدف القضاة ولا أحكامهم التي يصدرونها حسب ضمائرهم فإنه رأى ضرورة إقرار بطلان الحكم، حيث توجد القضية على مستوى المحكمة العليا. وقانونا فإن إصدار حكم مماثل حتى وإن كان نادرا يعتبر أمرا ممكنا إذا كانت الجريمة المرتكبة شنعاء ويتوفر فيها عنصر سبق الإصرار والترصد. وفي ذات السياق، أكد القاضي موسى بوصوف أن صلة القرابة لا تمنع من إصدار نفس الحكم على الأشقاء إذا هم تورطوا في نفس الجريمة مع التخطيط المسبق لها، واستدل بأن العقوبة نفسها تصدر في القضايا المماثلة على الفاعل الرئيسي والشريك، وتختلف درجة المسؤولية فقط إذا تورط أحد في جريمة بفعل القيام بالتحضير لها، مشيرا إلى أنه من الممكن جدا الحكم بالإعدام على ثلاثة متهمين في قضية مماثلة دون أن تتوفر لديه صلة القرابة وأن الأحكام القضائية تصدر حسب الوقائع فقط. وأكد المتحدث في اتصال مع "الفجر" أن هناك مبدأ يتعلق بعدم وجود قضية جنائية تشبه تماما قضية أخرى، وحتى إن تشابهت الوقائع والأطراف والظرف المكاني فإنه يكون دائما تفصيل آخر يحدث الاختلاف بين قضية وأخرى، وهو ما قد يفسر ندرة حكم من هذا الحجم، وأنه قانونا يبقى الأمر ممكن. وكان فاروق قسنطيني قد استغرب خلال حصة "لقاء الخميس" للإذاعة الوطنية الثانية إصدار حكم الإعدام ضد ثلاثة أشقاء وقال إنه أمر حساس وخطير. وجاء ذلك في سياق حديثه عن ضرورة خروج السلطات القضائية من التناقض المتمثل في الإبقاء على عقوبة الإعدام مع تجميد تنفيذها، فرغم مرور أكثر من 15 سنة على قرار تجميد عقوبة الإعدام في الجزائر مايزال القضاة يصدرون هذا الحكم على عشرات الأشخاص، وبلغ عددهم حاليا 200 شخص محكوم عليه بالإعدام. وقال قسنطيني أنه يرغب أن تكون الجزائر أول بلد عربي ومسلم يلغي هذه العقوبة التي قال إنها تتنافى وحقوق الإنسان. وفي السياق ذاته، انتقد الأطراف الداعية الى الإبقاء على عقوبة الإعدام تطبيقا للشريعة الإسلامية، وقال إنه "إذا كانت الشريعة لا تطبق في أمور كثيرة ونحن بلد مسلم، لماذا نركز على تطبيقها في هذا المجال؟!". وأكد قسنطيني الذي قال إنه ليس من اختصاصه التحدث في أمور الشريعة على ضرورة الإلغاء الكامل لعقوبة الإعدام.