"إن أحد الاسباب التي أنا عاطل بسببها الآن وكنت عاطلا من جرائها منذ سنين، هو ببساطة أن لي أفكارا تختلف عن أفكار السادة الذين يمنحون وظائف للذين يفكرون على شاكلتهم". الفنان العالمي فنسنت فان جوخ يقول هذا.. وأنا أيضا أقوله، وكثيرون غيري يقولونه أيضا.. كلنا على وعي تام بانتشار يقين أن كل من أصيب بميزة ما.. بكفاءة ما.. بقدرة ما على تغيير الاشياء يتعرض للجلد بحزام الإلغاء .. فالرداءة والعقم والجشع وغير ذلك من المواصفات المنحطة أصبح لها حراسها وحماتها المدججون بكل أسلحة الدفاع عنها.. كل ما يقوم به الإنسان يشعر كأنما يلامس به جسدا ميتا... أو يخاطب صخرا.. نحن نعيش اليوم في مجتمع منفتح.. صحيح، ولكن على جميع أشكال الفوضى.. مصوب نحو الانسداد والغموض .. فهل نحن بلد يستحق كل هذا الغبن وهذه الأزمات؟.. لماذا تتغير الدنيا ويتغير العالم من حولنا ونحن هنا في جمودنا قابعين، في مكاننا حابسين نحفر ونحفر ونحفر كي ننغرس فيه إلى الأبد .. لم هذا العجز عن الحركة؟ عن التبديل؟عن تجريب أشياء أخرى؟ واقع آخر؟ أفكار أخرى؟.. انتخابات تأتي وتذهب، دساتير تقرر وتعدل. حسنًا وماذا بعد؟.. موضع الخلل في حياتنا باق على حاله ولن يطاله أدنى مس وإن تغير لون السماء وتحول موقع الشمس وانقلب وضع الليل والنهار، لما تغيرت أو تحركت شعرة فينا .. كل ما أنجزناه أننا سنظل فرجة طبيعتنا.. يتسلى بمشاهدتنا بحرنا وجبالنا وحشيشنا.. تضحك علينا حيواناتنا.. يسخر منا جمادنا.. وسنواصل خروجنا كل يوم لنمثل ونتصنع الحياة والبطولة في مسرحية بلا نص وركح بلا شخوص .. ولكن لا يهم ذلك ما دامت بناية المسرح موجودة بكل أناقتها وديكورها. الحمد لله أن هناك تغيير في حالة الطقس وقد صار مبالغا فيه هذه الأعوام، ففي اليوم الواحد تتعاقب علينا الطقوس الأربعة، والحمد لله أن ثمة تغيير في الأسعار فهي ما عادت تحتمل نفسها أكثر من أسبوع على الاكثر، والحمد لله أن ثمة تغيير في محطات الحافلات.. والحمد لله على وجود الأعياد والمناسبات الدينية التي تلهينا.. وإن لفترة عن قرفنا اليومي..